بعد أن شهدت العاصمة الليبية "طرابلس" خلال الآونة الأخيرة اشتباكات دامية، نتج عنها حالة من الاحتقان لدى المواطنين بعد أن طالت تلك الصراعات المدنيين، خرج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج برسالة تهديد لكل من يخل باتفاق وقف إطلاق النار، وأنه سيلقى ردًا حاسمًا على المستويين المحلي والدولي. ورغم ذلك، استؤنفت أمس الاشتباكات بين فصائل مسلحة بجنوبي العاصمة الليبية، مما أدى إلى انقطاع عام للتيار الكهربائي في غرب العاصمة وجنوبها، وفقا للشركة العامة للكهرباء. تهديدات السراج الأخيرة خلال اجتماعه بعمداء بلديات المنطقة الغربية، طرحت تساؤلات عديدة بشأن دلالات توقيتها وما تحمله في طياتها، ومدى قدرته على مواجهة الجماعات التي تلوح باستخدام القوة العسكرية ودخول العاصمة. وفي هذا الإطار، أعلن المجلس الرئاسي تشكيل لجنة للترتيبات الأمنية في طرابلس الكبرى، تتولى وضع تدابير لتعزيز وقف إطلاق النار وتحقيق الاستقرار الأمني بها، ووضع خطط وتوصيات لتأمين العاصمة، إضافة إلى وضع خطة لإحلال قوات نظامية من الجيش والشرطة. اقرأ أيضًا: الجنوب الليبي يثور ضد فايز السراج.. ومساعٍ لتشكيل حكومة اتحادية فيما علَق عضو المجلس الأعلى للدولة عن طرابلس عبد الرحمن الشاطر بالقول: إن تصريحات السراج جاءت لامتصاص غضب المواطنين، بعدما شهد الشارع الليبي احتقانًا واسعًا ضد المجلس الرئاسي نتيجة تراكم الفشل في أداء الحكومة الذي أضر بحياة الناس واستقرارهم". وأوضح الشاطر أن فشل حكومة السراج في تلبية الحد الأدنى من احتياجات وحقوق المواطنين هو نتيجة لعدم امتلاكه برنامجًا أو خطة عمل، إلى جانب اعتماده على مستشارين لا يملكون القدر الكافي من الخبرة في التعامل مع الأزمات، الأمر الذي قاد البلاد إلى وضع أقل ما يوصف به أنه مُزرٍ. من جهته، رأى المستشار السياسي السابق للمجلس الأعلى للدولة أشرف الشح أن رئيس المجلس الرئاسي أصبح يتخبط منذ هجوم اللواء السابع مشاة على طرابلس، خاصة بعد فشل قراراته في وقف إطلاق النار، ولذلك فهو يحاول الآن، من خلال لقاءاته مؤخرًا بمسؤولين وقادة أمريكيين، إرسال رسائل للمتقاتلين تحمل لغة تهديد بأن هنالك قوة دولية لن تسمح بتمدد القتال والسيطرة على طرابلس. "الشح" أكد أن هناك عراقيل تحول دون أي تدخل غربي أو أمريكي كما يتمنى السراج في حالة اندلاع القتال مرة أخرى، موضحًا أن التفويض الممنوح للقيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا "أفريكوم" يختص فقط بمكافحة الإرهاب وعناصر تنظيم داعش الإرهابي. اقرأ أيضًا: اختراق هدنة طرابلس.. وقوات موالية للجيش الليبي تطالب بحل الميليشيات كان السراج التقى الخميس الماضي في العاصمة تونس، عقب توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار في طرابلس، كلا من قائد قوات الأفريكوم الجنرال توماس والدهاوزر، والقائم بأعمال السفارة الأمريكية لدى ليبيا دونالد بلوم، وبحث معهما تطورات الموقف السياسي والأمني وما شهدته العاصمة طرابلس من اشتباكات. وعقب الاجتماع، قرر المجلس الرئاسي تشكيل قوة مشتركة تحمل اسم "القوة المشتركة لفض النزاع وبسط الأمن في طرابلس" بقيادة آمر المنطقة العسكرية الغربية اللواء أسامة الجويلي، تتكون من ثلاث كتائب، تتولى فرض استتباب الأمن وتأمين المواطنين وممتلكاتهم، وتوفير الحماية لفرق مراقبة ورصد وقف إطلاق النار في طرابلس. في المقابل، استبعد رئيس الأركان العامة الأسبق اللواء يوسف المنقوش قدرة القوات المشتركة التي أعلن عنها السراج على المواجهة بقوة فى حال حدوث أي هجوم كبير على العاصمة. وأشار المنقوش إلى أن طبيعة تشكيل القوة من مناطق غير مُنخرطة في الصراع الحالي، يجعل من الصعب على أطراف الصراع مهاجمتها، وذلك لكي لا تضع نفسها في مواجهة مع هذه المناطق. اقرأ أيضًا: اشتباكات طرابلس تضع ليبيا في أزمة سياسية وتعرقل الانتخابات ويبدو أن الخطوة التي أقدم عليها السراج لم تلق ترحابا كبيرا من قبائل الجنوب، حيث سارع النواب للإعلان عن نفض أيديهم من انتظار أي تدخل من حكومة الوفاق لحل مشاكل المنطقة، داعين المواطنين إلى التظاهر وحل مشاكلهم بأيديهم، بل وتشكيل حكومة جددية موازية للوفاق الوطني، وفقا إرم نيوز. "الصحيفة" الإماراتية نقلت عن أعيان فزان أسباب اتجاههم لسحب الثقة من نوابهم، بأن هناك بعض الممثلين عن دوائرهم لم يزورا الجنوب منذ انتخابهم ولو مرة واحدة، وأخفقوا في توصيل أصواتهم إلى المسؤولين في الدولة. وبالتالي فإن سحب الثقة من كافة ممثلي الجنوب، سواء كانوا في الجهات التشريعية أم التنفيذية والإدارات الحكومية، جاء نتيجة فشلهم الذريع في تنفيذ آراء ومطالب ناخبيهم. يمكننا الإشارة في هذا الصدد إلى أن تردي الأوضاع الإنسانية بالمنطقة الجنوبية وتصاعد أعمال العنف القبلي دون وجود مظلة سياسية واحدة، قد تهدد وحدة الأراضي الليبية وتدفعها إلى التقسيم.