تعيش جماعة الإخوان في موريتانيا حالة من الترقب والخوف، بعد الضربات المُوجعة التي تلقتها مؤخرًا، ويبدو أن حلها أصبح مجرد مسألة وقت في ظل التحذيرات المتتالية من قبل القوى السياسية والشعبية في البلد الإفريقي من تنامي أفكارهم. فبعد أيام قليلة من مهاجمة الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز تنظيم "الإخوان"، وتأكيده أن بلاده لن تسمح بتوظيف الدين لصالح طرف سياسي واحتكاره، أغلقت السلطات المقر الرئيسي لمركز "إخواني" في العاصمة نواكشوط، والذي يرأسه أحد أقطاب التنظيم وعضو "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" محمد ولد الددو. الأب الروحي وجاء إغلاق مركز "تكوين العلماء"، بعد خطبة جمعة روَج فيها "الددو" لأفكار التنظيم الذي تحظره عدد من الدول العربية، بحسب مصادر محلية. وأوضحت المصادر أن الشرطة أغلقت المركز وجميع الطرق المؤدية إليه، تمهيدًا لقرار رسمي بسحب رخصته نهائيًا. اقرأ أيضا: منافسة خلف القضبان و«الفوتوشوب».. انتخابات موريتانيا على صفيح ساخن ويعمل المركز الإخواني الأكبر في موريتانيا على تخريج عناصر تُروِج لخطاب الإخوان الإرهابية، ويوجد مقره ببلدية عرفات في العاصمة نواكشوط، وهي بلدية يسيطر عليها سياسيًا حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل"، الجناح السياسي للجماعة. ويعد "الددو" الأب الروحي لتنظيم الإخوان في موريتانيا، وهو عضو فيما يعرف بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ويرأسه يوسف القرضاوي المُدرج على قوائم الإرهاب في عدد من الدول العربية، وفقا للمصادر. صحيفة "الوطن" البحرينية أكدت أن قطر تمول جميع أنشطة المركز، إضافة إلى دعم من رجال أعمال منتمين لتنظيم الإخوان في بلدان أخرى. وكان "الددو" قد أصدر فتوى قبل الانتخابات البرلمانية والجهوية والبلدية الأخيرة، بتحريم التصويت من أجل أغراض دنيوية، في إشارة لوجوب التصويت لمرشحي الإخوان، كما سرت بعد التكهنات مؤخرًا عن تحضيرات في الدوحة من أجل إعداد الأب الروحي لإخوان موريتانيا لخلافة القرضاوي. ورجح مراقبون أن خطوة إغلاق المقر الرئيسي تأتي تمهيدًا لقرار إغلاق المركز بشكل كامل وسحب رخصته، حيث يتهم المركز بتصدير خطاب الكراهية والعنف، وتأسيس أرضية خصبة لتسويق دعاة متطرفين يصدرون الخطاب "الإخواني"، بحسب "عكاظ". صفعة الانتخابات ويأتي إغلاق المركز بعد خسارة "إخوان موريتانيا" في الانتخابات التي جرت خلال سبتمبر الجاري، بعدما أظهرت النتائج خسارة حزب الإخوان أمام الحزب الموريتاني الحاكم. اقرأ أيضا: من الخيمة إلى القصر.. كيف استعدت موريتانيا لأول قمة إفريقية؟ الخسارة الإخوانية الأخيرة سبقها تحذيرات من الرئيس ولد عبدالعزيز، للشعب الموريتاني بعدم التصويت للجماعة في الانتخابات البرلمانية، مذكرًا إياهم بالدمار الذي خلفته تلك الجماعة بالمنطقة العربية. نتائج الانتخابات التشريعية والنيابية في موريتانيا، كشفت عن تقدم حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم بفارق كبير عن حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل"، الذي يعد الذراع السياسية لجماعة الإخوان في موريتانيا. المعارضة تندد على جانب آخر، ندد ائتلاف أحزاب المعارضة في موريتانيا بالإجراءات الأخيرة التي اتخذتها السلطات ضد "مركز تكوين العلماء"، وبتصريحات الرئيس محمد ولد عبد العزيز التي اعتبروها تهديدًا مباشرًا لحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل". فبعد ساعات فقط من إغلاق السلطات للمركز، قال أحمد ولد داداه، رئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية المعارض: إن قرار إغلاق المركز غير ديمقراطي، مؤكدًا أن ذلك غريب على تقاليد وأخلاقيات المجتمع الموريتاني. وأضاف ولد داداه أنهم قرروا عقد مؤتمر صحفي في مقر حزب تواصل للتضامن مع الحزب، مشيرا إلى تصريحات ولد عبد العزيز التي شكلت "صدمة" بالنسبة لهم، كون رئيس الدولة اختار التهديد والمضايقة بدلا من الحوار والتشاور، على حد قوله. لكن ولد داداه قال: "لن تدفعنا تصرفات النظام لتغيير توجهاتنا السلمية والمدافعة عن الشعب، خاصة حزب تواصل الذي نحن هنا لدعمه، لأنه كان الضحية الأولى لتصريحات رئيس الدولة"، بحسب "صحراء ميديا". اقرأ أيضًا: الرئيس الموريتاني يكشر عن أنيابه لإقصاء «الإخوان» من البرلمان اقتراب الحظر مراقبون للشأن الموريتاني اعتبروا أن الخطوة التي اتخذتها سلطات البلاد، ضد أكبر مركز تابع لجماعة الإخوان، "حبل مشنقة"، وخطرًا بات يقترب من عنق جماعة الإخوان الإرهابية. محللون يرون أن الحل بات مسألة وقت بالنسبة لجماعة الإخوان الإرهابية، معتبرين أنه لاسبيل عن الحل، خاصة أن القرار بات على الطاولة وينتظر التنفيذ، وفقًا ل"العين" الإخبارية. صحيفة "البديل" الموريتانية أكدت خلال تقرير مفصل خطورة الحزب الإخواني الموريتاني، حيث كشفت أنه يتلقى تمويلات من قطر وتركيا. فتحت عنوان "كيف استطاع تواصل سرقة أموال الفقراء والتغرير ببعض الشباب؟"، أشارت إلى أن الحزب الإخواني يتلقى بانتظام تمويلات تقدر بعشرات الملايين من الدولار من جهات ومنظمات إخوانية فى قطر وتركيا، يتم تحويلها عن طريق بعض تجار التنظيم في البلد الإفريقي وأنجولا. وأضافت أن فرع موريتانيا لتنظيم الإخوان الدولي، يمتلك هيئات تتكفل بالعمل الفعلي لجمع المال وتسهيل اكتتاب الحركات الإرهابية، تستغل هامش المجتمع المدني، في حين تفوض القيادة السرية التي تتولى مركزة القرار والثروة الواجهة السياسية "تواصل" لتوزع الأدوار على أذرع التنظيم الاعتبارية والاستراتيجية والسياسية والنقابية والمالية والخيرية والروحية. اقرأ أيضًا: هل يذيب رئيس الدبلوماسية الموريتانية الجليد بين الرباطونواكشوط؟ وأضافت أن التنظيم يسيطر على مؤسسات تجارية كبيرة، ويباشر تسيير ميزانيات ضخمة تطال جميع المجالات التجارية من صيدليات ومحطات بنزين ومحلات بيع الملابس والمواد الغذائية ووكالات تأجير السيارات وبيع العملات الصعبة في السوق السوداء. ويرى كثيرون أن "تواصل" هو الفرع المحلي من منظمة الإخوان، ولو كان هناك احترام للقانون لما وجد هذا الحزب، وأن حلَه هو عمل شرعي من الناحية القانونية، ومهم من الناحية السياسية.