على ملعب سانت بطرسبرج، اليوم الجمعة، وبالتحديد في تمام الساعة الخامسة عصرًا، على ملعب كريستوفسكي، يفتتح المنتخبان المغربي والإيراني مشوارهما في نهائيات كأس العالم روسيا 2018، حيث تشكّل نهائيات هذا العام مغامرة خاصة لكلا الفريقين. وبعد انتظار طويل دام عقدين من الزمن منذ آخر مشاركة لكتيبة أسود الأطلس في المونديال، سيسعى أشبال المدرب هيرفيه رينارد إلى تحقيق أقصى استفادة من هذه الفرصة التاريخية التي ظل يحلم بها المغاربة منذ ظهور فريقهم في نهائيات فرنسا 1998. من جانبه، يدخل منتخب إيران غمار البطولة على خلفية نجاحه للمرة الأولى في بلوغ نسختين متتاليتين من نهائيات كأس العالم، إذ من المؤكد أن يكون حافز اللاعبين مضاعفاً في ظل قرار المدرب كارلوس كيروش القاضي بترك الفريق بعد سبع سنوات على رأس إدارته. وتعد هذه هي المرة الخامسة التي تخوض فيها إيران غمار بطولة كأس العالم، لكن تجاوز مرحلة المجموعات لا يزال حلمًا بعيد المنال لأبناء غرب آسيا، فعندما أصبح "تيم ملي" ثاني فريق يحجز تذكرة العبور إلى روسيا 2018، كانت الآمال الإيرانية كبيرة في تخطي هذا الحاجز، لكن بعدما أوقعته القرعة في المجموعة الثانية أضحى هذا الهدف أكثر صعوبة في أعين العديد من المتابعين، فقبل ملاقاة إسبانيا والبرتغال في وقت لاحق، ستكون مواجهة المغرب في افتتاح المشوار بمثابة معركة حاسمة قبل الأوان. وبعد 20 عاماً من الإنتظار، يشهد اليوم عودة المغرب إلى المسرح العالمي، لكن بالنظر إلى حجم التحدي الذي يواجهه أسود الأطلس، لم يعد هناك مجال لإضاعة الوقت في استحضار الذكريات، ففي هذه المباراة الأولى، سيكون الفريق مطالباً بتحقيق الفوز ولا شيء سواه، وباعتباره المنتخب الوحيد الذي تأهل دون أن تستقبل شباكه أي هدف، فلا شك أنه سيعوّل على دفاعه القوي وأسلوبه الجماعي في سعيه لتحقيق المبتغى. فبعد تتويجه بكأس الأمم الأفريقية مرتين مع بلدين مختلفين، محققاً بذلك إنجازاً غير مسبوق في تاريخ البطولة، تمكن المدير الفني الفرنسي - المتخصص في كرة القدم الأفريقية - من ضمان أول مشاركة له في كأس العالم بفوز تاريخي في أبيدجان يوم 17 نوفمبر 2017، ليحتفل أخيراً باللحظة التي كان ينتظرها منذ عشر سنوات. ولا شك أن تلك اللحظة ذكّرت المغاربة بالسعادة التي غمرتهم عام 1998، عندما تمكن أسود الأطلس من التأهل للعرس العالمي في فرنسا، بفضل جيل من المواهب الفذة، وفي مقدمته مصطفى حاجي الذي يشغل الآن منصب مساعد المدرب رينارد. بين الصلابة واللعب الهجومي يتميّز المنتخب المغربي بتماسك خطوطه وبروحه التنافسية العالية، علماً أنه الفريق الأفريقي الوحيد في روسيا 2018 الذي لم يخسر في الدور الثالث من التصفيات المؤهلة للعرب العالمي، فإذا كانت نقطة قوته تتمثل في متانة خط دفاعه بقيادة الكابتن مهدي بنعطية، فإن مهاجميه يزخرون بإمكانيات لا يُمكن الإستهانة بها، حيث سجل أسود الأطلس 11 هدفاً في الطريق إلى كأس العالم، علماً أن أربعة منها حملت توقيع خالد بوطيب. وسيعمل المغاربة على الإستعانة بكل هذه الأسلحة المتاحة في سعيهم إلى تجاوز مجموعة ثانية بالغة التعقيد، حيث وضعتهم القرعة إلى جانب كل من إيرانوالبرتغال وإسبانيا. ويصل أسود الأطلس إلى النهائيات العالمية على خلفية 18 مباراة متتالية دون خسارة، حيث أكد رينارد أن فريقه جاهز لكتابة صفحة جديدة من صفحات التاريخ. يُذكر أن المغرب سبق له أن تغلب على البرتغال وتأهل للدور الثاني في نهائيات المكسيك 1986، ليكون بذلك أول فريق أفريقي يتخطى مرحلة المجموعات في تاريخ كأس العالم. وبينما أثبت أساطير 1986 و1998 جدارتهم على المحفل العالمي، ها هو الدور يأتي اليوم على نجوم 2018 لتأكيد علو كعبهم في أكبر بطولة على الإطلاق. تشير الأرقام إلى أن منتخب المغرب وصل إلى النهائيات على خلفية 18 مباراة متتالية دون هزيمة، باحتساب المواجهات التي خاضها ضد صربيا ونيجيريا وكوريا الجنوبية ومصر، وهي كلها منتخبات مشاركة في كأس العالم هذا الصيف، علماً أن بلجيكا (19) وإسبانيا (20) هما الوحيدان اللذان حققا سجلاً أفضل من أسود الأطلس في الطريق إلى روسيا 2018.