سعر الذهب في مصر اليوم الاثنين 2-6-2025 مع بداية التعاملات    رفع درجة الاستعداد القصوى في الأقصر لاستقبال عيد الأضحى    روسيا تُحبط عملية تخريب للسكك الحديدية بأوامر أوكرانية شرق البلاد    3 ظواهر جوية تضرب البلاد.. تحذير جوى بشأن حالة الطقس: «ترقبوا الطرق»    بعد استقالتها من منصبها في الأمم المتحدة.. غادة والي تكشف أسباب القرار    لينك نتيجة الصف الرابع الابتدائي 2025 الترم الثاني بمحافظة القاهرة.. استعلم عنها بعد اعتمادها    أرملة إبراهيم شيكا ترد على أنباء مساعدة سعد الصغير للأسرة    أمين الفتوى: صلاة الجمعة لا تتعارض مع العيد ونستطيع أن نجمع بينهما    نصائح من وزارة الصحة للحجاج قبل يوم عرفة    وزير التجارة الأمريكي: ترامب لن يمدد تعليق سريان الرسوم الجمركية    هزة أرضية تضرب الجيزة.. وبيان عاجل من الهلال الأحمر المصري    مصرع وإصابة 15 شخصا في حريق بمركز تأهيل مدمني المخدرات بالمكسيك (صور)    وزير الخارجية الإيراني يزور القاهرة لبحث قضايا ثنائية وإقليمية    «هنقطع في هدومنا عشان زيزو!».. طارق يحيى يفتح النار على مجلس الزمالك    تعاون مصري إسباني لتطوير محاصيل الأعلاف المبتكرة في الوادي الجديد    المتهم الثاني في قضية انفجار خط الغاز بالواحات: «اتخضينا وهربنا» (خاص)    أشرف نصار: نسعى للتتويج بكأس عاصمة مصر.. وطارق مصطفى مستمر معنا في الموسم الجديد    أحفاد نوال الدجوي يتفقون على تسوية الخلافات ويتبادلون العزاء    هل حقق رمضان صبحي طموحه مع بيراميدز بدوري الأبطال؟.. رد قوي من نجم الأهلي السابق    "غير كده معتقدش".. أكرم توفيق يعلق على انضمام زيزو إلى الأهلي    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الاثنين 2 يونيو 2025    سعر التفاح والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الاثنين 2 يونيو 2025    وزارة الحج بالسعودية توجه تحذير لحجاج بيت الله الحرام بشأن يوم عرفة    ضحايا فى هجوم على مركز تجارى بمدينة بولدر بولاية كولورادو    "زمالة المعلمين": صرف الميزة التأمينية بعد الزيادة لتصل إلى 50 ألف جنيه    محمد أنور السادات: قدمنا مشروعات قوانين انتخابية لم ترَ النور ولم تناقش    4 إصابات في تصادم دراجة نارية بسيارة ربع نقل في الوادي الجديد    بدء التقديم الكترونيًا بمرحلة رياض الأطفال للعام الدراسي 2025 - 2026 بالجيزة    محمود حجازي: فيلم في عز الضهر خطوة مهمة في مشواري الفني    محافظ الشرقية يشهد فعاليات المنتدى السياحي الدولي الأول لمسار العائلة المقدسة بمنطقة آثار تل بسطا    شريف عبد الفضيل: رحيل علي معلول طبيعي    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة.. 10 كلمات تفتح أبواب الرزق (ردده الآن)    هل يحرم قص الشعر والأظافر لمن سيضحي؟.. الأوقاف توضح    أكرم توفيق: صفقة زيزو ستكون الأقوى إذا جاء بدوافع مختلفة.. وميسي "إنسان آلي"    رئيس قسم النحل بمركز البحوث الزراعية ينفي تداول منتجات مغشوشة: العسل المصري بخير    قد تسبب الوفاة.. تجنب تناول الماء المثلج    أستاذ تغذية: السلطة والخضروات "سلاح" وقائي لمواجهة أضرار اللحوم    المشدد 10 سنوات وغرامة 100 ألف جنيه لعامل لاتهامه بالاتجار فى المخدرات بالمنيا    التحالف الوطنى يستعرض جهوده فى ملف التطوع ويناقش مقترح حوافز المتطوعين    أحمد زاهر: تعرضنا لضغط كبير ضد صن داونز وهذه البطولة تعب موسم كامل    يورتشيتش: بيراميدز أصبح كبير القارة والتتويج بدوري أبطال أفريقيا معجزة    توقعات برج الجوزاء لشهر يونيو 2025 رسائل تحذيرية وموعد انتهاء العاصفة    «قولت هاقعد بربع الفلوس ولكن!».. أكرم توفيق يكشف مفاجأة بشأن عرض الأهلي    عماد الدين حسين: إسرائيل تستغل ورقة الأسرى لإطالة أمد الحرب    غلق مطلع محور حسب الله الكفراوى.. اعرف التحويلات المرورية    مين فين؟    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 2 يونيو 2025    ملك البحرين يستقبل وزير التنمية الاقتصادية لروسيا الاتحادية    شروط التقديم لوظائف شركة مصر للطيران للخدمات الجوية    هل صلاة العيد تسقط صلاة الجمعة؟ أمين الفتوى يكشف الحكم الشرعي (فيديو)    عدد أيام الإجازات الرسمية في شهر يونيو 2025.. تصل ل13 يوما (تفاصيل)    رئيس حزب الوفد في دعوى قضائية يطالب الحكومة برد 658 مليون جنيه    أخبار × 24 ساعة.. إجازة عيد الأضحى للعاملين بالقطاع الخاص من 5 ل9 يونيو    محافظ كفر الشيخ: إنهاء مشكلة تراكم القمامة خلف المحكمة القديمة ببلطيم    قبل العيد.. 7 خطوات لتنظيف الثلاجة بفعالية للحفاظ على الطعام والصحة    ختام امتحانات كلية العلوم بجامعة أسوان    وزير العمل يعلن موعد إجازة عيد الأضحى للعاملين بالقطاع الخاص    هل يمكن إخراج المال بدلا من الذبح للأضحية؟ الإفتاء تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفرعونية والقارونية والهامانية (3)
نشر في التحرير يوم 28 - 10 - 2018


د. مجدي العفيفي
وأما الهامانية -نسبة إلى هامان الذي أخبرنا عنه التنزيل الحكيم- فهي بمثابة الضلع الثالث للمثلث الذي يهلك كل مجتمع وكل أمة (الفرعونية والقارونية والهامانية) إذا اتخذتها سبيلا.. والهامانية التي هي محور هذه الحلقة، هي أكثر الظواهر وضوحا وأشدها إيلاما وأخطرها تأثيرا.. سواء تجلت في الاستبداد السياسي أم العقائدي أم المعرفي أم الاجتماعي.. وكم تعاني شعوب الأرض وأمم العالم من هذا الاستبداد الذي يتشكل في أشكال لا حصر لها، ويرتدي الأقنعة المبهرة والتي ساعة أن تتساقط تبدو الوجوه مثيرة للغثيان من كثرة الالتصاق.
وأما الهامانية -نسبة إلى هامان الذي أخبرنا عنه التنزيل الحكيم- فهي بمثابة الضلع الثالث للمثلث الذي يهلك كل مجتمع وكل أمة (الفرعونية والقارونية والهامانية) إذا اتخذتها سبيلا.. والهامانية التي هي محور هذه الحلقة، هي أكثر الظواهر وضوحا وأشدها إيلاما وأخطرها تأثيرا.. سواء تجلت في الاستبداد السياسي أم العقائدي أم المعرفي أم الاجتماعي.. وكم تعاني شعوب الأرض وأمم العالم من هذا الاستبداد الذي يتشكل في أشكال لا حصر لها، ويرتدي الأقنعة المبهرة والتي ساعة أن تتساقط تبدو الوجوه مثيرة للغثيان من كثرة الالتصاق.
لقد كان دور الهامان، ولا يزال، صلة الوصل بين فرعون وقارون من جهة، والناس من جهة أخرى، بدعوة الناس إلى الرضا بأوضاعهم، وإيجاد المصالحة الدائمة بينهم وبين فراعنتهم وقوارينهم، واستمر هذا الدور مرورا بالمماليك والدولة العثمانية، وازداد نفوذ الهامانات على الناس، وازدادت مكاسبهم وامتيازاتهم عند فرعون وقارون،
لقد كان دور الهامان، ولا يزال، صلة الوصل بين فرعون وقارون من جهة، والناس من جهة أخرى، بدعوة الناس إلى الرضا بأوضاعهم، وإيجاد المصالحة الدائمة بينهم وبين فراعنتهم وقوارينهم، واستمر هذا الدور مرورا بالمماليك والدولة العثمانية، وازداد نفوذ الهامانات على الناس، وازدادت مكاسبهم وامتيازاتهم عند فرعون وقارون، فحكم
(المماليك) ظاهرة لم تشهد لها المجتمعات الإنسانية مثيلا في أي مجتمع آخر، والعالم العربي الآن عالم ذو إنتاج يقل كثيرا عن إمكانياته الطبيعية والبشرية، عالم اندمج فراعنته بقوارينه، لذا لا نرى أثرا إيجابيا يذكر للبرجوازية الوطنية المنتجة غير الريعية
(كما يقول المفكر د.محمد شحرور، في دراسته عن الدولة والمجتمع).
لقد تحدث الله سبحانه عن الهامانات والفراعنة والقوارين السابقين للبعثة المحمدية، وكيف أخذهم، وذلك في قوله تعالى: (فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) العنكبوت 40، ويتضح أمامنا كيف هلك الأقوام المذكورون بظواهر طبيعية، أي بحرب ربانية مباشرة، والسبب أن المستضعفين في الأرض كانوا عاجزين عن أخذ حقوقهم بأيديهم، فجاءتهم مساعدة من الله مباشرة بإهلاك الأقوام الظالمين.
والآن في هذا العصر، الأمر صار أكثر يسرًا.. حيث ثورة المعلومات والتعاليم بإمكانيات بشرية صرفة، فالتحرر من الفراعنة والقوارين والهامانات لا يكون بقيام الليل، نصلي وندعو الله ليحارب عنا، بل علينا أن نساعد أنفسنا لكي يساعدنا الله، فالنبي صلى الله عليه وسلم، دعا في معركة بدر بعد أن استنفد كل التدابير المادية البشرية، وهذه هي السنة التي يجب التأسي بها.
ولهذه الظاهرة جذورها في ماضينا.. ونتائجها المرعبة في حاضرنا.. منذ ظهور الطبعة الأموية والطبعة العباسية للإسلام.. وتمتد جذورها إلى مقولات فقهية تزين لكل صاحب كرسي سوء عمله من قبيل:
- يزع الله بالسلطان أكثر مما يزع بالقرآن (العقد الفريد ج1 ص 7).
- نصح الإمام ولزوم طاعته واتباع أمره ونهيه في السر والجهر فرض واجب لا يتم إيمان إلا به ولا يثبت إسلام إلا عليه. (العقد الفريد ج1 ص 9).
- من تعرض للسلطان أرداه، ومن تطامن له تخطاه، وإذا زادك السلطان إكراما فزده إعظاما، وإذا جعلك عبدا فاجعله ربا. (العقد الفريد ج1 ص 81).
- إذا كان الإمام (أي الحاكم) عادلا فله الأجر وعليك الشكر، وإذا كان جائرا فعليه الوزر وعليك الصبر. (ج1 ص 3)
- سلطان تخافه الرعية خير للرعية من سلطان يخافها (عيون الأخبار ج1 ص 2).
- خير السلطان من أشبه النسر حوله الجيف وليس من أشبه الجيفة حولها النسور (عيون الأخبار/ كتاب السلطان).
وهكذا.. مقولات فيها من الرعب النفسي ما يحتاج لصفحات ومساحات.
علينا أن نعي أن كل من يدعي أنه يملك الحقيقة المطلقة، هو مستبد، فردًا كان أم جماعة أم حزبا.
والهامانيون تراهم في كل مكان وزمان، يزعمون أنهم يملكون الحقيقة المطلقة.. وأنهم يرون ما لا يرى الآخرون.. وأنهم العالمون.. وأنهم الأعلون.. وأنهم.. وأنهم!
في السياسة هم بطانة تبرر وتزين وتلجأ إلى التخريجات في عملية التبريرات، تجمل القرارات وتضفي عليها مسحة من الشرعية.. وفي المجتمع، وفي الاقتصاد، وفي المعرفة أيضا.. لقد تغيرت المفاهيم في المجتمعات العربية الإسلامية من خلال التطور التاريخي، فأصبحت الحرية فوضى، والشجاعة تهورا، والجبن حكمة وتعقلا.. يصف المفكر عبد الرحمن الكواكبي فلسفة قبول الاستبداد لدى الناس في العالم العربي الإسلامي فيقول: "لقد ألِفْنا الأدب مع الكبير ولو داس رقابَنا، وألفنا الثبات ثبات الأوتاد تحت المطارق، وألفنا الانقياد ولو إلى المهالك، وألفنا أن نعتبر التصاغر أدبًا، والتذلل لطفًا، والتملق فصاحةً واللكنة رزانةً، وترك الحقوق سماحةً، وقبول الإهانة تواضعًا، والرضا بالظلم طاعةً، ودعوة الاستحقاق غرورًا، والبحث في العموميات (المصالح العامة) فضولا، ومد النظر إلى الغد أملا طويلا، والإقدام تهورًا، والحمية حماقةً، والشهامة شراسةً، وحرية القول وقاحةً، وحرية الفكر كفرًا، وحب الوطن جنونا..." (طبائع الاستبداد، ص132).
وفي الفكر الديني تراهم يتحدثون باسم السماء وأنهم مكلفون، بل موكلون من العناية الإلهية..(اعلم يا أخي، وفقنا الله وإياك لمرضاته وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته أن لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أستار منتقصيهم معلومة، وأن من أطلق لسانه في العلماء بالثلب، ابتلاه الله تعالى قبل موته بموت القلب، فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) (التبيان في آداب حملة القرآن للنووي/ الباب الثالث في إكرام أهل القرآن والنهي عن أذاهم).
لقد لعب هذا النوع من الاستبداد العقائدي، الذي تم ترسيخه ابتداء من العصر الأموي، دورا مهما في تهميش الناس على صعيد سياسة الدولة والسلطة، وما زال يلعب الدور نفسه، في العالمين العربي والإسلامي، بترسيخ القناعات الجبرية في أذهان الناس وضمائرهم، على أنها جزء من العقيدة الإسلامية، وبتحويلهم إلى مطاوعين لكل سلطة مهما كانت وجعلهم يربطون كل ما يحدث بإرادة الله. وما المآسي التي سطرها تاريخنا، ومواقف الناس السلبية تجاهها، إلا إحدى نتائج هذا الاستبداد.
هناك تحالف غير مقدس قائم بين هذه الأطراف الظاهرة ذات الأبعاد الثلاثة، ويبدو دور هامان خطيرا فهو رئيس الكهنة والحافظ لدين الآلهة، الرقيب على تنفيذها وانتشارها بين الناس، والتزام الناس بها.
إن ظاهرة الفرعونية والقارونية والهامانية.. تخلق مأساة الاستبداد.. ونتائج الاستبداد بشتى صوره وتشكيلاته لَهِي جد خطيرة، ونتابعها في المقال القادم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.