مشاعر الغيرة من أصعب المشاعر التي يشعر بها الإنسان، وتكون أصعب إذا كان صاحبها طفلا صغيرا، فهي تسبب له الكثير من المشكلات مع نفسه ومع الآخرين، فكيف نكشف وجود الغيرة عند الطفل؟ تتعدد المظاهر التي نلاحظها ويعبر الطفل بها عن غيرته من طفل آخر، ومن هذه المظاهر التي ذكرها كل من محمد أيوب شحيمي في كتابه "مشاكل الأطفال.. كيف نفهمها"، وخالد إبراهيم الفخراني، أستاذ علم النفس الإكلينيكي بجامعة طنطا في كتابه "أسس تشخيص الاضطرابات السلوكية"، ما يلي: 1- شعور الطفل بالغضب من نفسه أولا ومن غيره ثانيا، وذلك عندما يرى الطفل نفسه غير قادر على تحقيق ما يريد أو الحصول على ما يريد، في حين أن طفلا آخر يستطيع الحصول على نفس الشيء الذي يريده، وهو ما يشعره بالعجز فيغضب من الطفل الآخر. 2- يصبح الطفل عصبيا وعنيدا مع الآخرين، كما يميل إلى الحساسية الشديدة في المواقف المختلفة، ما يسبب له العقاب من الوالدين اللذين لا يكونان على علم بسبب هذه العصبية وهذا العناد. 3- يحاول الطفل أن يجذب انتباه المحيطين به بأي شكل، وإبعاد انتباههم عن الطفل الآخر الذي يغار منه، كما يقوم بتخريب ممتلكات أو ما يخص هذا الطفل الآخر، أو يقوم بأي تصرف يضايق به هذا الطفل. عزيزتي الأم كما تتعدد مظاهر الغيرة عند الطفل تتعدد أيضا أسباب الغيرة، منها: 1- تلعب الثقة بالنفس دورا هاما في شعور الطفل بالغيرة من طفل آخر، (اعرفي من هنا طرق للتغلب على ضعف ثقة طفلك بنفسه)، وتكون الغيرة أمرا طبيعيا عندما تكون ثقة الطفل بنفسه ضعيفة، وفي نفس الوقت يرى طفلا آخر يستطيع الحصول على ما يريد، سواء كان لعبة أو تدليلا واهتماما من الآخرين، وإذا كان لا يستطيع فعل نفس الشيء، يشعر بالغيرة الشديدة. 2- ولادة طفل جديد في أسرة الطفل تشعره بالغيرة، لأنه يرى أن هذا الطفل مصدر للتهديد، فهو يهدد حصوله على الاهتمام والرعاية والحب والتدليل الذي كان يحصل عليه عند غياب هذا الطفل، فمن الطبيعي أن يشعر بالغيرة ويحاول مضايقة الطفل الآخر بضربه أو التعبير عن رفضه له. 3- من الأمور الهامة أيضا التي تسبب شعور الطفل بالغيرة، عدم مساواة الوالدين لمعاملة الأبناء، فيكون هناك دائما طفل يحصل على الاهتمام والتدليل والحب والمكافآت، والآخر يعاقب ويهمل ويحرم من هذه المكافآت، ويمكن أن يكون الأمر بتفضيل البنات عن الأولاد أو العكس، أو تفضيل الابن المتفوق، فيشعر الآخر بالغيرة الشديدة وتزداد مشكلته سوءا. 4- يؤثر أيضا كثرة عقاب الطفل على شعوره بالغيرة، فعندما يرى نفسه معاقبا طوال الوقت ويحصل غيره على التقدير والمكافآت؛ فمن الطبيعي أن يشعر بالغيرة، كما أن كثرة انتقاد الطفل وتوجيه اللوم له والعقاب يشعره بعجز سلوكه الذي يسبب له العقاب والانتقاد الدائم، كما يشعر بالعجز لعدم قدرته على تحقيق ما يمكنه من الحصول على التقدير من الوالدين، فتضعف ثقته بنفسه ويغير ممن هم أفضل منه ويحصلون على التقدير والاحترام. 5- تدليل الطفل الزائد يولد لديه الأنانية، والتي تظهر في الرغبة في الحصول على كل شيء لنفسه وعدم حصول الآخرين على شيء، حتى إذا كان الاهتمام أو المدح أو إظهار الحب لطفل آخر، فينشأ لديه الشعور بالغيرة والغضب من هذا الطفل الآخر ويضايقه، وهناك 5 أساليب خاطئة في تربية طفلك احذريها. 6- من أكثر الأسباب التي تؤدي للغيرة، هي مقارنة طفل بآخر، وهو أيضًا من أكثر الأسباب أيضا التي تهدم ثقة الطفل بنفسه، فعندما يقارن الطفل بآخر فإنه يفقد الثقة في قدراته وتصرفاته وأفكاره، لأنها ليست مثل أفكار الشخص الآخر الذي يقارن به، وتبدأ المشكلة من غيرة الطفل منه وكرهه له. عزيزتي الأم.. تتعدد الحلول التي تمكنك من مساعدة طفلك على التخلص من مشاعر الغيرة من الاخرين، وذكرت الدكتورة سمية طه جميل في كتابها "مشكلات الأطفال العاديين وذوي الاحتياجات الخاصة وعلاجها"، عددا من الطرق لحل هذه المشكلة، منها: 1- عليك الاهتمام بالطفل وعدم إهماله في حالة ميلاد طفل جديد، حتى لا يشعر بفقد اهتمامك به وأيضا إشراكه في الاهتمام بالطفل الجديد ومساعدته في رعايته حتى لا يشعر بالغيرة منه. 2- عندما تصدر عن الطفل تصرفات جيدة لا يظهر فيها الغيرة تجاه طفل آخر، يجب أن تتم مكافأته وأن يعرف الطفل أنه يكافأ على حبه للطفل الآخر وعدم الضيق منه، ما يساعده على تكرار التصرفات البعيدة عن الغيرة وربطها بالمكافآت ويساعده ذلك على التخلص من الغيرة والغضب. 3- يجب المساواة في معاملة الأطفال، وعدم تفضيل أحدهم على الآخر، ما يقلل لديه من مشاعر الغيرة تجاه إخوته، وأيضا يجب الابتعاد عن مقارنة الطفل بالآخرين، فقدرات كل طفل وطريقة تفكيره تختلف عن أي طفل آخر، والمقارنة في هذه الحالة تكون ظالمة. 4- يجب تعويد الطفل على وجود آخرين يشاركونه الاهتمام والحب، حتى لا تتكون لديه الأنانية والغيرة عند وجود أي طفل آخر، سواء كان أخا أو صديقا أو غيره، ويتعود على مشاركتهم في الألعاب وعدم الحصول على كل شيء بمفرده. عزيزتي الأم.. حتى تتمكني من مساعدة طفلك للتخلص من الغيرة، عليك أن تتحلي بالهدوء وأن تعرفي أن الاهتمام الزائد بهذه المشكلة يزيد منها، وأيضا لا يجب إهمالها حتى لا تزيد، فعليك التصرف بالهدوء اللازم الذي يساعدك على التفكير السليم واختيار الحل الأنسب لطفلك.