دخلت أزمة قانون تنظيم الصحافة والإعلام، نفقا مظلما، بعد إعلان ستة أعضاء بمجلس نقابة الصحفيين، رغبتهم في تقديم استقالاتهم واللجوء للجمعية العمومية، حال تجاهل لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب ملاحظات النقابة بشأن المواد المطلوب تعديلها بالقانون. وجاءت استقالة أبو السعود محمد، عضو مجلس النقابة، لتسكب البنزين على النار، داخل أروقة النقابة، للحد الذي طالب فيه عدد كبير من أعضاء الجمعية العمومية بالنقابة، بضرورة انعقاد اجتماع طارئ لمناقشة المواد المنصوص عليها بالقانون، لا سيما بعد تجاهل البرلمان ملاحظات النقابة فى المرة الأولى وإعلانه مشروع القانون دون عرض صيغته النهائية على مجلس النقابة بالمخالفة لنصوص الدستور. إجراءات تصعيدية ويناقش الأعضاء ال6 بمجلس النقابة -ممن أصدروا بيان التلويح بالاستقالة- الإجراءات التصعيدية، التي سيتم اتخاذها حال عدم خروج الاجتماع العاجل مع نقيب الصحفيين عبد المحسن سلامة وباقي زملائهم فى مجلس النقابة. وقال حسين الزناتي، عضو مجلس نقابة الصحفيين ونائب رئيس تحرير جريدة الأهرام وأحد الأعضاء الستة المطالبين بعقد اجتماع عاجل لمناقشة القانون، إن ما يثار حول وجود محاولة لشق الصف داخل نقابة الصحفيين أمر غير صحيح جملة وتفصيلا، موضحا أن جميع أعضاء المجلس على قلب رجل واحد فى تلك القضية، مشددا أنه لا يوجد خلاف مع النقيب عبد المحسن سلامة، وأن طبيعة الجمعية العمومية للنقابة في وقت الأزمات الكبرى، تتجلى في نسيان الجميع لانتماءاتهم السياسية. وأوضح الزناتي في تصريحات ل"التحرير"، أنهم منتظرون تحديد اجتماع مجلس النقابة برئاسة عبد المحسن سلامة نقيب الصحفيين، لمناقشة كيفية التحرك فى الفترة المقبلة ضد القانون الذي يتم مناقشته داخل البرلمان، قائلا: "موقفنا ليس من أجل مصالح شخصية ولكن من أجل الجمعية العمومية وحقوق الصحفيين الذين أعطونا أمانة ومسئولية ونحاول الحفاظ عليها". ونوه بأن الملاحظات التي وضعتها النقابة على قانون الصحافة والإعلام تمت بإجماع أعضاء المجلس دون اعتراض من أي عضو، وأن الأجواء كانت طيبة، مضيفا أن مجلس النقابة على مدى تاريخه وكذلك الجمعية العمومية، يتحرك لتحقيق المصلحة بعقل سياسي، مضيفا: الكل يعمل لمصلحة الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين. وأضاف أن ما أدى للغط التصريحات التي خرج بها كرم جبر، رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، والتي اعتبرها إهانة لمجلس نقابة الصحفيين بشكل مباشر، وما أصدرناه ليس فرمانات وإنما ملاحظات أخرجناها بشكل هادئ للغاية، وتصريحات كرم جبر كانت مؤشرا لمدى قبول هذه الملاحظات من مجلس النواب، وخلقت أجواء غير مواتية. قوة القانون فيما قال محمد سعد عبد الحفيظ، عضو مجلس النقابة، إنه سيتم تقديم طلب رسمي لمجلس النقابة اليوم "السبت"، لمطالبة نقيب الصحفيين عبد المحسن سلامة، بعقد اجتماع عاجل خلال 48 ساعة، موضحا أن الاجتماع سينعقد بقوة القانون، وفي حالة عدم الخروج بقرارات ونتائج إيجابية ترضي جموع الصحفيين، سيتم انعقاد مؤتمر صحفي فى نفس مقر الاجتماع وسيعلن فيه كل التفاصيل. فيما أوضح عمرو بدر عضو مجلس النقابة ل"التحرير"، أن كل التحركات التي يتم بذلها فى الوقت الحالي من أجل الحفاظ على حقوق الصحفيين وعدم الإخلال بها. جمعية عمومية طارئة وجاء نص الطلب الذي تقدم به أعضاء مجلس النقابة، وهم جمال عبد الرحيم ومحمد خراجة وحسين الزناتي ومحمد سعد عبد الحفيظ وعمرو بدر ومحمود كامل "السيد الأستاذ عبد المحسن سلامة نقيب الصحفيين السادة الزملاء أعضاء المجلس.. يتقدم أعضاء المجلس الموقعون على هذا الطلب بالدعوة لطلب اجتماع طارئ لمجلس النقابة خلال 48 ساعة، وذلك لمناقشة الآتي: أولا: لمناقشة الطلب المقدم من 183 زميلا لعقد جمعية عمومية طارئة ولإعلان موقف واضح ومعبر عن الجماعة الصحفية والذي بات أمرا ملحا وضروريا، وذلك بعد أن صدرت جميع التصريحات من المسئولين عن التعديلات المطلوبة لتؤكد أن القانون المشبوه باق بنصوصه الكارثية وأن أي تعديلات ستحدث، إن حدثت، ستكون شكلية وغير مؤثرة، وهو ما يعني عمليا أننا وصلنا لطريق مسدود بات معه استدعاء الجمعية العمومية للنقابة سبيلا لا مفر منه، وذلك بعد أن تأكد لنا وصول القانون إلى البرلمان بعد مراجعته من مجلس الدولة.. فقد بدأ المجلس الأعلى للإعلام في تطبيق هذا القانون بالفعل بقرار غير مسبوق يحظر النشر في قضية مستشفى 57357 والتي أثارتها الصحافة مؤخرا". وتابع: "ثانيا: الاستقالة المسببة التي تقدم بها الزميل أبو السعود محمد من عضوية مجلس النقابة والتي ارتبطت بشكل مباشر بمشروع قانون الصحافة الجديد الذي ينهي على المهنة ومستقبلها، بحسب ما جاء في نص استقالة الزميل أبو السعود «أشعر أن الحرب ضد الصحفيين وحريتهم في التعبير عن آمال وآلام شعب مصر قد وصلت لنهاية المطاف.. وصولا إلى المسمار الأخير الذي تريد الدولة أن تضعه في نعش الحريات لتكبيل أيدينا وألسنتنا وعقولنا وضمائرنا بقانون فاقد للأهلية»". واختتم: "السيد النقيب، السادة أعضاء المجلس: إزاء الحصار الذي تتعرض له الصحافة والرغبة في تمرير قانون تدمير المهنة، أضحت الجماعة الصحفية تنتظر صوت مجلسها المنتخب الذي يعبر عنها، وقد تكون استقالتنا من المجلس أشرف مئات المرات من تمرير هذا القانون دون موقف واضح". مؤشرات إيجابية لحل الأزمة من جانبه قال عبد المحسن سلامة، نقيب الصحفيين ل"التحرير"، إنه سيمثل لرغبة أعضاء مجلس النقابة ال6 الذين طالبوا بعقد اجتماع عاجل لمناقشة قانون تنظيم الصحافة والإعلام، منوها بأن النقابة لديها بعض الملاحظات على مشروع القانون أخطرت كل المؤسسات المعنية بها، مشيرا إلى أن هناك مؤشرات إيجابية حول حل تلك الإشكالية، وهو ما ظهر جليا فى تصريحات أسامة هيكل رئيس لجنة الثقافة والإعلام بالبرلمان الأخيرة. مواد دستورية في الوقت الذي أكدت فيه الهيئة الوطنية للصحافة برئاسة كرم جبر، أن الادعاء بأن هذا القانون تضمن نصوصا تؤدي إلى حبس الصحفيين، أمر مخالف للواقع لأن المادة 29 الخاصة بحبس الصحفيين، المنصوص عليها في قانوني الصحافة والإعلام منقولة نصا من المادة 71 من الدستور، الذي أعدته لجنة الخمسين برئاسة عمرو موسى، ومن بين الأسماء التي ضمتها في عضويتها: حسين عبد الرازق، محمود بدر، محمد سلماوي، خالد يوسف، سيد حجاب، جبالي المراغي، سامح عاشور، منى ذو الفقار، كمال الهلباوي، السيد البدوي، محمد أبو الغار، محمد سامي، عبد الجليل مصطفى، جابر جاد نصار، عمرو الشوبكي، سعد الدين الهلالي، هدى الصدة، محمد غنيم، مسعد أبو فجر. وطالبت بإلغاء المادة 29، التي تثير الجدل شريطة مراعاة أحكام الدستور في هذا الشأن. وأضافت، أنه لم يتضمن القانون حذف أو إضافة للمادة الخاصة بالمد للعاملين للمؤسسات الصحفية وترك الباب مفتوحاً للمؤسسات لاختيار من تراه، وفقاً لظروفها واحتياجاتها ويقتضي مبدأ مراعاة فتح الأبواب أمام شباب الصحفيين وحقهم في الترقي وتولي المناصب حتى لو كان المد للخبرات، التي تحتاجها المؤسسات يتجاوز 65 عاما. وطالبت الهيئة، بأن يكون المعينون في مجال الإدارات عن طريق رئيس مجلس إدارة كل مؤسسة وليس بقرار من الهيئة، وهو ما استجاب له البرلمان، تحقيقاً لحق كل مؤسسة في اختيار الكفاءات والشخصيات التي ترى فيها تحقيق الخطط المزمع تنفيذها. وبالنسبة للجمعيات العمومية، فلا يتسق مع مصالح المؤسسات أن يكون رئيس مجلس الإدارة هو رئيس الجمعية العمومية التي تحاسب مجلس الإدارة، فكيف يحاسب نفسه ويراقب نفسه ويقرر العقوبات عند عدم تنفيذ خطط الإصلاح على نفسه؟ ويقتضي مبدأ تعارض المصالح أن يكون الفصل تاماً بين من يدير ومن يملك، ويعلم جموع الصحفيين الأخطاء التي ترتبت على الجمع في السنوات الماضية وأدت إلى تدهور الأوضاع في كثير من المؤسسات. وقالت إنه ليس صحيحاً أن الهيئة الوطنية للصحافة تسعى للهيمنة على المؤسسات الصحفية، لأن اجتماع الجمعية العمومية يكون مرة واحدة كل سنة، لمناقشة الميزانية والحساب الختامي، وما يقدمه رئيس مجلس الإدارة، ثم تلقي تقارير المتابعة ربع السنوية، ويكون للجمعية العمومية الحق في تجديد الثقة أو حجبها وفقاً للنتائج التي تحققها، فكيف تهيمن على المؤسسات وهي لا تجتمع بهم إلا مرة واحدة كل عام؟ ونوهت بأن القانون يحقق أعلى درجات الشفافية والنزاهة والمراقبة والمساءلة، بما يتضمنه من إجراءات لتحديد الأجور والمرتبات التي يحصل عليها كل العاملين ورؤساء مجالس الإدارة لتحقيق عدالة الأجور والقضاء على الفوارق الكبيرة التي تسبب عدم رضا أعداد كبيرة من العاملين في المؤسسات الصحفية. وأضافت أن القانون أخذ حقه من المداولة والنقاش وإبداء الرأي على مدى ثلاث سنوات، وليس صحيحا أنه لم يعرض على الجهات والهيئات المعنية، بل ناقشته وأبدت رأيها فيه، وأكدت أن القانون يضع لأول مرة القواعد الحاكمة لإصلاح المؤسسات الصحفية القومية وإدارة أموالها وأصولها بشكل اقتصادي رشيد، يسمح بتطوير أدائها في كل المجالات حتى يمكنها الاعتماد على مواردها الخاصة في السنوات القادمة. أشارت، إلى أن القانون يتضمن نصوصاً قاطعة لشفافية إدارة المؤسسات، بعلانية عقد جلسات وإتاحة الفرصة للعاملين بالمؤسسات الصحفية لحضورها، والاطمئنان على حرية وسلامة إدارة أموال المؤسسات، والبعد عن كل السياسات التي كانت تتم في الخفاء وأدت إلى تدهور الأوضاع. وناشدت الهيئة جموع الصحفيين أن يقرأوا بأنفسهم نصوص القانون، ولا يعتمدوا على الأقوال المرسلة التي لم ينص عليها القانون أصلاً.. نرجو من الزملاء أن تتضافر جهودهم لاستكمال مسيرة نهضة المؤسسات الصحفية القومية، والتعامل مع التحديات التي تواجهها بإجراءات سليمة وشفافة. وكان أسامة هيكل، رئيس لجنة الثقافة والإعلام والآثار بمجلس النواب، قد وصف مشروع قانون "تنظيم الصحافة والإعلام" المقدم من الحكومة، بأنه "تحول رئيسي وإنقاذ للمؤسسات القومية الصحفية والإعلامية" من أجل غد أفضل مشرق لهذه المؤسسات. وأعلن هيكل فى تصريحات صحفية له، أن مشروع القانون سيصدر خلال دور الانعقاد الحالي لمجلس النواب بعد أن انتهى مجلس الدولة من مراجعته، مؤكدا دستورية النصوص الواردة في مشروع القانون بنسبة 100%. وأوضح أنه ليس شرطا أن يؤدي رؤساء الهيئات الثلاث للصحافة والإعلام اليمين القانونية عقب صدور قرار رئيس الجمهورية بهذا الشأن خلال دور الانعقاد الحالي، متوقعا أن يؤدي رؤساء الهيئات اليمين أمام مجلس النواب مع بدء دور الانعقاد الرابع للبرلمان. وأشار إلى أن نقابة الصحفيين قدمت إلى مجلس النواب ملاحظات، بشأن مشروعات القوانين، معربا عن تقديره لهذه الملاحظات التى وصفها بالموضوعية. وأوضح أن سبب تأخر اللجنة في الانتهاء من مشروع القانون هو أنه لم يكن يعالج القضايا المستجدة للإعلام الإلكتروني، وأن اللجنة عملت من أجل أن يواكب الإعلام المرئي والمسموع والإلكتروني التطور السريع الذي يحدث على أرض الواقع. ونبه إلى أن جموع الصحفيين واعية بمن يتحرك مدفوعا بمصلحة شخصية وبمن يسعى من أجل تحقيق المصلحة العامة، مشددا على ضرورة ترسيخ المؤسسية بتفعيل الشفافية والمحاسبة.