الخلافات بين الكنائس دائما ما تحدث بين الحين والحين.. وجاء بيان «الإنجيلية» بالمنيا عقب أزمة «كنيسة منشية الزعفرانة» ليكتب فصلا جديدا من الخلافات بينها وبين «الأرثوذكسية» يوم الجمعة الماضية نشبت أزمة في قرية منشية الزعفرانة بمحافظة المنيا، عندما اعترض مواطنون مسلمون بالقرية على صلاة مواطنين مسيحيين قداس عيد الميلاد في أحد الأماكن، وحاصروا المكان الذي تعتبره مطرانية المنيا «كنيسة مار جرجس»، إلا أن ما زاد الأحداث هو بيان صادر عن مجمع الكنيسة الإنجيلية المشيخية بالمنيا، يؤكد أنه لا يوجد في القرية كنيسة سوى الإنجيلية فقط منذ 100 عام، وهم يصلون بحرية تامة ويتمتعون بعلاقات طيبة مع المحافظة وجيرانهم، ما أعاد للذاكرة خلافات المسيحيين منذ 17 قرنا في الإسكندرية بالتحديد عام 317م، بين أتباع الكنيسة وأتباع أريوس. بيان الكنيسة الإنجيلية الذي وقع عليه القس مدحت زاهيان رئيس المجمع، والشيخ أشرف ناصح رئيس المجمع، أثار الجدل بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، حيث صرف النظر عن الأزمة الرئيسية بإغلاق مكان للصلاة للمسيحيين الأرثوذكس، ونقل الأزمة بين المسيحيين واعتذر نيابة عنهم القس أشرف نادي حبيب من مجمع الكنيسة الإنجيلية بيان الكنيسة الإنجيلية الذي وقع عليه القس مدحت زاهيان رئيس المجمع، والشيخ أشرف ناصح رئيس المجمع، أثار الجدل بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، حيث صرف النظر عن الأزمة الرئيسية بإغلاق مكان للصلاة للمسيحيين الأرثوذكس، ونقل الأزمة بين المسيحيين واعتذر نيابة عنهم القس أشرف نادي حبيب من مجمع الكنيسة الإنجيلية المشيخية بالقاهرة، على حسابه بفيسبوك، رافضا البيان ووصفه ب«المفاجئ». لم يتوقف الأمر عنذ هذا الحد، بل ما زاده سوءا، هو مداخلة هاتفية للدكتور القس إكرام لمعي، أستاذ مقارنة الأديان بالكنيسة الإنجيلية، لتأكيد البيان، والسخرية من الموقف مع مقدم البرنامج. ويوضح الكاتب والمفكر كمال زاخر ل«التحرير»، أنها «أزمة مصنوعة وليست عقائدية بل على النفوذ» .
المنيا محافظة التناقضات المنيا واحدة من المحافظات التي تشهد عدة تناقضات، فهي أكثر المحافظات تسجيلا للحوادث الطائفية، حسب آخر دراسة للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية حول الحوادث الطائفية بسبب بناء الكنائس (للمزيد: لجنة تقنين أوضاع الكنائس.. مع إيقاف التنفيذ)، كما تشهد تواجد نسبة كبيرة من المواطنين المسيحيين، وكذلك أنصار جماعة الإخوان، والجماعة الإسلامية، كما يتواجد بها جمعيات أهلية تعمل في التنمية على أرض الواقع، وتحقق إنجازات ملموسة، ولا تشهد المنيا أحداثا طائفية بين المواطنين المسلمين والمسيحيين فقط، بل بين المواطنين المسيحيين أنفسهم، وحدث ذلك في أكثر من موقف ترصد «التحرير» أبرزها. صراعات المسيحيين في المنيا الخبر المعتاد، هو وقوع أحداث طائفية بسبب اعتراض مجموعة من المواطنين المسلمين على بناء كنيسة في إحدى قرى المنيا، لكن غير المعتاد كان نشوب أزمة بين المواطنين المسيحيين الأرثوذكس والمواطنين الإنجيليين في المنيا، ففي فبراير 2018، بعد أن وقع بينهم صدام على أحقية كل كنيسة وأتباعها بكنيسة في أبعدية بني محمد سلطان، وقتها تبادلت الكنائس البيانات حول أحقية كل واحدة بهذا المكان الذي صدر حكم قضائي في 26 أبريل 2017، باستخدام المكان كقاعة مناسبات لجميع الطوائف المسيحية في البلدة. عندما حاول الأرثوذكس، مساء يوم 6 فبراير 2018، تشوين مواد للبناء قرب الكنيسة، اعترض راعي الكنيسة الإنجيلية فقام بإبلاغ الجهات الرسمية فى صباح 7 فبراير، واحتوى الأمن الأمر، وتم التنسيق بين الأطراف، واقترحت الجهات المعنية الاجتماع في مكتب المأمور، وقبل وصول الأطراف إلى مكتب المأمور، تجمهر الشباب الأرثوذكسي، وبدأ فى هدم المكان بلودر، بادعاء أن المكان أرثوذكسى، وتعرضوا لراعى الكنيسة القس أسامة مكرم وزوجته، فتم عمل محضر رسمى بذلك، وتم العرض على النيابة فى مساء اليوم نفسه، وفقا لبيان الكنيسة الإنجيلية وقتها عن الحادث. واقعة أخرى تشهد على الصراع بين الأرثوذكس والإنجيليين، ففي نهاية يناير 2016، توفي عروسان في ليلة زفافهما خنقا بالغاز، ينتميان للكنيسة الإنجيلية التي أتما الزواج فيها، ولأن قس القرية الإنجيلي لم يكن موجودا وقتها، طلبت أسرة المتوفين الصلاة عليهما، ورفض وقتها كاهن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في قرية اتليدم بالمنيا، الصلاة على العروسين، وأثارت تلك الواقعة الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي لفترة طويلة. فيديو مكاريوس ضد الإنجيليين والكاثوليك لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل وجه مكاريوس انتقادات للكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الإنجيلية، وقال نصا: «احنا قاعدين في حالنا في مصر من القرن الأول لحد القرن ال19، وبعدين فوجئنا الكاتوليك جايين مع الحملة الفرنسية وبدأوا يتطفلون على الأقباط وياخدوا شكل الأقباط وطقس الأقباط ويعملوا كنائس قبطية كاثوليكية، كل عدد الكاتوليك 160 ألفا، عارفين عندنا في المدينة كام؟ 118 ألف أرثوذكسي، في المدينة فقط وليس كل الأبروشية، البرتستانت والكاتوليك جم مع الاستعمار، مع الحملة الفرنسية والحملة الإنجليزية، كانوا جايين يعملوا ايه معرفش، معرفوش يعملوا اللي جايين عشانه فاشتغلوا على الأقباط، عدد البروتستانت 500 ألف والكاتوليك 160 ألفا، وعدد الأقباط الأرثوذكس من 17 ألى 21 مليونا، وعدد الكنائس 3600، منها ألف للبروتستانت بس، يعني النص مليون ليهم ألف، وال18 مليونا ليهم 2500، علامة استفهام». تاريخية خلافات المسيحيين قد يعتقد البعض أن الخلافات الحالية بين الكنائس في مصر، وليدة العصر الحديث، فإن لها تاريخا قديما، ففي القرون الثلاثة الأولى للمسيحية لم تعترف الإمبراطورية الرومانية بالمسيحيين ودياناتهم، وتعرضوا للاضطهاد على فترات، أبرزها كان في السنوات الخمس الأخيرة من حكم الإمبراطور دقلديانوس (284- 305)، وعندما جاء الإمبراطور قسطنطين للحكم، اعترف بالمسيحية كديانة شرعية بجانب اليهودية والوثنية في الإمبراطورية عام 313م. لم تمر 4 سنوات على الهدنة التي اتخذتها الإمبراطورية تجاه المسيحيين، حتى نشبت معارك في الإسكندرية بين أتباع القس السكندري أريوس، وأتباع البابا، بسبب أفكار أريوس التي أعلنها وأصبح له مؤمنون بها، على عكس التعاليم الرسمية للكنيسة، ومع اشتداد الخلافات دعا الإمبراطور قسطنطين لعقد أول مجمع مسكوني في تاريخ الكنائس بمدينة نيقية عام 325م وحضره 318 أسقفا من كافة الإمبراطورية وانتهى بالحكم على أريوس وأفكاره بالنفي، إلا أن الخلافات لم تتوقف. هل مجلس كنائس مصر صوري؟ في أوقات الشدة والاضطهاد يتناسى المسيحيون خلافاتهم المذهبية، وعندما يشعرون بتحسن الأحوال تطفو على السطح الخلافات بينهم، ففي عام 2012، تولى الرئيس المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي السلطة في مصر، وبدأ الإخوان بخطاب عدائي تجاه المواطنين المسيحيين، بعدما أشاروا إلى أن المتظاهرين أمام قصر الاتحادية أغلبهم أقباط لتحويل الصراع السياسي إلى طائفي وديني. وفي فبراير 2013، دشن رؤساء الكنائس الخمس في مصر (القبطية الأرثوذكسية، الكاثوليكية، الإنجيلية، الروم الأرثوذكس، الأسقفية الأنجليكانية)، مجلس كنائس مصر الذي تجمعت خلاله كلمة الكنائس في مواجهة الإخوان، إلا أنه بعض فض رابعة والنهضة في أغسطس 2013، بدأ دور المجلس يتراجع، ولم يعد ينل اهتمام رؤساء الكنائس كما حدث في وقت حكم الإخوان، بل ازدادت بعدها المناوشات بين اتباع وبعض قيادات الكنائس.