تعمل إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على الضغط على النظام الإيراني، وذلك عن طريق مطالبة مستوردي النفط العالميين بتقليص وارداتهم من النفط الإيراني. وأشارت شبكة "سي إن بي سي" الأمريكية، إلى أن محاولة إدارة ترامب معاقبة إيران من خلال تقليص صادراتها من الطاقة، تقوض هدفها المتمثل في منع ارتفاع أسعار النفط قبيل انتخابات التجديد النصفي للكونجرس المقرر لها نوفمبر المقبل. حيث تهدد هذه السياسة بنقص في النفط الخام حول العالم، وزيادة أسعار البنزين في محطات الوقود الأمريكية، وذلك قبل إدلاء الناخبين بأصواتهم في الانتخابات التي قد تمنح الديمقراطيين السيطرة على مجلس النواب. وبدا أن ترامب تمكن من حل هذه الأزمة منذ أكثر من أسبوع، عندما اتفق مع عدد من منتجي النفط على ضخ المزيد من النفط الخام ليرفعوا إنتاجهم لمواجهة الزيادة المتوقعة في أسعار النفط المرتفعة. حيث ضغطت إدارة ترامب على السعودية لزيادة إنتاجها خوفًا من أن تؤثر عقوبات ترامب على صادرات النفط الإيرانية، على أسعار البنزين في محطات الوقود الأمريكية. لكن بعد أيام فقط من إعلان منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" قرارها بالموافقة على زيادة الإنتاج، تسببت وزارة الخارجية الأمريكية في ارتفاع أسعار النفط، بعد أن أعلنت عن سياسة تهدد بوقف الكثير من صادرات النفط الإيرانية في الأشهر المقبلة. اقرأ المزيد: إيران تهدد من يمس حصتها بسوق النفط.. وترامب يلجأ للسعودية وهو ما دفع ترامب إلى التغريد، يوم السبت، معلنًا أنه تواصل مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وطلب منه أن يرفع الإنتاج بما يصل إلى مليوني برميل في اليوم، وهو ضعف ما وافق عليه السعوديون وحلفاؤهم في الأسبوع السابق. وفي وقت لاحق، تراجع البيت الأبيض عن ادعاء ترامب على تويتر أن الملك سلمان وافق على طلبه، وأضاف أن المحللين غير متأكدين من قدرة السعودية على تحقيق هذا الطلب. ومما يزيد الأمور صعوبة، فرضت إدارة ترامب مهلة على مشتري النفط لقطع المشتريات من إيران بحلول 4 نوفمبر المقبل، قبل يومين فقط من تصويت الأمريكيين في انتخابات التجديد النصفي. وأشارت الشبكة الأمريكية، إلى أنه ما زال من غير الواضح إلى أي مدى سيضر ارتفاع أسعار البنزين بالجمهوريين في الانتخابات، أو ما إذا كان الناخبون سيربطون سياسات ترامب بأسعار الوقود. إلا أن التهديد بارتفاع أسعار الوقود يأتي في الوقت الذي تدخل فيه الولاياتالمتحدة حربا تجارية مع أكبر شركائها التجاريين، لتخاطر بوضع المزيد من التكلفة على أسعار المستهلكين وتقليل نظرة الأمريكيين إلى الاقتصاد. وقد ألقى الرئيس الأمريكي باللوم على أوبك في ارتفاع أسعار النفط أكثر من مرة، حيث حدّت المجموعة من إنتاجها خلال الثمانية عشر شهرًا الماضية لتقليص وفرة النفط عالميًا التي أرسلت أسعار النفط الخام إلى أدنى مستوياتها منذ 12 عامًا، وتسببت في إفلاس مئات شركات الطاقة في الولاياتالمتحدة. اقرأ المزيد: هل تستعد الهند لوقف وارداتها من النفط الإيراني؟ وضعت هذه الاستراتيجية أسعار النفط في طريق ثابت نحو الانتعاش، لكن المحللين يقولون إنه من الواضح أن موقف ترامب المتشدد من إيران، خامس أكبر منتج للنفط في العالم، وراء الارتفاع الأخير في الأسعار. وتسارعت الزيادة في أسعار النفط قبل قرار ترامب في مايو بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، وإعادة فرض العقوبات على البلاد. وارتفعت أسعار النفط أكثر من 14% على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، وفي الأسبوع الماضي وحده، ارتفع الخام الأمريكي بأكثر من 8 %، ليغلق فوق مستوى 74 دولارًا للبرميل للمرة الأولى منذ نوفمبر2014. وأشار عدد من المحللين إلى أن السبب الرئيسي في ذلك، كان إعلان وزارة الخارجية يوم الثلاثاء أن الإدارة تطالب مشتري النفط العالميين بالتوقف عن استيراد النفط الإيراني بحلول 4 نوفمبر، وهو ما أثار صدمة في سوق النفط، الذي كان يتوقع أن يسمح ترامب للمشترين بالتخفيض التدريجي لمشتريات النفط الإيراني. وتقول هيليما كروفت مديرة الإستراتيجية العالمية للسلع في شركة "آر بي سي كابيتال ماركتس" إن إستراتيجية ترامب الأكثر عدوانية تعني أن الخام الأمريكي قد يرتفع قريبًا إلى 80 دولارًا للبرميل. وأضافت في مقابلة مع شبكة "سي إن بي سي" أن هذه الاستراتيجية "محفوفة بالمخاطر للغاية" لأنها تترك سوق النفط مع عدد قليل من الخيارات في حالة انقطاع الإمدادات. اقرأ المزيد: هل تتدخل الصين لإنقاذ إيران من العقوبات الاقتصادية الأمريكية؟ وتابعت أن إنتاج فنزويلا بالفعل في طريقه للتراجع بما يصل إلى مليون برميل يوميا هذا العام، في حين أن انقطاعات مفاجئة في ليبيا وكندا خفضت بشكل كبير الإمدادات الأسبوع الماضي، وأكدت "لا يمكننا تحمل المزيد من الاضطرابات في إمدادات النفط، إذا قمنا بإخراج إيران من سوق النفط". من جانبه قال أندرو ليبو، رئيس شركة "ليبو أويل أسوشيتس"، إنه بالنظر إلى هذه العقبات، قد ترتفع أسعار النفط الخام بما يكفي للقضاء على الانخفاض الموسمي في أسعار البنزين، الذي يستفاد به الأمريكيون عادة في الخريف. وأضاف أنه إذا ارتفع سعر خام برنت إلى ما بين 10 و90 دولارًا للبرميل، فإن تكلفة جالون البنزين العادي ستصل إلى أعلى معدل في البلاد اليوم وهو 2.85 دولار للجالون، وأكد أن الشيء نفسه ينطبق على وقود الطائرات ووقود الديزل الذي يعمل على تشغيل أسطول النقل البحري في البلاد. وأشار إلى أنه "نتيجة لذلك، ينبغي على المستهلك أن يتوقع دفع المزيد مقابل تذاكر الطيران"، كما "سيشعر المستهلك بارتفاع أسعار الديزل، في شكل ارتفاع في أسعار السلع والخدمات". وأكد عدد من المحللين أن هذه الزيادة المستمرة في أسعار النفط العالمي، والتي ستؤثر بدورها على أسعار الوقود والخدمات داخل الولاياتالمتحدة، من المتوقع أن تضع المرشحين الجمهوريين في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في موقف صعب.