ما هذا الهراء الذى نقرؤه فى العديد من المواقع الإلكترونية وعلى صفحات بعض الجرائد، يشير إلى أفلام جنسية صورتها سعاد حسنى، عددها 18، كان معمر القذافى يساوم صفوت الشريف على شرائها بمقابل 100 مليون دولار! الحكاية المختلقة تشعرك بأنها صُنعت فى خلاط يمزج بين مطاردة المخابرات لسعاد مع تصويرها لأفلام إباحية وكتابتها لمذكرات تفضح فيها كل ذلك، وعلاقة الحب مع عبد الحليم حافظ. الغريب فى الأمر أن هذه الوقائع أسندوها إلى سعاد حسنى، فهى التى روت فى مذكراتها تلك القصص، وهى التى فضحت نفسها بنفسها انتقاما من صفوت الشريف، فهو الضابط الذى كان منوطا به تجنيدها لتصبح عينا على زملائها، ويضعون عددا من التفاصيل الساخنة، مثل أن معركة نشبت بينها وبين صفوت الشريف فى لندن قبل رحيلها بأيام، عندما أصرت سعاد أن تروى مذكراتها، وكادت أن تنتهى بمأساة دموية، لولا أن صفوت أخذها من قصيرها وعاد إلى القاهرة. والغريب أن من يروج لهذه الحكايات الوهمية لا يكره سعاد، ولا يريد مطلقا تشويهها، لكن الغرض منها ضرب عصفورين، أو فى هذه الحالة نطلق عليهما غرابين بحجر واحد، معمر القذافى وصفوت الشريف. إدانة صفوت بأنه سجل الأشرطة الإباحية لسعاد، وإدانة معمر لأنه رصد هذه الملايين لشراء تلك الأفلام، وهناك غراب ثالث لاح فى الأفق وأراه هو الأساس فى ترويج هذه البضاعة الفاسدة، إنه الترويج لفيلم عنوانه «الثعبان الأسود»، والمقصود بهذا التشبيه صفوت الشريف، كما تم الدفع بوجه جديد يتصدر المشهد باعتبار أنه الذى سوف يؤدى دور سعاد، ومن أجل تحلية البضاعة ذكروا واقعة قديمة لا علاقة لها بسعاد أو صفوت، وهى حفل قارئة الفنجان 1976، عندما تهور عبد الحليم على جمهوره عندما اعتقد أن هناك بعض منافسيه يحاولون إفساد الأغنية عندما تم الدفع بشخص لاقتحام الحفل، وارتداء تلك البدلة المرسوم عليها الفنجان، وغضب عبد الحليم، والتسجيل لا تزال تحتفظ به الإذاعة المصرية، ولكن لا يمكن أن تعثر على علاقة من قريب أو بعيد تجمع صفوت أو سعاد بقارئة الفنجان!! العلاقة الملتبسة بين سعاد وصفوت الشريف، لم تتجاوز محاولة تجنيدها فى منتصف الستينيات، ورفضت سعاد أن تتحول إلى عين على زملائها. حكاية الأشرطة الجنسية تظل مجرد خيال شرير لاختلاق أشياء لا أساس لها من الصحة من أجل إضفاء أكبر قدر من الغموض والجاذبية والنهم والإثارة على تلك الوقائع. ما فعله صفوت الشريف بعيدا عن تلك النميمة، أنه أفسد الإعلام المصرى عندما رسخ فى ذهن كل العاملين فى «ماسبيرو» صورة الإعلامى خادم السلطة والمعبر عنها، ومع الأسف لا يزال هذا هو المفهوم السائد. المذيع لا يتحرك إلا بأمر مباشر من القيادة وهو فى أعماقه لا يزال قابعا فيه إحساسه بأنه صوت للسلطة الحاكمة التى أتت به مذيعا. كان ابن صفوت يملك شركة للإنتاج الدرامى والمنوعات، وكان التليفزيون يفضل بالطبع شراء ما تنتجه الشركة بأسعار مبالغ فيها مجاملة للأب. أفسد صفوت أيضا الحياة الصحفية عندما انتقل إلى مجلس الشورى، وظل هو اللاعب الأساسى الذى يسيطر على الجرائد، وبالمناسبة سطوة صفوت الشريف، كانت تمتد إلى الصحف الحزبية والمستقلة، فهو لديه خطوط للتواصل مع كل الأطياف. صفوت يحاكم فى العديد من قضايا الفساد، وعلى رأسها تدبير قتل المتظاهرين فى موقعة الجمل، وهو أكثر الشخصيات التى دفعت للتوريث فى عهد مبارك، لكن هذا شىء وتلك الحكايات المختلقة شىء آخر!! مثلا عندما انتحرت سعاد حسنى، قالوا إنها اختارت يوم ميلاد عبد الحليم 21 يونيو للانتحار، فكيف إذا لم يكن انتحارا بل جريمة مدبرة أن يختار قاتلوها أيضا موعد ميلاد عبد الحليم لتنفيذ جريمتهم. كلها محاولات مستحيلة للربط بين أشياء متنافرة بخطوط واهية ثم محاولة الزج بسعاد بتصوير أشرطة جنسية، هو امتهان لفنانة أعطت الكثير ولا يمكن أن نقابل عطاءها الفنى بالتشهير بسمعتها من أجل النيل من «ثعبان أسود»!! إنه الخيال المريض الذى مع الأسف وجد من يصدقه ويدافع عنه. إنه أيضا الخيال الأسود وليس فقط الثعبان!!