جميعنا يعرف جيدًا، أن الشهرة والمال هما غاية معظم منْ يطرق أبواب الفن، ولكن عشق الملحن والموزع حميد الشاعري لهذا المجال جعله يعمل ليلًا في أحد الفنادق من أجل تسجيل أول ألبوماته، وعندما حقق ذاته كان له الفضل في اكتشاف مواهب الغنائية أصبحت نجومًا فيما بعد، ويسعى إلى إعادة إحياء وتجديد موسيقى التراث العربي من جديد بشكل يتماشى العصر الحالي، وهو يروي مشواره الفني خلال لقائه مع الإعلامية عائشة عثمان في برنامج «عائشة»، المذاع على قناة «صدى البلد».. «تزوجت 5 مرات والعيب فيا» حميد الشاعري يعيش في مصر منذ أكثر من 26 سنة، حصل وهو وعائلته على الجنسية المصرية وبرغم ذلك مازال متمسكًا بعاداته وتقاليده الليبية ويحرص أن تكون أول أغنية في كل ألبوم له من التراث الشعبي الليبي، تزوج خمس مرات، الأولى كانت من بريطانية الجنسية وكانت خلال الفترة التي قضاها في بريطانيا من أجل التعلم وتزوجها خوفًا من الوقوع في الرذيلة، والثانية كانت من أبنة عمه وافترقا بعد الزواج بستة أشهر لعدم اتفاقهم في أشياء كثيرة، ثم ترك بلاده ورحل إلى مصر، وهناك تزوج من أخرى أردنية الأصل واستمر زواجهم قرابة 10 سنوات، ثم تزوج من مصرية كندية، في حين لم يذكر الزيجة الخامسة، لكنه يؤكد: « العيب فيا مش فيهم، وأنا بقول ده عشان أنا متصالح مع نفسي». طردت من المنزل بسبب الغناء دخل حميد مجال التلحين والتوزيع حبًا في المجال الفني، فمهنته الأساسية هي طيار مدني، وعشقه للغناء جعله يدخل في خلافات مع والده أكثر من مرة، لدرجة أنه طرد من المنزل لمدة عام ونصف وعاش في منزل خالته بمصر طوال هذه الفترة ، فالأب لا يعترف بأن الفن مجال مشرف لإبنه، وهذا الاعتقاد كان آفة دول العالم الثالث في هذا الوقت، على حد تعبيره. وتغيرت وجهة نظر والد حميد عن الفن بعد أن أصدر ابنه ألبومه الثالث بعد أن تأكد من نجاحه في هذا المجال، وبعد ذلك نجح حميد في تأسيس فرقة «أبناء إفريقيا» وكانت تغني بمعظم اللهجات الإفريقية، واستطاعت أن تحقق نجاحات ولكن سرعان ما دبت الخلافات بين أعضائها فتفككت. «رحيل» نقطة تحول في حياتي خرج من ليبيا بعد أن أمر الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي بحرق جميع الآلات الموسيقية الغربية الموجودة في بنغازي، فتنقل بين عدد من الدول، منها اليونان وكندا، إلى أن قرر الدراسة في معهد الطيران بلندن، وأثناء دراسته هناك عمل داخل فندق في تنظيف أطباق الطعام من أجل توفير المال اللازم لتسجيل أغاني أول ألبوم له وبالفعل سجل 6 أغان، ولكن سرعان ما حدث أزمة سياسية بين ليبيا وبريطانيا، فمنحت الأخيرة المواطنين الليبيين مهلة 48 ساعة لمغادرة البلاد . عاد حميد من بريطانيا إلى القاهرة لاستكمال دراسته، وفي نفس الوقت ساعده صديقان له على التعاقد مع شركة «سونار»، التي استكملت إنتاج أول ألبوماته الذي ضم تسع أغاني، كلها من تلحينه، ولكن التجربة الأولى باءت بالفشل حيث خسرت الشركة تم سحب الألبوم من الأسواق، لكنها منحته فرصة أخرى إذ أنتجت له الألبوم الثاني والذي حمل اسم «رحيل»، وحقق نجاحًا كبيرًا. شكل ألبوم «رحيل» نقطة تحول كبيرة في مسار حميد الفني، وكان يدل على بداية ظهور موهبة فنية كبيرة، بغض النظر عن فشل ألبومه الأول الذي كان يعتمد على الموسيقى الغربية والتي كانت لا تتماشى مع الذوق العربي في هذا الوقت. الغيرة أوقفتني عن العمل أربع سنوات وهذا النجاح كان بداية لنجاح أكبر عندما تعاون حميد مع النجم عمرو دياب في ألبوم «ميال» والذي حقق نجاحًا كبيرًا، ورفع من قيمة حميد الفنية، ولكن مشاعر الغيرة والحقد التي حملها له البعض، دفع النقابة بإصدار قرار إيقافه لمدة أربع سنوات لسبب لا يعرفه هو حتى الآن، وهذا القرار «الجاحد» -كما وصف- جعله أسوأ فترة في حياته حيث كان يقدم أعمالًا ولا يكتب اسمه عليها، ولكنه في نهاية الأمر قرر طرق أبواب الرئاسة المصرية في قصر عابدين لمقابلة رئيس الجمهورية ليشتكي من الظلم الواقع عليه، وهناك استقبله مدير مكتب الرئيس الذي أنهى مشكلته خلال 48 ساعة. أنا النقلة الثالثة في تاريخ الموسيقى العودة الرسمية لحميد بعد هذه الأزمة كانت قوية، حيث حصل على جائزة «ميوزك أورد» عن أغنية «حبيبي يا نور العين» لعمرو دياب، واستطاع بعد ذلك حميد أن يحدث طفرة كبيرة في عالم الموسيقى والتلحين، فهو يعتبر نفسه «النقلة النوعية الثالثة في تاريخ الموسيقى العربية بعد سيد درويش وبليغ حمدي»، وكان سببًا في اكتشاف مواهب عربية كثيرة مثل مصطفى قمر ونوال الزغبي وحكيم وهيثم شاكر وشذى ووائل جسار ومحمد رحيم وغيرهم من النجوم المشهورين الآن. أويد برامج اكتشاف المواهب يشجع حميد برامج اكتشاف المواهب العربية مثل «ستار ميكر» و«ذا فويس» لأنها ساهمت في اكتشاف مواهب غنائية كثيرة في جميع أنحاء الوطن العربي واستطاعت أن توصل إلى أبواب الشهرة والنجومية، ولكن عدم تمتع هذه المواهب بالذكاء الفني جعلهم لا يستكملون طريقهم النجومية، فهو يقول: «هذه البرامج كانت تعرف جيدًا كيف تدير الامكانيات الصوتية لهذه المواهب؟، ولكن بعد انتهاء موسم البرنامج تفشل هذه المواهب في إدارة موهبتها واستغلال الشهرة التي حققها لهم البرامج، وبالتالي لا نشاهدهم على الساحة الفنية، فهم يحتاجون إدارة تدير أعمالهم وتضعهم على الطريق الصحيح وتجعلهم في دائرة الضوء التي وفرتها لهم هذه البرامج». يخطط حميد لمشروع جديد لكن لم يحن وقته حتى الآن، وهو إحياء وتجديد الموسيقى الليبية فهي «أكثر موسيقى بكر في الوطن العربي»، لكنه يحتاج إلى دعم الحكومة الليبية وخاصة وزارة الثقافة لديها من أجل البدء في هذا المشروع. ماذا فعلنا بالحرية؟ حاول حميد خلال اللقاء إخفاء الجانب السياسي من حياته، ولكنه عارض الثورة التي خرجت ضد الرئيس السابق معمر القذافي، بقوله: «أخذنا الحرية التي أردناها، فماذا فعلنا بها؟.. انظروا الآن ماذا حدث في ليبيا والعراق واليمن… الثورة عمرها ما كانت هدف، لكن أي ثورة دون أهداف أو زعيم لن تنجح .. النظام الدكتاتوري ليس عيابًا فهو كان نظام يدرس في المدارس إلى جانب النظام الديمقراطي»، مضيفًا: «الزعماء اللي اتشالوا هم اللي خلصوا مننا، مش أحنا اللي خلصنا منهم» الهضبة أفضل «برواز» لأعمالي يعتبر حميد الهضبة «أفضل برواز» لأعماله الفنية بجانب أنه صديق العمر بالنسبة له، ويؤكد دائمًا أنه دخل مجال الفن حبًا في الموسيقى وليس بحثًا عن الشهرة والمال، فحالته المادية «ميسورة» قبل أن يدخل هذا المجال. يرفض حميد طرح ألبومه المؤجل منذ عام 2016 في الأسواق، خوفًا من تعرض الشركة المنتج للخسارة، وهو ما دفعه إلى اللجوء لموقع «يوتيوب» لطرح أغانيه، وبالفعل طرح من الألبوم أغنيتين حتى الآن، من خلال صفحته الرسمية.