النيران أتت على كل البضاعة التي استوردها أصحاب المحال المحترقة لموسم رمضان.. تاجر: خسايرنا بالملايين.. بس الحمد لله ماحدش مات وربنا يعوض علينا بينما كان العمال يجهزون ويفرشون المحال التجارية، بعد استيراد وتصنيع عدد كبير ضخم من الملابس الجاهزة، استعدادا لموسم شهر رمضان وعيد الفطر المبارك، الذي يشهد إقبالا غير عادي من المواطنين، لشراء متطلباتهم ولوازم العيد، حتى أتت الرياح بما لا تشتهي السفن، حريق مروع ضخم يضرب قلب الموسكي والجمالية، فجأة عقب صلاة الجمعة، وتحديدًا في أول حارة اليهود، التي تضم المئات من المحال التجارية التي تعمل في مجال الملابس الجاهزة لكل الأعمار، وكذا لعب الأطفال وخلافه. الحريق الذي دمر عمارة الشابوري والعمارة الملاصقة لها، بما بينهما من ممر ضيق طويل، يتفرع منه ممران آخران، جميعها قضت النيران عليها، لم يتبق منها سوى لفظ الجلالة "الله"، على لافتة حديدية موضوعة أعلى عمارة الشابوري، مكتوب عليها بشكل كبير«بسم الله ما شاء الله ولا قوة إلا بالله». يشرح الحاج الحريق الذي دمر عمارة الشابوري والعمارة الملاصقة لها، بما بينهما من ممر ضيق طويل، يتفرع منه ممران آخران، جميعها قضت النيران عليها، لم يتبق منها سوى لفظ الجلالة "الله"، على لافتة حديدية موضوعة أعلى عمارة الشابوري، مكتوب عليها بشكل كبير«بسم الله ما شاء الله ولا قوة إلا بالله». يشرح الحاج أمير، يمتلك نجله محل عطور، في الممر الضيق الذي التهمت النيران جميع ما فيه، موضحا: "ابنى لسه شاري مواد تصنيع، عشان الشهر ده بالنسبة ليهم موسم، لكن موسم إيه، كله راح في الأرض". واتفق معه أحد الأشخاص وشهرته "تامر أبو أنور"، يمتلك فرشة لبيع الملابس في الممر الضيق، مشيرا إلى أنهم يتنافسون مع أولئك الذين يمتلكون محلات تجارية تقدر قيمتها بالملايين في الموسكى والجمالية، وكل ما يشغلهم الآن هو توفير مكان آمن لهم بعيدا عن ملاحقات الشرطة عقب الحريق المروع، لمزاولة نشاطهم من جديد، يتوقف الشاب الذي يبلغ من العمر نحو 38 عاما، عن الكلام قليلا، ثم عاود حديثه بكل أسى: "يرضى مين يا ناس.. والله ما يرضي مسلمين ولا مسيحيين ولا حتى يهود، إزاى الناس دى اللى شغلها وبضاعتها بقت تراب هتعيد وتحس بطعم العيد، جرينا كلنا عايزين نلحق نطفي الحريق، لكن النيران ماخلتش حاجة في طريقها وخدت كل حاجة في وشها". عرفت النيران طريقها نحو أموال أصحاب محلات عمارة الشابوري، والعمارة الملاصقة لها وكذا من يمتلكون فرشا تجارية ومخازن في الممر الضيق المؤدي لحارة اليهود، وضاعت ملايين الجنيهات، ممثلة في البضائع الموجودة بالمخازن، ولم لا فقد ملأ أصحاب تلك المحلات جميع المخازن بالبضائع استعدادا لذلك الموسم الذى ينتظرونه بين العام والثاني. على ما يبدو أن القدر كان لطيفا بالأهالي المنكوبين، فلم تسجل محاضر الشرطة سواء من رجال البحث الجنائي أو الحماية المدنية، أي حالات وفاة جراء الحريق المدمر، وهو ما استخلصته «التحرير» خلال حديثها في الثانية من فجر اليوم السبت، مع أحد أمناء الشرطة المنهكين المشاركين في عمليات الإطفاء، حيث أوضح خلال خروجه للحظات لالتقاط أنفاسه جراء الدخان «ماشفناش حد مات في الحريق، الحمد لله»، لم يكمل حديثه، إذ سرعان ما أشار إليه الضابط بإحضار سلم خشبى من أى مكان ليتمكن زميله من استقلاله والصعود عليه أعلى كوبري المشاة الواقع أمام العمارة، ويبعد نحو مترين أو ثلاثة أمتار عن عمارة الشابوري، محل الحريق. بالفعل وسريعا سريعا، أحضر الأهالي سلما خشبيا من أحد الأماكن، وتم وضعه أعلى كوبري المشاة الواقع أمام العمارة مباشرة، ليكون بمحازاة الطابق الثاني منها، لإتمام عمليات محاصرة النيران بداخله، إذ لم تهدأ ألسنة لهبه طوال الليل، ولم تفلح محاولات رجال الإطفاء في إخماده والتعامل معه بطريقة «الاقتحام»، وهي أول طريقة يتبعها رجال الإنقاذ في إخماد الحرائق، نظرا لعدم استطاعتهم الصعود إلى داخل العمارة حيث ضيق المكان. حالة الحزن كست وجوه الجميع، فالمئات لا حديث لهم إلا عن «لقمة العيش اللى راحت في الأرض»، الكل يتحرك لا موضع لقدم، في حى الجمالية، الجميع في دهشة وحزن ممزوج بأسى "كيف لحريق يستمر من الواحدة ظهرا وحتى قرب فجر اليوم الثاني؟». كان المشهد حزينا للغاية، ينم عن كارثة محققة ضربت قلوب السكان وأصحاب المصالح والمحلات التجارية، الجميع يراقب تحركات رجال المطافئ، وقلوبهم تعتصر وتتضرع ألما وغصة بسبب «البيوت اللي اتخربت»، قرب الثانية فجرا يخرج أمين شرطة ثالث مصابا بحالة اختناق، بسرعة يتم نقله بواسطة «ترولي» إلى أقرب سيارة إسعاف له موجودة بمسرح الأحداث، يتم عمل جلسة تنفس صناعي له، غير أنه تم منع التصوير والحديث معه، وذلك بسبب ما وصفه رجال الإسعاف والشرطة ب«تعليمات تمنعهم من الحديث». سنتر السني، أحد السنترات الكبيرة يقع داخل عمارة الشابوري المحترقة، أتت النيران عليه بالكامل، لم يبق بداخله سوى بضع «مانيكانات» حديدية التي يتم عرض موديلات الملابس عليها، لجذب الزبائن، فضلا عن احتراق وتدمير عشرات المحلات التجارية الواقعة بالممر التجاري الضيق جنبا إلى جنب عمارة الشابوري. يتحدث رجل عجوز، لم تفهم كلماته بشكل جيد قائلاً: «كله يهون ما دام الجسد باقي»، وحين اقتربت منه «التحرير» لاستطلاع أمره، علق قائلاً: «الحمد لله مافيش خساير في الأرواح.. الباقي بقى سهل»، وتابع الرجل صاحب الثياب المهلهلة: «هنفضل واقفين على رجلينا». من جهتها قررت نيابة الجمالية، برئاسة المستشار أحمد البردينى، تحت إشراف المستشار أحمد الأبرق محامى عام غرب القاهرة، بتشكيل لجنة فنية لحصر حجم التلفيات والخسائر فى حريق الموسكي، الذى نشب ظهر أمس الجمعة، واستمرت جهود السيطرة عليه إلى فجر اليوم السبت. وتسلمت النيابة إفادة بتقدير أولي لحجم الخسائر يرجح بين 30 و50 مليون جنيه، وأمرت النيابة بانتداب خبراء الأدلة الجنائية، لفحص مكان بداية الحريق وانتهائه، وتحديد سبب اندلاع النيران، والتحقق مما إذا كان ناتجا عن ماس كهربائي أم توجد شبهة جنائية وراءه. «ملايين كلتها النار».. تجار الموسكي يروون المأساة كيف قاد «بائع عسل» أخطر تنظيم إرهابي في مصر؟ مبلغ ضخم.. النيابة تكشف حجم خسائر حريق الموسكي