انتشرت في السنوات الأخيرة ظاهرة التعصب الكروي التي تؤدي بطبيعة الحال إلى انتشار الشغب في الملاعب الرياضية، انتشار الظاهرة جاء بمعدل جنوني لم تشهده البلاد من قبل، وأصبحت الملاعب بمثابة ثكنات عسكرية من كثرة انتشار رجال الشرطة لتأمينها، وأصبح كل طرف من الأطراف يتعامل مع الطرف الآخر بمثابة عدو في حالة حرب لا تعرف الرحمة. فشاهدنا خلال السنوات الخمس الماضية ظواهر غريبة لم نعتدها من قبل، فمثلا شاهدنا طعن أحد ناشئي الزمالك بمطواة أو حرق مشجع زملكاوي في أثناء إحدى مباريات كرة السلة، بينما كان الرد من جمهور الزمالك بمحاولة اقتحام الأهلي وتكسير بوابته، بالإضافة إلى ما شهدته مدينتا الإسماعيلية وبورسعيد في لقاءي الأهلي الأخيرين من أعمال عنف وشغب. ويلعب الإعلام للأسف الدور الرئيسي في وضع البنزين على النار بسبب جهل عدد كبير من أفراده بالهدف الرئيسي للإعلام الرياضي، وتحول الأمر فقط لتحقيق أهداف شخصية ومحاولة إثارة الفتنة بغرض شعللة الموقف بحثا عن نسبة مشاهدة أعلى وازدياد أموال الإعلانات دون الاهتمام بخطورة توجيه الرأي العام، وهو ما جعل إعلامنا يفقد نسبة كبيرة من مصداقيته وأصبح بعض وسائل الإعلام العربية سواء المسموعة أو المقروءة تسبقنا بعدما كانت الريادة لنا وحدنا، ولعل ما حدث قبل عام ونصف تقريبا بين مصر والجزائر تجسيد لخطورة دور الإعلام في توجيه الرأي العام وإثارة أجواء الفتنة بعدما كادت حرب تشتعل بين البلدين وانقطعت نسبيا العلاقة بين البلدين وتم سحب السفيرين لمدة، وذلك بسبب غياب الإعلام الواعي من الطرفين، الذي يخمد نار الفتنة قبل أن تشتعل، ويساعد على التقريب ما بين الشعوب. وكان أحد الأسباب الرئيسية بجانب الإعلام في إشعال نار التعصب والفتن الكروية غياب الوعي عند أغلب مسؤولي الكرة المصرية، فتجد مسؤولا بناد يحث الجمهور ضد اتحاد الكرة أو حكم كي يشتت الانتباه عن فشل فريقه الفني، والمصيبة الكبرى أنك تجد الإعلام أيضا يجاري تلك النوعية من المسؤولين ويفتح لهم الباب لإجراء المداخلات ويفرد لهم مساحات كبيرة على صفحات الجرائد بدلا من أن يتجاهلهم ويعطي تلك المساحة لمن يستحقونها من المسؤولين المحترمين، والسبب -كما قلنا- البحث عن الفضائح والأزمات بغرض زيادة نسب المشاهدة وبالتالي زيادة الإعلانات.