لا أحد ينسى شخصية (عبد الحميد دراز) التي جسدها الفنان الراحل نور الشريف، الأب الحنون الذي يخشى على أبنائه ويضحي من أجلهم، وكان «حضرة المتهم أبي» شاهدا على أفضل أدواره كأب «حقك على عينى يا ابنى يا نور عينى.. لجل الوفا بدينى لك عندى بعض كلام.. حقك على عينى يا ابنى يا نور عينى.. أنا كنت وحداني والدنيا واخداني.. عايز ونيس تانى يقاسمني فى الأحلام.. غريب وانا فى بلدى جبتك تكون سندي.. إنصفني يا ولدى اصبر على الأيام.. حقك على عيني يا ابنى يا نور عيني.. لجل الوفا بديني لك عندي بعض كلام».. تلك الكلمات التي كتبها الشاعر أحمد فؤاد نجم ولحنها الموسيقار ياسر عبد الرحمن وغناها مدحت صالح، والتي بمجرد سماعها نتذكر سريعًا الظلم الذي وقع على عبد الحميد دراز ونجله أحمد بمسلسل «حضرة المتهم أبي»، الذي نجح فى لمس قلوب المشاهدين. كانت كلمات الأغنية التي قدمها أحمد فؤاد نجم، كفيلة أن تدع المستمعين ينجذبون إلى متابعة المسلسل، وأسهم صوت مدحت صالح المليء بالشجن والإحساس في نقل حالة العمل إلى الجميع، فقد نالت تلك الأغنية التي عرضت في نهاية كل حلقة شهرة كبيرة لا تقل عن العمل ذاته، وأيضًا أغنية تتر البداية والتي تقول: «نازل وانا كانت كلمات الأغنية التي قدمها أحمد فؤاد نجم، كفيلة أن تدع المستمعين ينجذبون إلى متابعة المسلسل، وأسهم صوت مدحت صالح المليء بالشجن والإحساس في نقل حالة العمل إلى الجميع، فقد نالت تلك الأغنية التي عرضت في نهاية كل حلقة شهرة كبيرة لا تقل عن العمل ذاته، وأيضًا أغنية تتر البداية والتي تقول: «نازل وانا ماشى ع الشوك برجليا.. وانت السبب يابا يللي خليت بيا»، وأصبحت أغنيتا البداية والنهاية إحدى العلامات المميزة للمسلسل، مع قيام قناة (النهار دراما) بإعادة عرض «حضرة المتهم أبي»، ربما هذه فرصة جيدة للكشف عن أسرار وكواليس العمل الذي مر عليه 13 عاما. يعد مسلسل «حضرة المتهم أبي» واحدا من أهم الأعمال الدرامية التي قدمها الفنان الراحل نور الشريف، والتي نالت نجاحا كبيرا خلال عرضها فى رمضان 2006، واعتبرها البعض تعويضًا عن إخفاقات مسلسلي «العطار والسبع بنات» و«عيش أيامك»، وينطلق العمل من عند مدرس اللغة العربية (عبد الحميد دراز) الذي يحظى بحب الطلاب والمدرسين بالمدرسة، ينتمي إلى الطبقة المتوسطة ويسكن فى أحد المنازل البسيطة فى إحدى المناطق الشعبية، متزوج من (آمال) -الفنانة معالى زايد- ربة منزل. تصل القصة إلى ذروتها حينما يتعرض نجله (أحمد) ضحية للحاقدين عليه، من الطبقة الغنية، الذين قاموا بالاعتداء عليه وضربه، بسبب رفض إحدى الفتيات لولد من هذه الشلة لأجل (أحمد)، ويتم الضغط عليه لكي يتنازل عن المحضر، حيث تناول المسلسل الصراع بين الخير والشر متمثلا فى الطبقة المتوسطة التى ينتمى إليها هذا الشاب ابن المربي الفاضل (عبد الحميد دراز) الذي يحاول أن يعلم الأجيال القادمة الأخلاق والتربية الصحيحة، و(شلة) الشباب الفاسدة أبناء الأكابر. لنجد كيف يستخدم هؤلاء نفوذهم للضغط على الفقراء من أجل التنازل عن حقوقهم، وقد نجح المؤلف محمد جلال عبدالقوي، في استخدام كل أدواته وتقديم قصة من المجتمع وصلت سريعا إلى قلوب المشاهدين، وساعدته فى نقل هذه الصورة المخرجة رباب حسين، التي تستحق الإشادة عن هذا المسلسل الذي كان يمثل ثالث تجربة درامية لها بشكل منفرد. رباب حسين هى زوجة المخرج الراحل أحمد توفيق، وسبق تجربتها ب«حضرة المتهم أبي» عملها معه فى الكثير من الأعمال الدرامية كمخرج منفذ، وما لا يعرفه البعض أن أحمد توفيق كان مرشحًا لإخراج المسلسل بدلا منها فى البداية، ولكنه اعتذر عنه، وأسند مهمة الإخراج إلى زوجته، حيث قالت (رباب) فى تصريحات سابقة لها وقت عرض المسلسل، إن المؤلف محمد جلال عبد القوي عرض عليه المسلسل ولكنه اعتذر وطلب منها إخراجه، وعندما عرض المسلسل بكى من فرط إعجابه به، وشعر بأنه ظلمها عندما جعلها تعمل معه مساعد مخرج طوال هذه الفترة. اعتبر الفنان نور الشريف أن دور (عبد الحميد دراز) صالحه على التليفزيون، حيث قال فى حوار صحفى له سابق في أثناء عرض المسلسل: «أعتبر حضرة المتهم أبي من أهم أعمالي على الإطلاق، عمل جميع عناصره مكتملة، ولعل الورق صالحنى على التليفزيون مرة أخرى، بعد أن قررت أن لا أعود إلى الشاشة الصغيرة مرة أخرى»، وربما هذا القرار اتخذه «الشريف» بسبب النقد اللاذع الذي ناله بعد عدم نجاح مسلسله «عيش أيامك»، وعن ترشيح الفنانة معالى زايد لدور زوجته، فى أول لقاء لهما بالتليفزيون بعد عدة مشاركات سينمائية، يقول نور الشريف، إنه في أثناء قراءته السيناريو مع المخرج جلال عبد القوي والمخرج محمد فاضل، رشحها الأخير للدور، وتحمس كل من الشريف وعبد القوي. فيما اتهم مؤلف العمل محمد جلال عبد القوي، بالوساطة بعد مشاركة نجله أحمد جلال عبد القوي، بدور ابن الفنان نور الشريف، الذي اختلف المشاهدون حول أدائه والبعض وجد أنه إذا كان أسند هذا الدور إلى فنان شاب آخر، كان العمل قد نجح أكثر من ذلك، خاصة أن أداءه كان هادئا في كثير من المشاهد التي تحتاج إلى انفعال وتمثيل محترف، وفى لقاء ل(أحمد) دافع عن نفسه وأكد أنه يرفض وساطة والده، وقال إن هذا المسلسل استغرق من والده كتابة 4 سنوات، وكان دائما ما يقرأ آخر التطورات، وكان معجبا بدور (أحمد) وطلب من والده تقديمه، خاصة أنه خاض تجارب سابقة وصغيرة مع يحيى الفخراني فى «المرسى والبحار»، ولكن والده ترك القرار لكل من الفنان نور الشريف والمخرجة رباب حسين، اللذين وافقا بعد أن قدم مشهدا تمثيليا لهما. فيما كان «حضرة المتهم أبي» فرصة للكثير من المواهب الشابة، إيمان العاصي، زينة، مدحت تيخا، آيتن عامر، شريف سلامة، الذين أصبح بعضهم الآن من نجوم الصف الأول، وتألقت إيمان العاصي فى دور «نيجار» حبيبة «أحمد» البنت المرفهة التي تقع فى حب الولد الفقير، وقالت عن هذا الدور فى لقاء تليفزيوني لها مع برنامج «الليلة دي»: «نور الشريف كان مصمم إني أعمل الدور، ولكني اعتذرت وطلب مني أحضر البروفة، وسمعت الكلام وقعدت، المنتج ماكانش طايقني، لإني إزاى أرفض الدور، وفى لحظة تراجعت عن قراري بسبب إصرار نور الشريف، وحسيت إن الدور هيغير حياتي». ولا يختلف حال إيمان العاصى كثيرًا عن الفنانة زينة التي لعبت دور (هنا) ابنة أخت (عبد الحميد)، حيث قالت فى تصريح صحفى في أثناء عرض المسلسل، إنها كادت ترفض الدور بسبب خوفها الشديد منه، ولكنها وجدت أن الوقوف أمام نور الشريف فرصة لن تعوض، وقررت أن توافق على الدور بعد أن التقت شقيقة البواب التي كانت تعيش نفس ظروف (هنا) بالمسلسل قادمة من البلد إلى القاهرة لكي تكمل دراستها، واستوحت منها تفاصيل الشخصية، بينما تعتبر آيتن عامر أن دورها ب«حضرة المتهم أبي» كان بدايتها الحقيقية، خاصة أن الترشيح جاء من نور الشريف. وحكت الفنانة مديحة حمدي فى لقاء تليفزيوني سابق لها، عن كواليس تصوير أصعب مشهد لها بالمسلسل مع الراحل نور الشريف، في أثناء إخبارها بوفاة ابنته، حيث قالت: «كان المشهد هو بيقولى فيه إني بنتي اتقتلت والمفروض إني في نهايته سيغمى عليَّ وهو يضربني على وشى عشان يفوقني، واضطرينا نعيد المشهد مرتين، وأنا كنت عاملة جراحة فى الفم ومارضتش أقول للمخرجة، علشان أصور، وكان نور الشريف بيضربني على الجراحة، وبعد المشهد بكيت من الألم وأخبرتهم بوضعي الصحي». فى النهاية.. يبقى «حضرة المتهم أبي» خالدا فى تاريخ الراحل نور الشريف، وواحدا من أهم وأمتع أدواره الدرامية.