بعد المجزرة التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، نتيجة التظاهرات التي خرجت للتنديد بنقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس، شهدت العلاقات بين تركيا وإسرائيل تدهورا حادا، وإثر ذلك اتخذ الجانبان خطوات تصعيدية سواء على المستوى الدبلوماسي أو التجاري. ففي أعقاب سقوط عشرات الفلسطينيين برصاص الإسرائيليين على السياج الحدودي مع قطاع غزة ، بدأ تراشق كلامي بين البلدين، حيث أطلق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تصريحات تدين إسرائيل، وقال إن يدي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ملطختان بدماء الأبرياء الفلسطينيين، معتبرا إسرائيل دولة عنصرية وإرهاب. ورد نتنياهو بالقول إن من يقتل الأبرياء في سوريا والعراق لا يحق له اتهام الآخرين، كما اتهم أردوغان ب"دعم إرهاب حماس". أزمة دبلوماسية ونتيجة لهذا التصعيد استدعت وزارة الخارجية التركية إيتان نائيه سفير إسرائيل في أنقرة، وتم توبيخه على المجزرة، وإبلاغه بضرورة مغادرة الأراضي التركية فورا، وعندما وصل إلى المطار في طريق عودته، تعرض لتفتيش دقيق، بدعوى البحث عن مواد متفجرة، وأجبر على خلع حذائه، وذلك على مرأى من مصوري الصحف التركية. وردا على ذلك استدعت الخارجية الإسرائيلية القائم بأعمال السفير التركي في إسرائيل، أولموت دنيز، لجلسة توبيخ. وقبل دخوله، ترك ينتظر وقتاً طويلاً، قبل أن يتم تفتيشه وفحص أوراقه، ثم تم طرد القنصل التركي في القدس، الذي يعالج قضايا الفلسطينيين في الضفة الغربية. وانخفض التمثيل الدبلوماسي بين البلدين بسبب هذه الأزمة الجديدة، حسب "الشرق الأوسط". إقرأ أيضا : أردوغان يخالف الدستور.. ويضع تركيا في أزمة سياسية إجراءات اقتصادية عدد من الوزراء الإسرائيليين طالبوا نتنياهو بألا يسمح بمزيد من الإهانات التركية، والرد عليها بإجراءات اقتصادية موجعة واتخاذ خطوات في سبيل معاقبة تركيا اقتصاديا، حيث طالب وزير الزراعة بوقف إرسال المرشدين الزراعيين الإسرائيليين لمساعدة المزارعين الأتراك، ووقف استيراد الخضراوات والفواكه من تركيا. كما طالب نائب وزير الدفاع، إيلي كوهن، بسد العجز في الميزان التجاري، الذي يميل لصالح تركيا، وذلك بخفض الاستيراد لإسرائيل، ووقف النشاطات التركية في قطاع غزة. وفي استجابة سريعة لهذه المطالبات، أصدرت حكومة الاحتلال قرارًا بوقف استيراد المنتجات الزراعية من تركيا كخطوة للرد الدبلوماسي على حكومة أنقرة، بعد أن أقدمت على طرد السفير الإسرائيلي من أراضيها. إقرأ أيضا : هل تؤثر مجزرة غزة على العلاقات الألمانية الإسرائيلية؟ وزير الزراعة الإسرائيلي أوري أريال قال عبر تغريدة على حسابه على "تويتر": "لن نقدم الدعم لدولة تحاول أن تعطينا درسًا في الأخلاق، عن طريق النفاق. لذلك أصدرت قرارًا بصفتي وزير الزراعة، بتجميد استيراد المنتجات الزراعية التركية"، حسب "الزمان". يأتي هذا القرار في الوقت الذي يبلغ حجم التجارة الخارجية بين البلدين نحو 6 مليارات دولار أمريكي، كما أن تركيا تعتبر هدفا سياحيا مركزيا بالنسبة للإسرائيليين. ولم تتخذ أنقرة حتى الآن أي قرارات تجارية أو اقتصادية مشابهة تجاه تل أبيب، فيما تتوقع جهات إسرائيلية عدم إقدام أنقرة على كسر العلاقات وقطعها نظرا لوجود شبكة مصالح اقتصادية واسعة، ولرغبتها بالاحتفاظ بفرصة للتواصل مع غزة عن طريق تل أبيب. هذا التوتر بين البلدين يأتي بالتزامن مع مشروع قانون مطروح على طاولة الكنيست يدعو إسرائيل للاعتراف بكارثة الأرمن، مما أثار غضب السلطات التركية في الشهر الماضي. ويعتقد أن ذلك أحد الأسباب المهمة للتوتر المتصاعد اليوم بينهما، حسب "القدس العربي". تاريخ العلاقات تقيم تركيا علاقات مع إسرائيل منذ عام 1949 عرفت فترات مدٍّ وجزر، وكانت الممارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين السبب الأكبر وراء التقلبات التي شهدتها العلاقات بينهما. وكانت تركيا من أولى الدول التي اعترفت بإسرائيل، إذ اعترفت بها يوم 28 مارس 1949 بعد أقل من عام على تأسيسها يوم 14 مايو 1948، وبنت تركيا علاقاتها مع إسرائيل على أسس المصالح المشتركة واحترام حقوق الإنسان وسيادة الدول. إقرأ أيضا : في ذكرى إبادة الأرمن.. وثائق جديدة توجه ضربة لتركيا وبدأت تركيا فعالياتها الدبلوماسية في إسرائيل يوم 7 يناير1950، مع تعيين أول رئيس للبعثة الدبلوماسية في الممثلية التركية بتل أبيب. عام 1982 قامت تركيا لأول مرة بسحب سفيرها من إسرائيل بعد غزو لبنان، وأعيدت العلاقات الدبلوماسية الكاملة بينهما عام 1991. وفي فبراير وأغسطس 1996، وقعت حكومتا تركيا وإسرائيل اتفاقيات تعاون عسكري. وقد وقع رئيس الأركان التركي چڤيق بير حينها على تشكيل مجموعة أبحاث استراتيجية مشتركة، ومناورات مشتركة، ويوجد مستشارون عسكريون إسرائيليون في القوات المسلحة التركية، كما تشتري تركيا من إسرائيل العديد من الأسلحة وكذلك تقوم إسرائيل بتحديث دبابات وطائرات تركية. ذروة التوتر وتوترت العلاقات بين أنقرة وتل أبيب عام 2009، إثر الحرب الإسرائيلية على غزة وبلغ التوتر ذروته عام 2010، مع الهجوم الإسرائيلي على سفينة "مافي مرمرة"، حيث هاجمت القوات الإسرائيلية أسطول الحرية الذي كان يحمل مساعدات إنسانية بغرض كسر الحصار المفروض على غزة ، وأدى الهجوم الذي حدث في المياه الدولية إلى مقتل تسعة ناشطين أتراك كانوا على متن السفينة، كما توفي في وقت لاحق جريح تركي كانت إصابته خطيرة. استدعت تركيا سفيرها من تل أبيب، وطالبت إسرائيل بالاعتذار فورا عن الهجوم، ودفع تعويضات لعائلات ضحاياه، ورفع الحصار المفروض على غزة. ومع عدم اتخاذ إسرائيل أي خطوات في هذا الاتجاه، خفضت تركيا علاقاتها مع إسرائيل إلى المستوى الأدنى، وخفضت التمثيل الدبلوماسي إلى مستوى القائم بالأعمال، وعلقت جميع الاتفاقات العسكرية. إقرأ أيضا : عد «مذبحة غزة».. إيران في قفص الاتهام وطهران تتوعد الاحتلال وفي 2013، قدم بنيامين نتنياهو في اتصال هاتفي مع أردوغان اعتذارا باسم إسرائيل بخصوص قتلى ومصابي مافي مرمرة، وقبل أردوغان الاعتذار باسم الشعب التركي. وأعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم يونيو 2016 توصل الطرفين الإسرائيلي والتركي في العاصمة الإيطالية روما إلى تفاهم حول تطبيع العلاقات بينهما. وخلال سبتمبر 2016، أرسلت إسرائيل مبلغ 20 مليون دولار إلى تركيا لدفعها لأسر ضحايا حادثة سفينة مافي مرمرة، وفقا لنص الاتفاق الذي أقره البرلمان التركي يوم 20 أغسطس2016.