ما بين الرفض والتأييد سادت حالة من الانقسام الشديد بين رجال الاقتصاد والمهتمين بالشأن الاقتصادى حول إنشاء وزارة الثروة المعدنية، بعدما خرج عدد من الأصوات تطالب بضرورة أن تكون هناك وزارة مستقلة للثروة المعدنية، من أجل تحقيق أقصى استفادة من الاكتشافات الاقتصادية الأخيرة من المواد الخام. "التحرير" توجهت بعدد من الأسئلة إلى رجال الاقتصاد، أهمها: هل نحن بحاجة الآن إلى إنشاء وزارة جديدة؟ أيهما أولى فى الوقت الراهن إنشاء وزارة الثروة المعدنية، أم تطوير هيئة الثروة المعدنية التابعة لوزارة البترول؟ من الأحق بتبعية الهيئة وزارة الصناعة أم وزارة البترول؟ إهدار للمال العام مدحت الشريف وكيل لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس النواب، قال إن قرار إنشاء وزارة جديدة للثروة المعدنية لتكون وزارة منفصلة يعد إهدارا للمال العام، فى وقت نحن بحاجة إلى دمج عدد من الوزارات وتقليل عدد الوزارات الحالية لترشيد الإنقاق، فى الوقت الذى تعانى فيه الدولة من مشاكل اقتصادية. وأضاف "الشريف" فى تصريحات ل"التحرير" أن مصر فى حالة إصلاح مؤسسى وهذا يتطلب توحيد الجهود من أجل تقليل الإنفاق، كما أن لدينا تضاربا كبيرا فى الاختصاص بين عدد من الوزارات الموجودة، ومن غير المنطقى فصل هيئة الثروة المعدنية عن وزارة البترول من أجل تكون وزارة مستقلة فى ظل الترهل الكبير فى الجهاز الإدارى للحكومة. وأردف "الشريف" من الممكن أن يتم الاهتمام بهيئة الثروة المعدنية القائمة الآن، وأن يكون لها نائب للوزير يكون مسئولا عن ملف الثروة المعدنية ولديه كافة الصلاحيات والتفاصيل عن الملف، وتخصيص ميزانية مناسبة له، مضيفا: لدينا تجربة ناجحة تطبق فى وزارة المالية عندما تم تعيين ثلاثة نواب للوزير، وأثبتت نجاحا كبيرا. أما عن تبعية هيئة الثروة المعدنية، فقال "الشريف" إن شكل التعاقدات التى تتم فى الاكتشافات البترولية لا يختلف كثيراً عن الاكتشافات فى الثروات الأخرى، تبعيتها لوزارة البترول أو وزارة الصناعة ليس محل خلافنا ولكن الأهم الاهتمام بالهيئة وتطويرها. قرار إيجابى ومهم سليمان وهدان، وكيل مجلس النواب، وصف قرار إنشاء وزارة جديدة للثروة المعدنية بالقرار الإيجابي والمهم الذى يساعد في جذب الاستثمار، خاصة في ظل الاكتشافات التي حدثت في مصر في الفترة الأخيرة. وأضاف "وهدان" أن مصر شهدت خلال الفترة الأخيرة اكتشافات ضخمة في العديد من مجالات التعدين سواء الذهب والفوسفات والمعادن الأخرى والغاز في منطقة البحر الأحمر وغيرها، مثل حقول "ظهر" التي أعلنت عنها شركة إيني الإيطالية، مشيرا إلى أن وجود وزارة خاصة بالتعدين سيسهل عمل هذا القطاع المهم. وتابع "وهدان": إنشاء وزارة للثروة المعدنية سيساعد في استغلال أفضل لهذه الثروة خاصة أن كل هذه الاكتشافات ستفتح شهية العديد من الشركات الأجنبية للدخول في شراكة مع الدولة ووجود وزارة متخصصة سيقضي على العديد من العراقيل. وأشار إلى أن قاطرة التنمية بالنسبة لمصر خلال الفترة القادمة ستكون من خلال استغلال أفضل للمواد التعدينية، مؤكدا أن العمل على استغلال المواد التعدينية وتصنيعها في مصر وعدم بيعها مواد خام أمر مهم جدا للاقتصاد المصري. القرار.. ليس في محله ومن جهتها اختلفت النائبة نادية هنرى عضو اللجنة الاقتصادية بالبرلمان، مع رأى وكيل المجلس، حيث قالت إن الحديث عن إنشاء وزارة للثروة المعدنية فى الوقت الراهن ليس فى محله، ومن الأولى بالحكومة أن تنظر إلى كيفية تطوير الهيئة العامة للثروة المعدنية بدلاً من إنشاء وزارة جديدة وموظفين جدد، وتكليف الدولة أعباء مالية إضافية فى الوقت الذى تنادى فيه الحكومة بترشيد الإنفاق. وأضافت "هنرى" ل"التحرير": يوجد فى الحكومة الحالية وزارات ليس لها أى دور ملموس على أرض الواقع، مثل وزارة قطاع الأعمال فهى عبارة عن وزير بلا وزارة، ولا نعلم ما هو دورها فى تطوير الاقتصاد المصرى. وتساءلت "هنرى": لماذا لا يتم تصنيع هذه المواد الخام وتشجيع الصناعات الصغيرة ومتناهية الصغر فى المحافظات؟ وخلق فرص عمل للشباب؟ وأردفت: "مصر دولة شابة 65% من سكان مصر من الشباب فنحن بلد شابة ولدينا قوة ضاربة ليس لها مثيل فى العالم لا نستفيد منها تماما". واستطردت: "أتمنى أن تعمل الحكومة بالطاقة والهمة العالية التى يعمل عليها الرئيس، لأنها الآن تعمل فى واد والرئيس يعمل فى واد آخر، ولا ترقى إلى حجم التطلعات". عبء على موازنة الدولة فيما أعربت الدكتورة كريمة كريم، أستاذ الأقتصاد بجامعة الأزهر، عن قلقها من هذه المطالبات فى الوقت الراهن، واعتبرت إنشاء وزارة أخرى مستقلة سوف تمثل عبئا كبيرا على موازنة الدولة فى وقت تحاول الدولة تطبيق منظومة اقتصادية جديدة تعتمد على الترشيد. وأضافت "كريم" ل"التحرير": معنى إنشاء وزارة أخرى أننا بحاجة إلى مبنى إدارى جديد وموظفين جدد، ففى حالة رغبة الدولة الاهتمام بالثروة المعدنية والمعادن التى تم استخراجها فى الفترة الماضية فى شتى المجالات مثل حقول البترول والذهب، عليها أن تنفق هذه الأموال على تطوير الهيئة القائمة الآن واستغلالها الاستغلال الأمثل. وتابعت: لدينا فى المصر الكثير من الثروات الكامنة فى باطن الأرض نحتاج إلى استخراجها من أجل الاستفادة منها وتحويلها إلى مواد صناعية مثل اليورانيوم والفوسفات وغيرها من المعادن التى سوف توفر فرص عمل للشباب. ضم الهيئة إلى وزارة البترول فى عام 1984 ضمت المساحة الجيولوجية المصرية سابقا "هيئة الثروة المعدنية الحالية" إلى وزارة البترول وأضيف إلى مهامها الأصلية وهى التخريط الجيولوجى واستكشاف وتقييم مصادر الثروة المعدنية، إمكانية إنشاء شركات تقوم باستغلال هذه الثروات سواء بمفردها أو بالمشاركة مع الشركات العالمية المتخصصة فى هذا المجال، وقد تحقق بنجاح فى هذا المجال بإنشاء شركة سيناء للفحم كأول شركة تعدين تملكها الهيئة، وكذلك إنشاء الشركة المصرية للتعدين 2003، وساهمت الهيئة بشركة فوسفات مصر "مشروع فوسفات أبو طرطور سابقا"، كما ساهمت بشركة جنوب الوادى للتعدين 2010. بالإضافة إلى توقيع ست اتفاقيات مع شركات عالمية للبحث عن الذهب والكبريت والمعادن الاقتصادية بالرمال السوداء. وكذلك عمل مزايدة عالمية لبعض أماكن وجود الذهب بجنوب الصحراء الشرقية عامى 2006 و2009، حيث تم عمل العديد من الاتفاقيات مع الشركات العالمية لاستخلاص الذهب. وكذلك عمل دراسات تقدير المخاطر من الرمال المتحركة واختيار أفضل مسار لخط الغاز بين حقل الفيروز إلى محطة التكرير بشمال سيناء 2007، وأيضا مشروع استكشاف الحديد بجبل كامل شرق العوينات واحتمالية وجود المياه الجوفية 2007. ومن الأعمال التى قامت بها هيئة الثروات المعدنية على مدى السنوات الطويلة الماضية استخراج البازلت من محاجر أبو زعبل، وفتح مناجم الذهب فى منطقتي السكرى وأم الروس، ووضع دراسات استكشاف خام الحديد فى أسوان، وإنتاج القصدير بمنطقة العجلة شمال مرسى علم على البحر الأحمر. وإعداد دراسة صخور النيفيلين سيانيت فى أبو خروق جنوب الصحراء الشرقية لاستغلالها كخام للألومنيوم، وحصر مناطق الحجر الجيرى الصالح للأغراض الصناعية بوادى النيل والطفلات بأسوانوسيناء أبو زنيمة،و تتبع خام الحديد فى مناطق الواحات البحرية. ومن المناطق التى تقع تحت إشراف الهيئة، مناطق النحاس فى أم مسيوكى وأبو سويل والدرهيب، والرصاص والزنك فى أم غيج وجبل الرصاص بمرسى علم، والألمنيت فى أبوغلقة شمال حماطة فى البحر الأحمر، والحديد فى وادى كريم والدباح وجبل الحديد وأم نار فى البحر الأحمر. والفحم فى عيون موسى فى سيناء. والفوسفات فى المحاميد والسباعية وادى النيل والحمراوين بساحل البحر الأحمر. واكتشاف الفحم فى منطقة المغارة بشمال سيناء عام 1958 ودراسات استغلاله. وتحديد ضخامة سمك طبقات الفوسفات بهضبة أبو طرطور 1967. وتقييم رواسب الفوسفات بوادى النيل.