فى أقصى الغرب من إفريقيا، على شواطئ المحيط الأطلسى ترقد موريتانيا العربية المسماة رسميا بالجمهورية الإسلامية الموريتانية، ترقد هناك موريتانيا فقيرة ضعيفة، لكن هذا لم يمنع حكامها من ممارسة واحد من أسوأ الشرور، بالتفريق بين البشر على أساس اللون، فعلى الرغم من أن السمار تقليدى لسكان موريتانيا، فإن سود البشرة هناك يعانون التمييز ضدهم. الحركة التى تنظم الاحتجاجات تطلق على نفسها اسم «لا تلمس جنسيتى»، والسبب فى التسمية أن التعداد السكانى الجديد الذى تجريه الحكومة يجعل إثبات الجنسية الموريتانية أصعب للسود من العرب، ومن أجل هذا تتجدد المظاهرات هناك يوميا ويشتعل الوضع فى البلد العربى. الاعتقالات والرصاص الحى وقنابل الغاز المسيلة للدموع كعادة أجهزة الشرطة هى الرد الجاهز فى المواجهات مع المتظاهرين، الذين سقط منهم قتيلان وأصيب آخرون. تطور الوضع إلى الأسوأ، فأحرق عشرات المتظاهرين الزنوج منزلا لأحد المواطنين، اتهموه بتحريض الأمن لإطلاق النار عليهم. السلطات حاولت التهدئة فأفرجت عن 20 شخصا من معتقلى «لا تلمس جنسيتى»، بينما احتفظت ب10 آخرين قيد الاحتجاز، قالت إنهم قادة الاحتجاجات، كما قررت عدم التراجع عن إجراء الإحصاء «مثير المشكلة» بدعوى أنها تريد وضع حد لتزوير جوازات السفر وأوراق الحالة المدنية من قبل مهاجرين غير قانونيين ومهربين للمخدرات. سياسيا، قرر حزب التحالف من أجل العدالة والديمقراطية -حركة التجديد الذى يقوده السياسى الزنجى البارز إبراهيما مختار صار- تعليق عضويته فى ائتلاف الأغلبية الحاكمة، ردا على ما سماه «القمع» الذى تعرض له النشطاء الزنوج خلال الأيام الماضية إثر احتجاجات قاموا بها فى بعض مدن الجنوب، رفضا للإحصاء الحالى للسكان. تاريخ طويل، وتوتر عميق بين السكان العرب ومواطنيهم السود، يظهر كثيرا فى مواقف الحياة المختلفة هناك فى موريتانيا.. وأحداث العنف فى المظاهرة الأخيرة هى الأحدث ضمن مظاهرات عنيفة شهدتها الأيام القليلة الماضية، احتجاجا على تمييز عنصرى يواجهه السود.. ليس فى أمريكا وإنما فى موريتانيا.