بدأت محطة الطاقة النووية العائمة الفريدة من نوعها "أكادِميك لومونوسوف"، أولى رحلاتها البحرية انطلاقا من حوض بناء السفن في بحر البلطيق، والمحطة الفريدة من نوعها تنطلق في رحلتها البحرية الأولى في طريقها لوجهتها النهائية في مدينة بيفيك الساحلية بإقليم تشوكوتكا (في أقصى الشرق من روسيا الاتحادية)، حيث تعمل كمحطة نووية عائمة لتوليد الطاقة، وسيتم سحب محطة "أكادِميك لومونوسوف" أولا إلى مدينة مورمانسك، حيث تُزود مفاعلاتها بالوقود النووي، ومن المقرر أن تبدأ المفاعلات في العمل بداية من خريف هذا العام. وتعليقا على هذا الحدث المهم، يقول فيتالي تروتنيف، رئيس مديرية تشييد وتشغيل المحطات النووية الحرارية العائمة، إحدى الشركات التابعة لشركة روساتوم الروسية، إن المحطة النووية العائمة تمثل إنجازا مهما للغاية لمشروعات روساتوم، كما تُعد بمثابة تقدم هائل لقطاع الطاقة النووية على مستوى العالم. وحسب تصريحات صادرة عن تروتنيف، اليوم، تهدف محطات الطاقة النووية العائمة لتوفير الطاقة الكهربائية والتدفئة لملايين البشر في المناطق النائية، وهو ما يعمل على زيادة النمو والتنمية الاقتصادية المستدامة في تلك المناطق، وأن الاستفادة من خبرات التشغيل الآمن لمفاعلات المحطات النووية التي توفر الطاقة لكاسحات الجليد النووية، والتي يبلغ مجموع أعمارها الإنتاجية 300 عام تقريبا، أتاح لهم بناء محطة الطاقة النووية العائمة طبقا لأعلى معايير ونظم الأمان والسلامة، حيث من المتوقع أن تصبح هذه المحطة أكثر المحطات والإنشاءات النووية أمانا في العالم. المحطة النووية العائمة مزودة بمفاعلين من طراز KLT-40C (كل منهما بقدرة 35 ميجاوات)، وهي مماثلة للمحطات المستخدمة في كاسحات الجليد النووية، وقام بتصميم المحطة النووية العائمة مجموعة من علماء الطاقة النووية الروس بالتعاون مع مهندسي البحرية الروسية، ويبلغ طول المحطة العائمة 144 مترا وعرضها 30 مترا وإزاحتها 21000 طن، وتم تسمية السفينة "أكادِميك لومونوسوف" الفريدة من نوعها على اسم العالم الروسي الشهير ميخائيل لومونوسوف والذي عاش خلال القرن الثامن عشر. من ناحية أخرى، يصل العمر الإنتاجي للمحطة النووية العائمة إلى 40 عاما، مع إمكانية امتداد عمرها إلى 50 عاما، وبعد إيقاف تشغيل المحطة في نهاية عمرها، سيتم سحبها إلى موقع خاص للتفكيك وتدوير المخلفات، في الوقت نفسه، تعمل روساتوم حاليا على إقامة الجيل الثاني من المحطات النووية العائمة، أو ما يُعرف بالوحدات النووية العائمة المطورة، والتي سيتم تزويدها بمفاعلين من طراز RITM-200M (تبلغ قدرة كل منهما 50 ميجاوات). وبالإضافة لقدراتهما المطوّرة، ستكون هذه المحطة النووية العائمة أصغر حجما من سابقتها. وتم تصميم محطة الطاقة النووية العائمة لتوفير الطاقة الكهربائية للمناطق النائية في روسيا الاتحادية، بغض النظر عن البنية التحتية للنقل أو الطبيعة الجغرافية أو تكلفة توصيل الوقود.. إن 40% من تكلفة إمدادات الطاقة الكهربائية المولدة من الوقود الأحفوري ترجع إلى أسعار الفحم أو البترول أو الغاز الطبيعي، وكذلك تكلفة توصيلها للمستهلكين، ويرتفع هذا الرقم كثيرا في المناطق النائية، وبالتالي فإنّ الحجم الصغير والوزن الخفيف والتكلفة الثابتة لمحطة الطاقة النووية العائمة يعالج العديد من هذه التحديات. وتتخذ روساتوم من موسكو مقرا رئيسيا لها، وتضم تحت علامتها التجارية أكثر من 300 شركة من شركات الصناعة النووية ومؤسسات البحث العلمي التي يعمل بها 250000 موظف في 44 دولة حول العالم. تمتلك روساتوم ثاني أكبر احتياطي من اليورانيوم في العالم، وتصل حصتها السوقية من سوق تخصيب اليورانيوم إلى 40% من حجم السوق العالمي، تُعد روساتوم أيضا أكبر شركة عالمية متخصصة في إقامة الجيل الحديث من المحطات النووية، ولديها حاليا أوامر تصدير بقيمة 133 مليار دولار على مدار السنوات العشر القادمة. وتعد روساتوم شريك مصر في أحد أهم المشاريع القومية، التى تعول عليها مصر مستقبلًا، حيث شهد ديسمبر الماضي التوقيع التاريخي على محضر دخول عقود بناء محطة الضبعة للطاقة النووية حيز التنفيذ، وهو ما يمثل بداية فعلية لتحقيق حلم مصر بدخول النادي النووي العالمي، وهو الحلم الذي طال انتظاره لنصبح على بعد خطوات ملموسة منه، فالمشروع الذي أصبح من كبرى الصفقات في تاريخ الصناعة النووية، ستقوم بتنفيذه شركة روساتوم الحكومية للطاقة النووية، وستكون مسؤولة عن كل الجوانب الرئيسية المتعلقة بإنشاء وتشغيل المحطة النووية طوال عمرها الإنتاجي. تُعد محطة الضبعة النووية أكبر مشروع مشترك بين مصر وروسيا منذ مشروع السد العالي بأسوان. والجانب الروسي سيتولى تصنيع جميع مكونات المحطة النووية، وهو ما يحول دون تأخر الإنتاج ويضمن أعلى مستويات مراقبة الجودة، من ناحية أخرى تتوافق جميع المكونات والتطبيقات التكنولوجية التي ستُستخدم في محطة الضبعة النووية مع كل معايير ومتطلبات السلامة العالمية، وعلى وجه الخصوص أحدث تقنيات مفاعلات VVER-1200 من الجيل الثالث بلس، والتي اجتازت العديد من عمليات التفتيش من قِبَل الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمنظمات الدولية الأخرى، كما خضعت لأقصى اختبارات التحمل تحت أقصى الظروف وأكثرها تطرفا، بما يتجاوز تلك الظروف التي تعرضت لها محطة فوكوشيما النووية في اليابان، وهي تكنولوجيا تعمل بكل نجاح في روسيا الآن.. إن ذلك يعني أن مصر ستحصل على أكثر محطات الطاقة النووية أمانا وتقدما في العالم من حيث نظم التشغيل والأمان في الوقت الحالي. ووفقا للعقود التي تم توقيعها بخصوص مشروع الضبعة للطاقة النووية، لن تقوم شركة روساتوم ببناء محطة توليد الطاقة النووية فحسب، بل ستتعهد أيضا بتوفير الوقود النووي طوال العمر التشغيلي للمحطة، والاهتمام بإدارة الوقود النووي المستنفذ وتخزينه وإيقاف تشغيله في نهاية عمر المحطة (60-80 سنة). كما ستقوم الشركة بدعم الجانب المصري في تدريب الكوادر النووية وتعزيز وعي وقبول الشعب المصري للطاقة النووية. وبالإضافة للتأكد من التشغيل الآمن والسلس لمحطة الضبعة النووية واستقرار الأسعار التنافسية للكهرباء، تعمل المحطة أيضا على مساعدة مصر في بناء كوادرها وخبراتها النووية اعتمادا على الخبرات الكبيرة التي تتمتع بها روساتوم.