د. مجدى العفىفى ومن يرجمنا بحجارة من سجيل أو حتي من بلاستيك؟! فلعلنا يوما نتوب. ولعلنا يوما نثوب. ولعلنا يوما نفيق...! السبت: لماذا تهتز ثوابت الدولة والمجتمع كلما انتهت فترة من الحكم؟ ولماذا تنتهي الرئاسات العربية نهايات درامية دامية؟ ولماذا يؤخذ حكامنا العرب، أخذ عزيز مقتدر، من الكراسي إلي المقابر أو السجون مباشرة؟ الخطأ في من ؟ إن الشعب الذي يترك حاكمه يحكم مدي الحياة هو شعب يبدو قاصرا ومقصرا ويستحق ما يجري له نتيجة تصديق الموروث السلبي الذي ترسخ في وجدان الأمة عبر التاريخ من قبيل: »يزع الله بالسلطان أكثر مما يزع بالقرآن" و"تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع« و»سلطان تخافه الرعية خير للرعية من سلطان يخافها" و»من تعرض للسلطان أرداه، ومن تطامن له تخطاه، وإذا زادك السلطان إكراما فزده إعظاما، وإذا جعلك عبدا فاجعله ربا« و»إذا كان الحاكم عادلا فله الأجر وعليك الشكر، وإذا كان جائرا فعليه الوزر وعليك الشكر«. وعلي الطريقة الحديثة يأتي توصيف الشاعر نزار قباني في إحدي قصائده السياسية المتوحشة: "فنحن شعوب من الجاهلية.. نبايع أربابنا في الصباح ونأكلهم حين تأتي العشية" والحاكم يسكره كأس السلطة بعد دورة أو دورتين، فيتوهم البقاء والخلود والدوام بدون أن يدري أو لا يدري فيعيث في الناس فسادا وإفسادا، من خلال الظواهر الثلاث: "الفرعونية" و"الهامانية" و"القارونية" وحين تتحالف هذه السلطات الثلاث :فرعون رأس السلطة السياسية، وهامان رأس السلطة الدينية وقارون ممثل الأغنياء بل أغني واحد فيهم، تتسبب في هلاك الأمم والحضارات، وإبادتها إما عبر التآكل الذاتي أوالقوة القاهرة، أوالنقمة الإلهية، فالفرعونية نسبة الي الحاكم الفرعون وفرعون لم يعد اسما فقط، لكنه صار معني مطلقا يطلق علي كل حاكم مستبد يتصور أنه "إله" فيزعم "أنا ربكم الأعلي" و"ما علمت لكم من إله غيري" و"ما أريكم الا ما أري، وما أهديكم إلا سبيل الرشاد" غافر: 29، والهامانية نسبة الي "هامان" وهو رمز الكهنة الذين يزينون للحاكم سوء عمله، وهم رأس البطانة الشريرة، وهو الذي يصوغ نظرية المؤامرة بقلب نظام الحكم، والقارونية تشير الي ظاهرة الاستبداد الاقتصادي (وآتيناه من الكنوز ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة). ولا يزال بيننا في هذا العالم ألوف مؤلفة من "الفراعنة والهامانات والقوارين" ينتشرون في الأرض ويأخذهم الله بالحرب الربانية المباشرة ذلك أن المستضعفين في الأرض حين يكونون عاجزين عن أخذ حقوقهم بأيديهم فتأتيهم المساعدة من السماء بإهلاك القوم الظالمين لكن شريطة أن نساعد أنفسنا ليساعدنا الله»فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُون« العنكبوت:39 .. 40 ولايزال بيننا أبو جهل وأبو لهب وغيرهما ممن يتزعمون العشائر والقبائل العصرية ولايبالون بالقنابل المسيلة لكبرياء النفوس الأبية، لكنهم لا يفقهون. ولايزال بيننا "الحجاج" الذي يظن أيضا أنه يري رءوسا قد أينعت وحاف قطافها، ويرتدي العمامة حتي نعرفه لأنه ابن جلا وطلاع الثنايا. ولا يزال فينا خلفاء القصور وما يجري في دهاليزها وأقبيتها من فتن وصراعات وقتل وتقتيل وسفك دماء ومحارم. ولا يزال فينا عبدة الأوثان، وخدام الأصنام، ولا يزال صوت وصمت القبور يحكمنا، ومع ذلك فلا تزال شعوبنا فيها النار تحت الرماد. إلا... الدم ! الأحد: كل قطرة دم تسيل - بغض النظر عمن سالت من جسده، وعمن أسالها - تثير الأسي والحزن والألم، إلا الدم ..يا وطني الذي أقسم به وبمن فيه وما فيه..أيا كان الخلاف والاختلاف..في هذا السياق الذي يتسلسل بلا انتهاء أتذكر مشهد الخليفة المتوكل وهو يقف علي أشلاء وجثث الأعداء الذين انتصر عليهم، ودماؤهم لم تجف، وينظر الي أبطال المعارك المنهزمين، في وصف الشاعر البحتري: تمر بك الأبطال كلمي هزيمة ووجهك وضاح وثغرك باسم هكذا بكل استبعاد للبعد النفسي وإقصاء للشعور الإنساني.. أستدعي هذه الصورة كلما أشاهد هؤلاء الذين ينصبون من أنفسهم ساسة ومحللين وخبراء ومستشارين ومنظرين..وكلما أقرأ لمن يظنون أنهم أهل البصر البصيرة، وينظرون إلينا نظر المغشي عليه كأننا عميان، وهم الفلاسفة والمنظرون، ونحن دونهم صم بكم عمي لا نعقل شيئا ولا نهتدي..وكلما أسمع الذين يتوهمون أن مثلهم لم تلد النساء في مشارق الأرض ومغاربها، كلما تنتابهم هذه الحالة وهم يشخصون الواقع فيزيفونه ويدعون أنهم يفتتون اللحظة وهم يعقدونها علي طريقة: الأرض أرض والسماء سماء والماء ماء والهواء هواء والصيف صيف والشتاء شتاء »النار قالوا إنها حمراء كل الرجال علي العموم مذكر أما النساء فكلهن نساء ثرثرة وتهتهة.. دوران حول اللحظة ودوار بنا.. تخويف وتخوين.. واتهامات وتهويمات..وتضخيم للأشياء الصغيرة لا أحد يحقق ويحدق ويدقق، ويقدم إضاءة جادة وحادة، تسهم في إنارة الطريق الذي يتسع للجميع، وهم يضيقونه لهم فقط، ضجيج ولا طحن، ولا طحين يحصل عليه الوطن، ويتقوي به المواطن البسيط مثلي، الذي لا يملك إلا الحلم: عندما تفرغ أكياس الطحين يصبح البدر رغيفا في عيوني! نزف منفرد الإثنين: يعتقد بأن أطول مسافة بين نقطتين هو الخط المستقيم.. فالصعود الي أعلي يمر بسلالم.. والسلالم لابد ان تكون حتي سلالم المئذنة ملتوية.. يثق في انه أحيانا يصبح انسانا يتدلي شجرا أخضر في صحراء القسوة. يتنزل بردا في ارض عطشي.. ولكن ساعتها يجتث من عاطفته كل مشتقات الرحمة! ويقص جذور النور من التكوين..!. أصبح يؤمن ان اللون الرمادي هو سيد الألوان.. ولذلك يهرب من جلده في جلده. .من نفسه الي نفسه.. تنتحر أشواقه كلما خنق المساء الشمس اغتال القمر...! أصبح مثل التشبيه والاستعارة. يخل بالتوازن، ويعصف بالنظام الثابت للأشياء. ولماذا وكل شيء في عالمنا استعارة. فمن يرحمنا من جرم التوهان في عصر الاستعارة؟! ومن يرجمنا بحجارة من سجيل أو حتي من بلاستيك؟! فلعلنا يوما نتوب. ولعلنا يوما نثوب. ولعلنا يوما نفيق...! مضطر هو لأن يكون رجلا اسفنجيا.. والأكثر اضطرارا ان يعيش الفصول الأربعة في ساعة واحدة.. في لحظة واحدة. مدمن حياة. زئر حياة!. مع انه يتعاطي هذه الحياة بشق الأنفس.! سئم الأقنعة مع انه أدمن الزيف المعتق في حناياها وثناياها. انتزعها. ولحظة انتزاعها كان في الوجه بقايا من براءة هي التي تثقل موازينه ومن خفت موازينه فأمه هاوية.! سلبوا النور منه والهواء.. فطلب اللجوء الي التحليق والتحليق صناعته. وطلب اللجوء الي التخليق والتخليق صياغته. فقد خلق الفضاء لكي يحلق.!! أجهضوا فيه الكبرياء فما استطاعوا.. وعزت عليه الحياة.. وهانت وخانت. وجاءت وراحت. ونامت وقامت. وهو في الكهف: يكف ويرف ويعف عند المغنم! ثعبان ايجابي هو »ومن السموم الناقعات دواء«. في فمه جوهرة مضيئة يلقيها اثناء زحفه ليري طريقه بمن فيه. وما فيه. في نفثه شيء ما . علموه كيف يجفو. فجفا. وصفا. وأصلح وعفا. وطغوا فتعلم. وتألم وتأمل. وكسر وانكسر. وهزم وانهزم.أذنبوه . وذنبوه. وأكلوه يوسف واشربوا دمه. فآثر الجُب. في الجب. حب وأمن وأمان، وان لم نجد ما نحب، نحب ما نجد. فالمهم ان نحب. وما كل الحب، إثم واسم ورسم ووشم!.عذبوه فكان عذبا.. اكرهوه فكان حبا. جرحوه فكان فرحا.. فرحوه فكان جرحا.اظمأوه فكان نبعا..أطفأوه فكان نورا.حرقوه فكان بردا وسلاما.!وسلام قولا من رب رحيم!. نفسي الأمارة بالشعر الثلاثاء: صنعتيني علي عينكْ وألقيتُ.. عليك محبة مني، وألقيتِ فألفيت التورط فيك، بالتجريد.. والتوحيد.. والتفريد.. هويتك فاصطفيتك دون كل الناس باستئناس... ومارست التخلي في تصوفك فأدمنت التحلي علني أحظي التجلي، من سنا سمتك، من صدي صوتك، من شذي روحك.. وريحانك.. مكثت علي شفا عمري بواديك.. أناديك.. أناجيك.. أنا فيك.. ومنك، فأين نورك؟ أين نارك؟ أين أين قناديلك؟ وهل في العين أين يا رحيق الروح؟. وآنست انتظار النار والشجرة أري الثمرة وأشتاق اقتطاف بريقها مَرة فأخصف من وريقات الجنان لديك، لكني أريد الكشف لا السر، أريد الفضح لا الستر، أريد الجهر، لا خفية. علي مرآك تهفو الروح ظمآنة لضوء شارد عني تجافيني لأعرفكم واعرفكم تجافيني أنا الحيران، والتوهان في عينيك فلسفتي تثير سكوت أسئلتي تنير القلب مظلمة تفتت لحظة ثكلي تفيض تغيض في رحم الهوي علقة ليكسوها عظام الشوق لحمتها تباري حبك الجبار سيدتي تعالي قلبك المفعم بأمن لأمان سواه لعل الأنس يدفئني يدثرني .. يزملني..يكورني.. يدك جبال وحشتي التي طالت فنالت من ذري صبري ليصعقني .. ولست أفيق سيدتي وطال المكث سيدتي لعلي اصطلي نورا وألقي هدي علي النار... ثقافة الأسئلة السبت : سيدتي الرائعة والمروعة معا.. سيدتي التي أنحني لها طوعا وكرها..قولي لي: لماذا لا تظهرين إلا متأخرة عن موعدك دائما أو غالبا؟ لماذا تتركين الحروف بلا نقط فتعز القراءة الكاشفة؟ لماذا وألف لماذا ياسيدتي... "الحقيقة".