الإثنين الماضي، كان العالم على موعد مع بعض الأخبار الإيجابية من كوريا الشمالية، حيث كشف عدد من الصور، قيام بيونج يانج بتفكيك منشأة صاروخية مهمة. ولكن الأخبار السيئة لم تغب عن المشهد، حيث أشارت مجلة "فوكس" الأمريكية، إلى أنه حتى لو كانت أنباء تفكيك المنشأة الصاروخية صحيحة، فإن كوريا الشمالية لم تفعل سوى القليل لإنهاء برنامجها النووي، منذ التقى الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في سنغافورة الشهر الماضي. وأضافت أن ما هو أسوأ من ذلك، يبدو أن بيونج يانج تماطل عن عمد، بدلاً من تنفيذ مطالب ترامب بنزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية. وذكرت ميرا راب هوبر، وهي خبيرة في شؤون كوريا الشمالية في كلية الحقوق بجامعة ييل، أن "كوريا الشمالية ترفض تنفيذ مطالب إدارة ترامب". المجلة الأمريكية، أخذت ما حدث مع وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في وقت سابق من هذا الشهر كمثال، حيث سافر إلى بيونج يانج للمرة الثالثة لمواصلة المحادثات حول تفكيك برنامج كوريا الشمالية النووي. وذهب بومبيو إلى كوريا الشمالية مع وعد بالاجتماع مع كيم، إلا أن كيم لم يحضر الاجتماع مع وزير الخارجية الأمريكي، وفضّل زيارة مزرعة للبطاطس بدلاً من ذلك. وقال أشخاص على دراية باجتماع بومبيو مع كيم يونج تشول السياسي الكوري الشمالي الذي حضر، إن الكوريين الشماليين "كانوا يعبثون" و"غير جادين بشأن المضي قدمًا". اقرأ المزيد: هل فشلت زيارة مايك بومبيو إلى كوريا الشمالية في تحقيق أهدافها؟ حيث لم يستطع بومبيو حتى الحصول على التزام بإعادة رفات قتلى الحرب الأمريكيين، التي وعدت كوريا الشمالية بإرسالها إلى الولاياتالمتحدة. وبدلا من ذلك، أمضى كيم يونج تشول معظم الاجتماع وهو يقول إنه غير مخول له إلا بتلقي رسالة كتبها ترامب إلى الزعيم الكوري الشمالي، واستمر الاجتماع لمدة ساعة واحدة فقط. وأشارت المجلة إلى أن الدبلوماسية قد لا تسير كما هو مخطط لها، ولكنها تساءلت حول مدى فعالية حملة الضغط التي تقودها الولاياتالمتحدة على بيونج يانج، والتي أكدت أنها أصبحت أقل حدة. فوفقًا لتقرير لوكالة "رويترز" الثلاثاء الماضي، انخفضت أسعار البنزين في كوريا الشمالية إلى ما يقرب من نصف ما كانت عليه في مارس الماضي. وأكدت أن هذا أمر مهم، حيث فرضت الأممالمتحدة من قبل، عقوبات على تصدير البترول إلى كوريا الشمالية، ولكن يبدو أن الصين ما زالت تمد البلاد بالوقود، وهو ما ساعد على خفض أسعار الغاز وتخفيف الضغط على اقتصاد كيم. وأضافت "فوكس" أن هذا لا يعني أن تفكيك كوريا الشمالية لمنشأه الصواريخ، المعروفة باسم محطة "سوهاي" لإطلاق الأقمار الصناعية ليس مهما. ففي النهاية، بدأت بيونج يانج في الوفاء بواحدة من وعود كيم جونج أون إلى ترامب، لكنها لا تظهر بأي حال أن كوريا الشمالية أصبحت أكثر جدية بشأن تفكيك ترسانتها النووية مما كانت عليه عندما تحدث كيم وترامب في الشهر الماضي. اقرأ المزيد: رغم الشكوك.. ترامب ما زال واثقًا في كوريا الشمالية وقالت أبيجيل جريس المسؤولة السابقة عن ملف كوريا الشمالية في مجلس الأمن القومي في إدارة ترامب "إن الأنباء التي تفيد أن الكوريين الشماليين فككوا منشأة إطلاق الأقمار الصناعية هي خطوة إيجابية، ولكنها خطوة تتناول قدرات كوريا الشمالية الصاروخية، وليس قدرات الأسلحة النووية نفسها". وأشار عدد من الخبراء إلى أن كوريا الشمالية تقوم بذلك بدافع خفي، وهو إبقاء ترامب سعيدًا بتكلفة منخفضة نسبيا. محاولة لتخفيف الضغط يرى فيبين نارنج، وهو خبير نووي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، أنه من الجيد أن تقوم بيونج يانج بتفكيك منشأة إطلاق الصواريخ، لكنها خطوة إيجابية لا علاقة لها بقدرة كوريا الشمالية على إطلاق الصواريخ، مشيرًا إلى أن الأمر يتعلق بالكيفية التي ستبدو عليها إدارة ترامب. وقال "إنها تعطي ترامب فرصة للتمويه، ولا تعطي الرئيس أو مستشار الأمن القومي جون بولتون، أي سبب للهجوم عليها"، مضيفًا أنها "يمكن أن تخفف ضغط إدارة ترامب". وأشارت "فوكس" إلى أن الرئيس الأمريكي لا يزال يدلي بشكل علني على أن العلاقات مع كوريا الشمالية إيجابية، ولكنه أعرب عن غضبه، خلف الأبواب المغلقة من عدم إحراز تقدم. ولتجنب غضب ترامب، من المحتمل أن ترغب بيونج يانج أن تبدو كأنها تمنح ترامب شيئا ما، حتى لو استغرق ذلك ستة أسابيع منذ قمة سنغافورة. ويقول جيفري لويس الخبير في البرنامج النووي لكوريا الشمالية في معهد ميدلبوري للدراسات الدولية، إن تفكيك موقع "سوهاي" غير مكلف لبيونج يانج، فكوريا الشمالية لديها بالفعل التكنولوجيا لإطلاق الصواريخ إلى مسافات طويلة، ومن المحتمل أن البلد لم يعد بحاجة إلى هذا الموقع للبحث، وبالتالي فإن الاستغناء عنه بالكامل سيكون "بادرة حسن نية". الصور التي التقطت في الفترة من 20 إلى 22 يوليو لا تُظهر بشكل واضح ما الذي تفعله كوريا الشمالية، حيث يبدو أنها تُزيل السقالات، والتي يمكن إعادة الكثير منها بسرعة. اقرأ المزيد: صور حديثة تكشف آخر إجراءات كوريا الشمالية تجاه «نزع النووي» ويبدو أنه من الصعب القول ما النية الحقيقية لكوريا الشمالية، وهو ما دفع بومبيو، في حديثه إلى الصحفيين يوم الثلاثاء، إلى الدعوة بالسماح للمفتشين بزيارة الموقع. ويقول الخبراء إن الطريقة الوحيدة لمعرفة ما إذا كانت كوريا الشمالية جادة بشأن الاستمرار في نزع السلاح النووي، هي الكشف عن مواقع جميع منشآتها النووية السرية. في الوقت الحالي، تعلم الولاياتالمتحدة مواقع اثنين من هذه المنشآت، وقد تمتلك كوريا الشمالية عدد من المنشآت السرية، على الرغم من أنه من المحتمل أن الاستخبارات الأمريكية على علم بمواقعهم. وترى المجلة الأمريكية، أنه حتى تلك اللحظة، قد يكون الاحتفال بهذه الانتصارات الصغيرة أمرًا مقبولًا، ولكن يجب الوضع في الاعتبار أنه لا يزال هناك طريق طويل قبل أن تتمكن إدارة ترامب من ادعاء تحقيق نجاح حقيقي مع كوريا الشمالية.