مراكب الموت تحصد المئات من الأرواح البريئة خلال رحلات العذاب اليومية.. محامٍ يطالب بمعاقبة المسؤول عن منح التراخيص لعدم تكرار تلك الحوادث.. وآخر: 3 جهات تتحمل المسؤولية مشاهد الحزن والأسى ما زالت حاضرة، دموع لم تجف تسيل من أعين أسر الضحايا المكلومين على فلذات أكبادهم، ينتظرون لحظة خروج جثامين أبنائهم الذين ابتلعتهم مياه نهر النيل، لإلقاء نظرة الوداع عليهم قبل نقلهم لمثواهم الأخير. مراكب الموت أو نعوش عائمة -كما يلقبها البعض- تعد وسيلة نقل أساسية لكثير من قاطني المحافظات النائية بعيدًا عن صخب العاصمة، وذلك على مرأى ومسمع المسؤولين دون اهتمام بسلامة أطفال في عمر الزهور يستخدمون تلك الوسيلة يوميا في طريقهم إلى المدارس خاصة في بعض القرى التي تفتقر إلى وسائل نقل آمنة، مسجلة ضحايا أبرياء تاركين الحسرة والحزن لأسرهم. مراكب عفا عليها الدهر تمكن الوهن منها، باتت سببًا رئيسيا في حصد عشرات الأرواح ما بين رجال ونساء وأطفال، جُل خطئهم أنهم يعيشون في مكان تعد تلك الوسيلة هي الملاذ الوحيد لمباشرة نشاطهم اليومي في "رحلة الموت". الحادث المأساوي، الذي شهدته قرية كوم شريك بكوم حمادة بالبحيرة، اليوم الأحد، لن يكون الأخير، إذ مراكب عفا عليها الدهر تمكن الوهن منها، باتت سببًا رئيسيا في حصد عشرات الأرواح ما بين رجال ونساء وأطفال، جُل خطئهم أنهم يعيشون في مكان تعد تلك الوسيلة هي الملاذ الوحيد لمباشرة نشاطهم اليومي في "رحلة الموت". الحادث المأساوي، الذي شهدته قرية كوم شريك بكوم حمادة بالبحيرة، اليوم الأحد، لن يكون الأخير، إذ انقلب قارب يحمل 22 شخصا، قادما من المنوفية في نهر النيل، وتمكنت قوات الإنقاذ النهرى بمديرية أمن البحيرة من انتشال 17 شخصا بينهم جثة واحدة و3 مصابين، واستمرار عمليات البحث عن 5 مفقودين بواسطة الضفادع البشرية وعدد من الأهالي يجيدون السباحة، تم نقل الجثث والمصابين إلى مستشفى كوم حمادة العام. معدية الوراق لعل حادث "معدية الوراق" من أشهر الحوادث، بعد أن بلغت حصيلتها 36 قتيلا بينهم 20 طفلا، حسبما أفادت وزارة الداخلية آنذاك؛ نتيجة اصطدام مركبين أحدهما سياحي والآخر مركب تجاري. وفي عام 2016، تعرضت معدية بقرية سنديون التابعة لمركز فوه فى كفر الشيخ، بنهر النيل للغرق، نتج عنه غرق 15 مواطنا، وإصابة آخرين، وأكدت وزارة النقل أن المعدية لا تتبعها، وأنها مركب بمجداف دون موتور، ولا توجد في هذه المنطقة مراكب تابعة للوزارة سوى ثلاث فقط متحفظ عليها جميعا فى شرطة المسطحات المائية، بعد أن قامت هيئة النقل النهرى بإيقاف هذه المراكب الثلاثة؛ لعدم صلاحيتها للعمل في نهر النيل. وفي سوهاج، صرحت النيابة العامة بدفن جثمان طالب لقى مصرعه غرقًا، في أثناء عبوره معدية خشبية أعلى ترعة في قرية الشيخ مكرم، بعدما تلقى مدير أمن سوهاج، إخطارًا من مركز شرطة سوهاج بغرق شخص بترعة نجع عبد الله بناحية الشيخ مكرم، وتبين غرق "علي ياسر محمد"، 13 سنة، طالب في الترعة قبل انتشال الجثة، ونقلها لمشرحة مستشفى سوهاج العام. ودلت التحريات أنه وفي أثناء عبور الطفل الترعة أعلى معدية خشبية اختل توازنه وسقط فيها، ما أدى لغرقه، وبتوقيع الكشف الطبي على الجثة بمعرفة مفتش الصحة أفاد بأن سبب الوفاة "إسفكسيا الغرق"، ولا توجد شبهة جنائية. في 2013، انقلبت معدية كانت تنقل الركاب، بترعة المسيد بمركز قوص جنوبقنا، على متنها عشرات التلاميذ المتوجهين إلى مدارسهم، وتعاون الأهالي مع شرطة المسطحات المائية في سبيل استخراج وانتشال الجثث. فين القانون؟ المحامي شعبان سعيد، أشار إلى أن التهمة التي توجه إلى قائد المركب وصاحبه، هي القتل الخطأ، وغالبا لا تكون هذه المراكب مُصرح لها بالسير من الأساس، ولم تحصل على التراخيص المحددة. وأضاف "سعيد" في تصريحات ل"التحرير" أن المادة 238 من قانون العقوبات، نصت على أن: "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تجاوز 200 جنيه أو إحدى العقوبتين كل من تسبب خطأ في موت شخص آخر، وكان ذلك ناشئا عن إهماله أو رعونته أو عدم احترازه أو عدم مراعاته للقوانين والقرارات واللوائح والأنظمة". وأوضح المحامي أن المادة نصت أيضا على أن "تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على 5 سنوات وغرامة لا تقل عن 100 جنيه ولا تجاوز 500 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا وقعت الجريمة نتيجة إخلال الجاني إخلالا جسيما بما تفرضه عليه أصول وظيفته أو مهنته أو حرفته أو كان متعاطيا مسكرا أو مخدرا عند ارتكابه الخطأ الذي نجم عنه الحادث، أو نكل وقت الحادث عن مساعدة من وقعت عليه الجريمة أو عن طلب المساعدة له مع تمكنه من ذلك". تغليظ العقوبة ونوه بوجود حالات تغلظ فيها العقوبة بذات التهمة، إذ يكون الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على 7 سنوات، إذا نشأ عن الفعل وفاة أكثر من 3 أشخاص، فإذا توافر ظرف آخر من الظروف الواردة في الفقرة السابقة كانت العقوبة بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على 10 سنوات. ولفت المحامي شعبان سعيد إلى أن شرطة المسطحات المائية هي المسؤولة عن منح المراكب التراخيص اللازمة للسير، وفقا لاشتراطات فنية معينة، مشددا على أنه "للأسف لا نتحرك في مصر إلا بعد وقوع كارثة وبعدها يتم تطبيق كل العقوبات"، حسب تعبيره. من المسئول؟ وطالب المحامي بضرورة معاقبة المسؤول عن منح رخصة ذلك المركب -إذا كان مرخصا بالفعل- نظرا لتهالكه وسوء حالته التي لا تسمح بنقل المواطنين ما يعرضهم للخطر، موضحا أن العقوبة الخاصة بتلك التهمة عقوبة رادعة في ظرفها المشدد، لأن قائد المركب لم يقصد قتلهم، موضحا: "لو فيه متابعة وتفتيش على المراكب وفحص بلاغات عدم تراخيص المراكب ماكنتش وقعت الكوارث اللي بتحصل". من جانبه، قال المحامي محمد رشوان، إن شرطة المسطحات المائية وإدارة تراخيص المراسي بالمحافظة، وإدارة المسطحات التابعة لوزارة الري والموارد المائية، هي الجهات الثلاث المسؤولة عن منح تراخيص تلك المراكب، لافتا إلى أن النيابة العامة توجه إلى صاحب المركب وقائده بخلاف تهمة القتل الخطأ، اتهامات عدم وجود تراخيص، وتحميل أكثر من الحمولة، ونوه بأن المشكلة الحقيقية تكمن في تجديد التراخيص الخاصة بتلك المراكب، إذ تتدخل المجاملات والوساطات ما ينتج عنه وفاة الكثير من الضحايا.