لم تعد موهبة باسل الخياط الفطرية في تمثيل أدوار الشر تفاجئنا؛ فبعد دور "توفيق" المريض النفسي السايكوباتي الذي قدمه الفنان السوري في شهر رمضان الماضي بمسلسل "30 يوم"، يستمر باسل في إبهارنا هذا العام بدور الزوج المضطرب والقاتل المتسلسل في مسلسل "الرحلة"، اختلاف أدوار باسل عمّا تعودنا عليه في الدراما المصرية يذكرنا دومًا بالسينما العالمية التي احترفت أدوار المرضى النفسيين الساديين الذين يتلذذون بتعذيب الآخرين، وباسل يجيد هذا الدور جيدًا لدرجة تذكرنا بالفيلم الأمريكي Split. الرحلة ضد Split يدور مسلسل "الرحلة" من تأليف نور شيشكلي وعمرو الدالي في إطار درامي مشوق، ويحكي عن 3 شخصيات محورية تلتقي في طائرة مغادرة من لبنان إلى القاهرة، وهي: "رانيا" -تقوم بدورها ريهام عبد الغفور- زوجة باسل خياط، التي نكتشف بمرور الأحداث أنها مدمنة، حبسها زوجها في منزلهم مع ابنتها لأكثر من سنة ونصف، واستمر في تعذيبها بسبب مرضه النفسي وعقد الطفولة التي تصور له أن كل زوجة خائنة مثل أمه، ومنذ ذلك الحين وهو يعذب كل سيدة يراها وصولًا إلى زوجته، والشخصية الثانية هي "كريمة" -قامت بدورها حنان مطاوع- السيدة الأنيقة صاحبة الأتيليه، والمفاجأة قاسية أنها مصابة بسرطان الثدي ولا تعرف كيف تنقل الخبر لأختها الصغيرة، والشخصية الثالثة هي "سارة" -تقوم بدورها مي سليم- العروس التي يكتشف زوجها صدمة ليلة دخلتهم وهي أن زوجته كانت تخونه مع شخص ثان ولديه صور تؤكد ذلك. الحلقات الأولى من "الرحلة" مليئة بالأحداث وما زلنا نكتشف بعد ما الذي يحدث مع كل شخصية؛ فهل باسل مصاب بالسرطان أم أن الباروكة التي يرتديها هي جزء من تنكره، بسبب حالة الشيزوفرينيا التي يعاني منها، والتي تجعله يتنكر في زي "آية" -صديقة زوجته- ويضع مكياج ليتقمص الدور؟ وهل ستشفى حنان مطاوع من السرطان أم أن مسار حكايتها سيزداد تعقيدًا؟ يدور فيلم Split في إطار من التشويق والرعب، ويحكي عن رجل يختطف 3 فتيات ثم يحبسهن في غرفة بمنزله ويعذبهن؛ لتحاول الفتيات الهرب دون جدوى، خاصةً عندما يكتشفن أن الخاطف مصاب بشيزوفرينيا أي انفصام في الشخصية، تجعله يتقمص شخصيات متنوعة من بين سيدة وطفل ومدرس ومراهق، حتى الشخصية ال24 وهي الوحش القاتل، الفيلم من بطولة جيمس مكافوي الذي أجاد دور المريض النفسي وتمكن من لعب 24 شخصية مختلفة على مدار الفيلم. تشابهات بين باسل الخياط وجيمس مكافوي لو أخذنا مسار شخصية باسل الخياط وزوجته وقارناه بفيلم Split سنجد كثيرا من التشابه ف"باسل" مريض نفسي واضح يحبس زوجته في المنزل ثم يعذب صديقتها "آية" التي حاولت إنقاذها ومساعدتها على الهرب ويقتلها، ويتقمص شخصية صديقتها الأخرى "إنجي" كي يجبر زوجته على إفشاء أسرارها، وأخيرًا يحتفل مع زوجته كل عام بعيد زواجهما وكأنه "سكريبت" فيلم كل واحد فيه يحفظ دوره جيدًا، وعلى زوجته أن تجيد تمثيل الدور وإلا كان عقابها عسيرا. "جيمس" أيضًا قام بحبس ثلاث فتيات، وكل واحدة أُجبرت على التعامل مع شخصية مختلفة من شخصياته ال23 وكل محاولاتهن للهرب باءت بالفشل وكان العقاب أن يجلسن في غرف منفصلة، حتى الطبيبة النفسية التي تعالج جيمس والتي كانت تصور "فيديو" كي تدرس حالته، نجد أن وليد فواز يأخذ دورها في مسلسل "الرحلة" ويجلس ليتابع "فيديوهات" باسل وهو يعذب ضحاياه، حتى دور السيدة لعبه كل من جيمس وباسل بطريقتهما الخاصة. شيزوفرينيا باسل ودور المختل ليس من السهل أن يؤدي الممثل دور مريض نفسي؛ فهو يتطلب قدرات خاصة لإجادته، ويبدو أن باسل يجيد هذا الدور، بدليل استمراره للعام الثاني على التوالي في القيام به، بعد تقديمه له في مسلسل "30 يوم"، العام الماضي، لكن هذه المرة اعتمد باسل على أدوات مساعدة لإتقان الدور، سواء "الكرش" أو الصوت الأجش المبحوح، أو حتى التنكر في شخصيات مختلفة، ورغم أن هذه الأدوات ساهمت في إتقان باسل لدور الشرير فإنها أحيانًا ظهرت مصطنعة، ومبالغا فيها أحيانًا كثيرة؛ فلا يحتاج الممثل إلى كرش وصوت أجش وإضاءة خافتة لا نستطيع رؤية الأبطال بسببها، كي يدعي أنه شرير، أحيانًا تكون البساطة كلمة السر لإجادة الدور. باسل.. شرير ومريض دراما رمضان أي شرير بحاجة إلى "لازمة" مميزة في طريقة كلامه، فمثلًا الجوكر في السينما العالمية لديه لازمة "حركة الفم المستمرة خلال الكلام"، أما هانيبال ليكتر فلديه صوت الفحيح الذي يصدره لإخافة ضحاياه، بينما باسل الخياط لديه "لازمة" تكرار الكلام. ويبدو أن باسل كان يأخذ دروسًا في الشر من نجوم هوليوود، لأنه أجاد دور الشرير للمرة الثانية بشكل لم يعد يدع مجالًا للصدف، وهو ما أدهش الجمهور وأثار إعجابهم. الجمهور يتحمس بشدة لأداء شخصية الشرير، خاصةً أدوار المريض النفسي السادي؛ لذلك ينبهر كثيرون بأداء باسل الخياط، فهو موهوب بالفعل، فقط لو تخلى عن المبالغة في أداء أدواره ربما يتفوق على كثيرين.