يوما بعد يوم تتضح ملامح معركة الجنوب السوري، خاصة في ظل استمرار القوات السورية باستقدام تعزيزات عسكرية إلى مناطق متعددة من مثلث الموت في المنطقة الجنوبية. التعزيزات شملت وصول أكثر من 3 آلاف عنصر من الفرق الرابعة والسابعة والأولى، وأخرى تتبع الفصائل الموالية لقوات النظام، مثل "لواء القدس" و"جبهة تحرير فلسطين". وتنقسم هذه التعزيزات التي جاءت على شكل أرتال عسكرية إلى 25 سيارة دفع رباعي مزودة برشاشات ثقيلة ومتوسطة المدى، وأكثر من 10 دبابات من أنواع مختلفة لكن معظمها من طراز "تي–72"، إضافةً إلى راجمات من نوع "جولان" و"قدس"، وهي أسلحة تصنعها قوات الفرقة الرابعة محليًا، وفقًا ل"المدن اللبنانية". وتوزعت هذه التعزيزات العسكرية في نقاط عسكرية عديدة في منطقة مثلث الموت منها "نقطة عيون العلق في ظهرت حمريت، ونقاط بلدة سبسبا، وتل قرين"، كما قامت قوات النظام بوضع عدد كبير من الكاميرات الحرارية لرصد أي تحركات لفصائل المعارضة المسلحة. اقرأ أيضًا: إيران ترفض الانسحاب من سوريا.. وضغوط روسية لإخراجها ويبدو أن القوات عملت على إنشاء غرفة عمليات عسكرية مشتركة بينها، بقيادة شخص لبناني يلقب بأبو العباس اللبناني، وهو من القادة البارزين لميليشيا "حزب الله" في المنطقة، والرائد محمد حيمود من بلدة دريكيش، وهو يتبع للفرقة السابعة في ريف دمشق الغربي. في السياق ذاته، شهد مركز محافظة القنيطرة وصول تعزيزات عسكرية من ميليشيات "لواء القدس" و"جبهة تحرير فلسطين"، ومن المتوقع أن تشن هذه القوات هجومًا عسكريًا مكثفًا من محاور ونقاط عديدة في منطقة مثلث الموت، وفي القنيطرة بشكل متزامن، بحسب الموقع اللبناني. وتشمل خطة النظام التي تقوم على الهجوم من نقطتين بغطاء جوي ومدفعي تمهيداً للاقتحام البري، النقطة الأولى من منطقة الحميدية التي تسيطر عليها قوات المعارضة المسلحة في ريف القنيطرة المتاخمة للشريط الحدودي مع الجولان المحتل، والتي تعد طريق الإمداد الغذائي والعسكري لبلدات جباتا الخشب وأوفانا، والسيطرة عليها تعني حصار تلك البلدات بشكل محكم. أما النقطة الثانية هي منطقة مثلث الموت، ومن المتوقع أن تمتد العمليات في النقطة الثانية على محورين، الأول تل قرين باتجاه بلدة كفرناسج، والثاني عين العلق في ظهرت حمريت باتجاه تل المال وصولاً إلى تل الحارة الاستراتيجي. اقرأ أيضًا: انسحاب حزب الله من جنوبسوريا.. دعمٌ للأسد أم إرضاء لإسرائيل؟ النشاط الإيراني يبدو واضحًا في تلك المنطقة، على الرغم من التحذيرات التي أطلقتها واشنطن، والاستعداد الإسرائيلي الدائم لاستهداف أي تحركات إيرانية في تلك المنطقة الحساسة، بحسب وكالة مهر الإيرانية. وخلال اليومين الماضيين، وصلت قوات تتبع فيلق "قدس" إلى بلدة دير العدس، وتل الغشم القريب من بلدة كفر شمس، الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة المسلحة. كما شهدت الأيام الماضية اجتماعًا عسكريًا ضم قيادات من قوات النظام والميليشيات الرديفة له في معسكر طلائع البعث، وهو مقر تدريبي لحزب الله. ووفقًا للوكالة، فقد حضر الاجتماع قائد "قوات الغيث" العقيد غيث دلة، وقائد الكتيبة الأولى في "فوج الجولان" أبو مشهور، الذي يتولى تأمين بلدة حضر، والقائد العام لميليشيا "فوج الجولان" خالد أباظة، وعدد من قياديي "حزب الله"، عرف منهم الحاج أبو العباس اللبناني، قائد غرفة عمليات مثلث الموت في معكسر الطلائع في نبع الفور بريف القنيطرة. المحلل السياسي الروسي أندريه أونتيكوف قال: إن "الموقف الروسي مبدئي، وهو أنه لا يمكن أن يكون على الجغرافية السورية منطقة غير خاضعة لسيطرة السلطات السورية، وأن هناك نقطة مهمة أشار إليها اجتماع أستانا وهي أن مناطق خفض التصعيد هي مرحلة مؤقتة، وكل المناطق بما فيها الجنوب السوري يجب أن تعود إلى سيطرة الدولة السورية"، وفقًا ل"سبوتنيك". "أونتيكوف" أضاف أن ما يقلق الولاياتالمتحدة في الجنوب السوري هو أمن إسرائيل، وهي تسعى للحفاظ عليه، لذلك تسعى الولاياتالمتحدة لأن لا تكون قوات على الحدود مع إسرائيل، لكن روسيا تصر على أن تنتشر القوات السورية في جنوبسوريا وعلى الحدود مع إسرائيل. اقرأ أيضًا: لماذا تخلت روسيا عن إيران في سوريا؟ تقارير إعلامية إسرائيلية ذكرت أن روسيا عرضت إقناع إيران بالانسحاب من الهجوم، إذا وافقت تل أبيب على عدم التدخل في الهجوم. فإيران ربما تقبل البقاء خارج معركة الجنوب السوري، لثلاثة أسباب، أولها رغبة طهران في الحفاظ على علاقتها الجيدة مع روسيا بعدما انسحبت الولاياتالمتحدةالأمريكية من الاتفاق النووي معها. يضاف إلى ذلك حدوث مناوشات بين إسرائيل والقوات الإيرانية في سوريا، وهو ما يجعلها في أشد الحاجة للاعتماد على روسيا والحفاظ على علاقتها معها في الفترة الحالية، بحسب موقع "ستراتفور" الأمريكي. وأخيرًا تأمل إيران في أن يتمكن الجيش السوري من استعادة كافة المناطق في الجنوب، لكن مشاركة قواتها في تلك المعركة ربما تقود لاندلاع صراع أكبر تشارك فيه إسرائيل، وهو ما قد يعطل جهود الجيش السوري في استعادة السيطرة على مناطق الجنوب.