يشهد العراق حالة من الغموض السياسي بعد القرارات التي أصدرها البرلمان أمس، والتي تتعلق بنتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت خلال الشهر الماضي، حيث تسببت هذه القرارات في إرباك المشهد إذ إنها المرة الأولى منذ 15 عاما التي يطلب فيها أن يعاد فرز أصوات الناخبين. تعديل ثالث فخلال جلسة استثنائية حضرها 172 نائباً، أقر البرلمان العراقي تعديلا ثالثا على قانون الانتخابات شمل إعادة فرز الأصوات يدويا في الانتخابات البرلمانية، وبإشراف قضائي على عمل مفوضية الانتخابات. وكان قد جرى فرز الأصوات لأول مرة باستخدام نظام إلكتروني لمنع أي تلاعب، لكن يقال إنه تسبب في كثير من الخروقات. كما قرر البرلمان إحالة أعضاء المفوضية المستقلة للانتخابات إلى هيئة النزاهة والتقاعد، على خلفية خروقات شابت اقتراع الشهر الماضي. اقرأ أيضا : الانتخابات العراقية.. هل تنقذ البلاد من الانقسامات الطائفية؟ وقرر البرلمان انتداب 9 قضاة بدلاً من أعضاء المفوضية الحاليين، لتولي العد والفرز اليدوي لكل الصناديق، حيث أظهر نص التعديل أنه سيتم انتداب قضاة اختارهم جميعا مجلس القضاء الأعلى في العراق ليحلوا محل مسؤولي المفوضية المحليين في كل محافظات البلاد. وألغى التعديل أيضا نتائج التصويت في الخارج وكذلك أصوات النازحين في بعض المحافظات، وهي الأنبار وصلاح الدين وديالى ونينوى. واستبعد البرلمان كذلك استخدام أجهزة فرز الأصوات إلكترونيا في المستقبل، وهي الأجهزة التي قيل إنها كانت سببا في كثير من الخروقات. خروقات جسيمة جاءت قرارات البرلمان، بعد يوم من تأكيد رئيس الوزراء حيدر العبادي إن الانتخابات التى فاز فيها تحالف "سائرون" الذى يتزعّمه رجل الدين مقتدى الصدر، شهدت "خروقات جسيمة"، حيث قال العبادي الذي جاءت كتلته في المركز الثالث، إن خروقات "جسيمة" وقعت خلال الانتخابات وإن اللوم يقع على عاتق المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وقرر حظر سفر أعضاء كبار بها دون الحصول على تصريح منه، بحسب "سبوتنيك". اقرأ أيضا : قبل الانتخابات العراقية.. «المجرب لا يجرب» تضع التحالفات الشيعية في مأزق كما جاءت القرارات على خلفية الجدل الواسع في البلاد بشأن حدوث عمليات تزوير في الانتخابات، حيث قرر البرلمان الأسبوع الماضي إلغاء أصوات العراقيين في الخارج والنازحين داخل مخيمات البلاد، فضلا عن إلزام المفوضية بإجراء العد والفرز اليدوي ل10% من صناديق الاقتراع، لكن مفوضية الانتخابات رفضت الإذعان لقرار البرلمان، وقالت إنه يخالف القوانين النافذة. مصادقة الرئيس ووفق الدستور العراقي، تحتاج القوانين الصادرة من البرلمان إلى مصادقة رئيس الجمهورية عليها خلال أسبوعين، وهو ما يستبعده نواب حضروا جلسة البرلمان أمس، إذ اعتبروا أن الرئيس فؤاد معصوم قد يقرر الطعن بالتعديل الجديد لقانون الانتخابات، كما طعن سابقاً بالقرارات التي أصدرها البرلمان في هذا الصدد. وبرغم إصدار القرارات الجديدة بصيغة قانون، وهي منسجمة مع قرارات اتخذها مجلس الوزراء العراقي أول من أمس في السياق ذاته، إلا أن جدلاً أثير أمس حول دستورية التعديل الذي أجراه البرلمان على قانون الانتخابات، إذ يفرض التعديل تطبيقه بأثر رجعي على الانتخابات التي جرت في 12 من الشهر الماضي، مما قد يفتح الباب أمام طعن جديد في القانون أمام المحكمة الدستورية، بحسب "الحياة". اقرأ أيضا : «الملابس الداخلية» و«الخمور».. أحدث طرق الدعاية في الانتخابات العراقية عرقلة تشكيل الحكومة ومن شأن هذا التعديل عرقلة العملية المعقدة لتشكيل حكومة جديدة، كما أنه يضع الحكومة والبرلمان في مواجهة مع المفوضية العليا المستقلة للانتخابات مما يزيد من الغموض السياسي في العراق، وفقا لوكالة "رويترز". وتفرض التطورات الجديدة واقعاً مختلفاً على القوى السياسية الفائزة، والتي تعطلت حواراتها حول تشكيل الحكومة بانتظار المصادقة النهائية للمحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات. ووفق مصادر مطلعة، فإن قانون البرلمان الجديد، لو طُبق، قد يتطلب أسابيع عدة لإقراره دستورياً قبل بدء العد والفرز اليدوي لصناديق الاقتراع. وعما إذا كان القانون يسري بأثر رجعي أم لا، نقلت "الشرق الأوسط" عن الخبير القانوني أحمد العبادي تأكيده أنه طبقاً للدستور العراقي فإن القوانين لا تسن بأثر رجعي، مشيرا إلى أن عملية إعادة العد والفرز اليدوي التي أقرها البرلمان تحتاج إلى تعديل هذه الفقرة، لأن القانون الذي كان البرلمان صوّت عليه عام 2013 أقر العد والفرز إلكترونياً، وبالتالي فلا بد من حل مثل هذه الالتباسات. اقرأ أيضا : الجارديان: الانتخابات العراقية أثبتت فشل أمريكا وإيران إلا أن نائباً عن "ائتلاف دولة القانون" الذي يقوده نوري المالكي اعتبر أن "القوانين يمكن أن تسري بأثر رجعي ما لم يترتب على ذلك أعباء مالية"، مشيرا إلى أن "السؤال هنا هو عما إذا كان موضوع إعادة الفرز والعد اليدوي الذي أقر بهذا التعديل يحتاج إلى أموال". من المستفيد؟ "أكبر مستفيدين من هذه العملية هما رئيسا البرلمان سليم الجبوري والحكومة حيدر العبادي"، هذا ما أكده مصدر نيابي والذي أوضح "أن الجبوري يرى أنه ظلم كثيراً في هذه الانتخابات، وتقول مصادره المقربة إن هناك من دفع نحو 5 ملايين دولار كي لا يفوز الجبوري بهذه الدورة بسبب خلافات حادة مع أطراف سنية، لا سيما في الأنبار وبغداد". أما العبادي، فيشير المصدر أنه "شعر بالإحباط وبأن النتائج لم تكن لصالحه، سواء على صعيد الأصوات التي حصل عليها بصفة شخصية وبلغت أكثر قليلاً من 55 ألف صوت، أو من جراء النتائج العامة إذ كان يتوقع حصوله على المركز الأول، وهو الذي هزم تنظيم داعش وتمكن من عبور الأزمة الاقتصادية الصعبة خلال السنوات الأربع الماضية"، وفقا ل "الشرق الأوسط". اقرأ أيضا : لافتات الانتخابات العراقية بطهران تثير غضب الشعب الإيراني انقلاب على الديمقراطية تحالف القوى العراقية وصف تعديل قانون الانتخابات بأنه انقلاب على الديمقراطية و"جسر" لفوز الخاسرين. وذكر بيان للتحالف أن "تعديل قانون الانتخابات الذي أصدره مجلس النواب انقلاب على الديمقراطية ومحاولة يائسة لاستغلال السلطة التشريعية جسرا لفوز الخاسرين والمنبوذين شعبيا"، وأكد أن "ما أقدمت علية قلة من الخاسرين يخرق أحكام المادة (6) من الدستور وتلغي مبدأ التداول السلمي للسلطة". وشدد على أن "المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أنجزت ما عليها بكل مهنية، والقرار الآن في ساحة القضاء العراقي وهو الفيصل في الحكم ببطلان مسرحية الخاسرين في الانتخابات"، وفقا ل"الغد برس". كما أبدى تحالف سائرون المدعوم من الصدر، قلقه من تعقد المشهد السياسي بعد إقرار البرلمان قانون التعديل الثالث لقانون الانتخابات، موضحا أن المحكمة الاتحادية لها القرار النهائي بشأن نتائج الانتخابات، بحسب "أصوات العراق". تجدر الإشارة إلى أنه قد سبق قرارات البرلمان، إقرار مجلس الوزراء العراقي توصيات لجنة تحقيق ضمت رؤساء هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية وجهاز الاستخبارات ومستشارية الأمن الوطني وجهات أخرى، أوصت بإلغاء نتائج انتخابات الخارج وعدد كبير من مراكز تصويت النازحين، ورجح مراقبون تغييراً في أسماء من 10 إلى 15 مرشحاً من الفائزين.