70 % من جرائم الشرف لم تقع في حالة تلبس واعتمد من ارتكبها سواء كان الزوج أو الأب أو الأخ على الشائعات وسوء الظن.. وهو ما أكدته تحريات المباحث في 60% من هذه الجرائم في حالة من عدم التصديق، استقبل المصريون خبر تنفيذ مزارع حكم الإعدام على ابنته التي لم تتجاوز الخامسة عشر من عمرها في أسيوط، إذ قام ب"شنقها" عقابا على إقامتها علاقة غير شرعية مع أحد أقاربها، وادّعى انتحارها، قبل أن تكشف قوات الأمن ملابسات الواقعة. الفاجعة لم تكن في الحادث على قدر العقوبة، فقد نال الأب حكما بالسجن سنة مع الشغل جراء قتل قتل "فلذة كبده"، ما فتح الباب على أبشع القضايا التي تم تنفيذها من قبل وحازت على عقوبات مخففة باسم الشريعة واعتمادا على بعض مواد القانون. ولسخرية القدر فقد تزامن إعلان الحكم على الأب القاتل، مع ختام فعاليات حملة "16 يوم" لمناهضة العنف ضد المرأة، التى انطلقت لمدة 16 يوما بداية من يوم 25 نوفمبر وحتى يوم 10 ديسمبر الجاري. وتجري جرائم الشرف في إطار عائلي وغالبا ما يتم تمويهها لتظهر بمظهر حوادث، فلا توجد إحصائيات دقيقة حتى الآن، إلا أن هناك ولسخرية القدر فقد تزامن إعلان الحكم على الأب القاتل، مع ختام فعاليات حملة "16 يوم" لمناهضة العنف ضد المرأة، التى انطلقت لمدة 16 يوما بداية من يوم 25 نوفمبر وحتى يوم 10 ديسمبر الجاري. وتجري جرائم الشرف في إطار عائلي وغالبا ما يتم تمويهها لتظهر بمظهر حوادث، فلا توجد إحصائيات دقيقة حتى الآن، إلا أن هناك إحصائيات عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية كشفت عن أن 92% من جرائم قتل السيدات التي وقعت في الفترة الأخيرة تندرج تحت ما يسمى بجرائم الشرف، التي يرتكبها الأزواج أو الآباء أو الأشقاء بدافع الغيرة على الشرف وغسل العار. وأوضحت الدراسة أن 70% من هذه الجرائم ارتكبها الأزواج ضد زوجاتهم، و20% ارتكبها الأشقاء ضد شقيقاتهم، بينما ارتكب الآباء 7% من هذه الجرائم ضد بناتهم، أما نسبة ال3% الباقية من جرائم الشرف فقد ارتكبها الأبناء ضد أمهاتهم. المثير للتساؤل أنه وفقا للإحصائية فإن 70% من جرائم الشرف لم تقع في حالة تلبس، واعتمد من ارتكبها سواء كان الزوج أو الأب أو الأخ على الشائعات وسوء الظن، وهو ما أكدته تحريات المباحث في 60% من هذه الجرائم، وبالتالي أصبح ضحايا جرائم الشرف سنويا من 900 ل2000 حالة. لم تكن حادثة أسيوط هي الأولى التي حدثت قبل نهاية 2018، ويحصل الأب على حكم مخفف، فمن قبل كان من أكثر الحالات الصارخة هي حالة وفاة الطالب عبد الرحمن، 14 عاما، بدمياط بعد العثور عليه مقتولا وعلى جسده آثار لضرب وكدمات متفرقة بالجسم، وكشفت التحريات أن هناك إصابات مماثلة بأماكن متفرقة لجسد شقيقي المجني عليه، وبمواجهة الوالد -مدرس بكلية طب الأزهر- أقر بضربه لأبنائه بسير موتور غسالة مثبت به مفك حديد لإحكام السيطرة عليه، ما أودى بحياة الطفل ووجود الطفلين في حالة حرجة. في بولاق الدكرور، وصلت علا، 5 سنوات، جثة هامدة وبها كدمات متفرقة بالجسد في الصدر والبطن والذراعين والساقين والجمجمة وجرح سطحي بالجبهة، وشهدت والدة المجني عليها، أن زوجها، عامل دليفري، هو من تعدى على الطفلة بالضرب مستخدما ماسورة مياه في أثناء مذاكرته لها، وباستدعاء المتهم اعترف بالتعدى على ابنته في أثناء معاقبتها على عدم المذاكرة وعمل الواجب المدرسي، إلا أن محكمة جنايات القاهرة قضت بمعاقبة الأب بالحبس سنة مع إيقاف تنفيذ العقوبة، وذلك لوجود إباحة شرعية فيما فعله المتهم، واستنادا إلى المادة 60 من قانون العقوبات التى تنص على أنه "لا تسرى أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملا بحق مقرر بمقتضى الشريعة"، وبالتالي القانون لم يضع مادة محددة لمعاقبة الآباء عند تجاوزهم في ضرب أبنائهم. كارثة المادة 60 تستخدم المادة 60 من قانون العقوبات أيضا في قضايا الختان، إذ قد يفترض أن ولى الأمر عرض ابنته لعملية الختان بحسن نية لاعتقاده أنه في مصلحتها فيتم استثناؤه من العقوبة، وأيضا الاغتصاب الزوجي فإذا أبلغت الزوجة عنه يتم استخدام المادة 60 باعتبار أن هذا حق للزوج. "مزارع فى صعيد مصر يقطع رأس ابنته بعد أن اكتشف أن لها حبيبا، ورجل آخر بكفر الشيخ يقوم بكهربة ابنته البالغة من العمر 17 عاما وضربها حتى الموت لأنها تلقت مكالمة هاتفية من حبيبها". جميع الحوادث السابقة حصل الأب على البراءة أو الأحكام المخففة مع إيقاف التنفيذ، بحكم الشريعة الإسلامية "المصدر الرئيسى للتشريع" كما ينص الدستور المصري. رئيس اللجنة التشريعية بمجلس النواب المحامي بهاء الدين أبو شقة، أطلق مؤخرا كتابا تحت عنوان "أغرب القضايا"، الذي سرد فيه أغرب 12 قضية ترافع فيها طوال سنواته المهنية كان من بينها قضية عنوانها "لقاء مع إبليس" قبل أبو شقة الدفاع في هذه القضية رغم علمه أن المتهم قتل أخاه مع سبق الإصرار والترصد، وكان سبب قبوله للدفاع هو ذلك الأب الذي فقد ابنه الأول وسيفقد ابنه الثاني الذي قتل أخاه وسيعدم، اعتمد أبو شقة في دفاعه على نية القتل لدى المتهم وعلى مبدأ ولي الدم، كما جاء فى القرآن، وأكد أن الأب صاحب وولي الدم لا يريد أن يقتل ابنه الثاني، وانتهت القضية بحكم المحكمة على القاتل 5 سنوات. المحامى أحمد مصيلحي، معلقا على الحكم سنة مع إيقاف التنفيذ يقول: "هذا يعني أن القاضى اقتنع تماما بالجريمة، لكنه استخدم مع الأب التخفيف باعتباره قتلا خطأ،" مشيرا إلى أن القوانين لا تطبق جيدا نتيجة عدم التعاون بين المركز القومى للأمومة والطفولة أو محاولاته التدريب والتطوير على التطور الذي طرأ على القانون مؤخرا، باعتبارها الجهة الوحيدة الحكومية المسئولة. واعتبر مصيلحي أن الجريمة ضد الطفولة، فوفقا لقانون الطفل الجريمة المرتكبة من قبل الأب أو الأم أو ولي الأمر عموما مثل المعلم ومدير المدرسة تضاعف ولا تخفف كما يحدث، وبالتالي في حالة الطفلة "منى" التي شنقت على يد أبيها، الحكم هنا قتل مع سبق الإصرار والترصد، عقوبته تصل إلى الإعدام، والحكم الذي حصل عليه الأب هو حكم غير قانوني بالمرة، خاصة أنها لم تتجاوز ال18 عاما وبالتالي العلاقة الجنسية هي فعل اعتداء واستغلال جنسي وليس فعل ممارسة من الطفل حتى يقال عليها جريمة شرف. القتل باسم المادة 17 المادة 17 في قانون العقوبات "التي تعطي الحق للقاضي النزول بالعقوبة إلى الدرجة الأدنى أو زيادة العقوبة للدرجة الأعلى"، هذه المادة وضعت في الأساس للسارق والمتعدي، فيخفف الحكم على سبيل المثال على سارق فقير، وليس تخفيفا لجرائم القتل التي يحاول البعض دسها تحت اسم جرائم الشرف، وحسب "مصيلحي" فهناك كارثة أخرى، هي أن التخفيف في الحكم يعتمد في المقام الأول على قناعات وثقافة القاضي ومدى تأثره بثقافة المجتمع. وبالتالي يستفيد الجاني من العذر المخفف في حالات جرائم الشرف، لا بل في بعض الأحيان من العذر المحل الذي يعفيه من أي عقوبة. المستشار الدكتور شكرى الدقاق، أستاذ القانون الجنائى، رئيس محكمة الجنايات، أعد دراسة عن المادة 17 من قانون العقوبات أكد فيها أن المادة 17 شكلت مشكلة حقيقية في جرائم العرض والشرف، لأنها تعطى للقاضي سلطة استعمال الرأفة في أقصى درجاتها عندما ينزل القاضي بالعقوبة درجتين عن العقوبة المقررة من الأصل، موضحا أن رأفة القضاة بتعديل العقوبة تكون على الوجه التالي: عقوبة الإعدام بعقوبة السجن المؤبد أو المشدد، عقوبة السجن المؤبد بعقوبة السجن المشدد أو السجن. وذكر الدقاق في دراسته عدة قضايا خاصة بالشرف واستخدم فيها الرأفة للرجل والقاتل، منها الدعوى رقم 4415 جنايات أول الزقازيق، التي انتهت المحكمة فيها إلى إدانة الجاني، وهو زوج خالة المجني عليها، وهى طفلة لم تتجاوز 8 سنوات وتكرر مواقعتها، بل أولج فيها على فترات متفاوتة وثبتت الجريمة بشهادة الشهود، ومع ذلك قضت بحبسه سنتين فقط، حيث إن المحكمة ترى من ظروف وملابسات الدعوى ما يدعوها إلى استعمال الرأفة. ()