انتشرت خلال السنوات الأخيرة العديد من الجماعات الأدبية التى تهتم بنشر القراءة بين قطاعات كثيرة في المجتمع خاصة الشباب، فتقدم لهم تسهيلات عدة، تصل في الكثير من الأحيان إلى منح روادها الكتب مجانا، بعضها ينظم جلسات قراءة في الأماكن المفتوحة، من بينهم "نادى كتاب ماذا نقرأ هذه الأيام"، التى تناقش في يوم الجمعة المقبلة رواية "ثرثرة فوق النيل" للأديب الكبير نجيب محفوظ وذلك في تمام الساعة الثانية بحديقة الحرية والصداقة أمام محطة مترو الأوبرا. الرواية التى طرحت عام 1966 في طبعتها الأولى بعد نشرها مسلسلة في جريدة الأهرام ابتعد فيها أديب نوبل قليلا عن الحارة، واختار النيل الذي له مكانة خاصة عنده، ويقول عنها: "في الأوقات التي كنت أجلس فيها بمفردي على شاطئ النيل كنت أشعر وكأن هناك علاقة حب ومودة تربطني بالنيل، فأناجيه وأتحاور معه كأنه شخص آخر أحيانا كنت أحدق فيه ولا أشبع من النظر إليه". محفوظ جمع في روايته مجموعة الأصدقاء في عوامة لا رابط واضح بينهم سوى تعاطى المخدرات، ف"الشلة" تضم عناصر من الطبقة البرجوازية المثقفة: كاتب، محام، صحافي، مالك عقارات، فنان، مترجمة، يجمعهم الحشيش والسخرية واللا مبالاة والعبث، ونجد بينهم أنيس زكى -الشخصية الرئيسية في الرواية- الذى يهتم بإعداد "الجوزة" مقابل السكن مجانا في العوامة. الرواية التى قدم فيها محفوظ نقدا واضحا للثورة لاقت غضبا كبيرا داخل مجلس قيادة الثورة، حتى إن المشير عبد الحكيم عامر قال: "نجيب زودها قوي"، فتدخل الفنان أحمد مظهر واتصل بسامى شرف ليوضح الأمر للرئيس جمال عبد الناصر، الذي حمى نجيب محفوظ في ذلك الوقت، وقال: "إحنا عندنا كام نجيب محفوظ؟ إنه فريد في مكانته وقيمته وموهبته، ومن واجبنا أن نحرص عليه كما نحرص علي أي تراث قومي وطني يخص مصر، ونجيب محفوظ لم يثبت عليه أبدا سوء نية تجاه الثورة مثل غيره من بعض الكتاب المعروفين، والأهم من ذلك كله، أن رواية ثرثرة فوق النيل فيها نقد، وأن النقد الذي تنطوي عليه صحيح، وعلينا أن نعترف بوجود السلبيات التي تشير إليها ونعمل على الخلاص منها، بدلا من أن نضع رأسنا في الرمال وننكر حقيقة ما تنبهنا إليه الرواية وكأنه غير موجود.. رغم أنه موجود ونحن نعترف بيننا وبين أنفسنا بذلك".