"عبد البر" و"عصفور" و"سكر" و"محروس" و"الأستاذ حكم" و"الشيخ يونس" و"ياسين عبد الجواد".. عبد المنعم إبراهيم هو كل تلك الشخصيات المتنوعة والمميزة وغيرها في 24 ديسمبر 1926، ولد الفنان عبد المنعم إبراهيم، لأسرة تنتمي لقرية ميت بدر حلاوة بالغربية، والذي شُكّل وعية التمثيلي مبكرًا وهو في عمر التسع سنوات، حينما كان يصطحبه والده إلى مسرح علي الكسار، بعدما انتقلت الأسرة للقاهرة، مما دفعه لتقليده في المدرسة، ثم في المرحلة الثانوية التقى بزميله عبد المنعم مدبولي، وتشاركا معًا في تأسيس فرقة مسرحية للهواة، ومنها إلى مسرح إسماعيل ياسين ثم بالمسرح الحديث، وكان أول ظهور سينمائي له في العام 1951، من خلال فيلم "ظهور الإسلام"، ومن ثم انطلقت مسيرته السينمائية، وقدّم العديد من الأدوار الشهيرة، ومنها: عبد البر عبد الواحد - إسماعيل يس في الأسطول (1957) فيلم "إسماعيل يس في الأسطول" للمخرج فطين عبد الوهاب، من تأليف حسن توفيق والسيد بدير، وتدور أحداثه حول "رجب" الذي يتطوع في الأسطول الحربي سعيًا وراء التعجيل بالزواج من ابنة عمه، وإلى جوار "سُمعة" اثنان من الزملاء يساعدانه، وهما "منير" (أحمد رمزي)، وعبد عبد البر عبد الواحد - إسماعيل يس في الأسطول (1957) فيلم "إسماعيل يس في الأسطول" للمخرج فطين عبد الوهاب، من تأليف حسن توفيق والسيد بدير، وتدور أحداثه حول "رجب" الذي يتطوع في الأسطول الحربي سعيًا وراء التعجيل بالزواج من ابنة عمه، وإلى جوار "سُمعة" اثنان من الزملاء يساعدانه، وهما "منير" (أحمد رمزي)، وعبد البر (عبد المنعم إبراهيم) الذي لا يتحدث إلا بالعربية الفصحى. ومن بين المشاهد الكوميدية التي قدّمها عبد المنعم إبراهيم في الفيلم، مشهد يحاول فيه إقناع "الشاويش عطية" بضرورة حصول "رجب" على إجازة، فيقول له: "أنا لا أقول إلا الحق، رجب لم يتخلص نهائيا من ركوب الهواء، وعندما سمع الصفارة نط وفط وقفز"، فيرد الشاويش: "يا جدع أنا مابفهمش كلامك اسكت أنت"، فيرد بعبارته الشهيرة "يا لك من شنقيط". عصفور - سر طاقية الإخفاء (1959) فيلم "سر طاقية الإخفاء" للمخرج نيازي مصطفى، من سيناريو وحوار السيد بدير وعبد الحي أديب، والعمل هو البطولة السينمائية الأولى لعبد المنعم إبراهيم، وإلى جانبه توفيق الدقن، زهرة العلا، برلنتي عبد الحميد، وأحمد فرحات، ويدور حول "عصفور" الشاب الفاشل في عمله، والذي يعاني من الاضطهاد في منطقته، حتى يعثر على "طاقية" تخفي من يرتديها، فيقوم باستعمالها لخدمته، لكن يكتشف عدوه "أمين" السر، ويسرق الطاقية ويستخدمها ضده. فتافيت السكر - سكر هانم (1960) فيلم "سكر هانم" للمخرج السيد بدير، من تأليف أبو السعود الإبياري، والعمل من بطولة عبد المنعم إبراهيم، كمال الشناوي، عمر الحريري، سامية جمال، عبد الفتاح القصري، وحسن فايق، وغيرهم، وخلاله قدّم إبراهيم شخصيته الأشهر على الإطلاق "سكر"، حيث يطلب منه صديقاه "نبيل" و"فريد" التنكر في شكل امرأة والتظاهر أمام الناس أنها عمة الأخير "فتافيت السكر"، ليتمكنا من دعوة حبيبتيهما إلى البيت، لتنقلب الخدعة إلى مشكلة عندما تعود عمة فريد الحقيقية. وأدى عبد المنعم إبراهيم دور السيدة "فتافيت السكر" كأروع ما يكون، وقدّم عدة مشاهد كوميدية ما زالت محفورة في الأذهان، والمفارقة أن الدور كان معروضًا في الأصل على الفنان إسماعيل ياسين، ولكن صدر قرار بمنعه من أداء شخصية المرأة في السينما بعدما قدّمها من قبل في عدة أعمال، لذا رشح إبراهيم للدور، ولكن الأخير رفض في البداية المشاركة في "سكر هانم" خشية غضب أهله وأقاربه من أدائه لدور سيدة، لكن كمال الشناوي أقنعه بقبول الدور، فوافق، وأدى دور سيدة تركية بإتقان مجددًا في فيلم "أضواء المدينة" (1972) مع شادية وأحمد مظهر.
محروس - إشاعة حب (1960) فيلم "إشاعة حب" للمخرج فطين عبد الوهاب، سيناريو وحوار علي الزرقاني ومحمد أبو يوسف، من بطولة عمر الشريف، سعاد حسني، يوسف وهبي، وعبد المنعم إبراهيم، ويدور حول "حسين" شاب خجول، يحب ابنة عمه "سميحة"، لكنها لا تعيره أي اهتمام، وتحب ابن خالتها "لوسي" الذي يجيد الرقص والغناء، ولكن والدها "عبد القادر النشاشجي" يريد ابن شقيقه لابنته، فيرسم خطة ماكرة بأن ينشر إشاعة مفادها أن "حسين" على علاقة بهند رستم الممثلة الشهيرة، ويساعده في ذلك ابن شقيقته "محروس". يُقدّم عبد المنعم إبراهيم في الفيلم واحدًا من أشهر أدواره، حيث يستغل مهارته في تقليد الأصوات، ليُقلد صوت هند رستم، وأطلق الإفيه الأشهر في تاريخه "كده برضه يا سونة يا خاين، أحبك أعبدك، أموت في هواك"، كما يُقلد خاله أمام زوجته في التليفون، ليخبرها بأنه مشغول في العمل، لتفاجأ بعدها الزوجة بزوجها يدخل عليها المنزل بينما ما زال يحدثها في الهاتف من العمل.
الأستاذ حكم - السفيرة عزيزة (1961) فيلم "السفيرة عزيزة" للمخرج طلبة رضوان، من تأليف أمين يوسف غراب، ويدور حول المدرس أحمد، ويُجسده شكري سرحان، والذي يتزوج من جارته "عزيزة" وتُجسدها سعاد حسني، إلا أن الخلافات تنشأ بينهما بسبب مطالبته وزوجته لشقيقها "المعلم عباس الجزار" ويُجسده عدلي كاسب، بنصيبها في الميراث. ويُزامل أحمد "الأستاذ حكم"، ويُجسده عبد المنعم إبراهيم، وسانده في طمس جشع شقيق عزيزة، وتميز في هذا الدور بتحدثه بالعربية الفصحى مجددًا واستغلال ثراء كلماتها في إضحاك المشاهدين، وهو ما حدث بنجاح، وصار الدور من أشهر أدوار الراحل، كما صارت جملته الشهيرة "النجدة الغوث" من أشهر إفيهات السينما بالفصحى. الشيخ يونس - المراية (1970) فيلم "المراية" للمخرج أحمد ضياء الدين، من تأليف محيي الدين عارف، من بطولة كوكبة من النجوم، وهم نجلاء فتحي، نور الشريف، زيزي مصطفى، عادل إمام، عبد المنعم مدبولي، سمير صبري، حسن مصطفى، إبراهيم سعفان، وزوزو شكيب، بالإضافة لعبد المنعم إبراهيم، ويدور الفيلم حول موظف حكومي لديه بنتان جميلتان، الأولى لا تهتم بشيء سوى ملبسها وزينتها، الثانية اختارت الزواج من ابن عمتها، بينما يُجسد إبراهيم دور "الشيخ يونس" زميل الثانية بالمدرسة، ويعمل مدرسًا للغة العربية، ولكنه يُجيد أيضًا الإنجليزية والفرنسية واليونانية والألمانية. ونظرًا لتردد الابنة الأولى في اختيار الزوج المناسب، تحاول الثانية أن تقدّم "الشيخ يونس" لها كعريس، وفي جلستهما الأولى يُقدّم إبراهيم واحدًا من أشهر مشاهده، بإثبات كفاءته في العلوم التي يُجيدها، فيحول ألفية ابن مالك إلى الإنجليزية، ويتلو الألفية الكروية التي كتبها في علم الجغرافيا، ويقول جملته الشهيرة "ويسألونك عن أمريكا فقل هي بلاد الفبريكا، وإذا مررت بإيطاليا فسل عن المعكرونة والليمون الأضاليا"، وحينما سألته عن أملاكه قال: "نملك دارًا ودوارًا ودوارة ودردارة.. دارًا نسكنها، ودوارًا لبهائمنا، ودوارة أي ساقية تروي أرضنا، ودردارة أي طحونة". ياسين عبد الجواد - الثلاثية ثلاثية نجيب محفوظ وحسن الإمام السينمائية الشهيرة "بين القصرين" (1962)، "قصر الشوق" (1966)، و"السكرية" (1973)، والتي تدور حول عائلة "السيد أحمد عبد الجواد" عبر ذريته من الجيل الثاني والثالث، والتي تتمثل في كل من "ياسين" الابن الأكبر الفاشل متعدد العلاقات النسائية والذي أبدع عبد المنعم إبراهيم في تجسيده، و"كمال" الابن الأصغر والذي جسده نور الشريف، وأولاد البنتين "عائشة، خديجة"، في سن الشباب والتحولات السياسية والاجتماعية وتأثيرها على نضجهم ومساراتهم الحياتية. "عبد البر" و"عصفور" و"سكر" و"محروس" و"الأستاذ حكم" و"الشيخ يونس" و"ياسين عبد الجواد".. عبد المنعم إبراهيم هو كل تلك الشخصيات المتنوعة وغيرها، لم يخطئ من اكتشفه ولم يُخذل أبدًا من آمن بفنه، حتى رحل في 17 نوفمبر 1987، رحل هو وإرثه الفني باقٍ.