أعلن النائب بهاء أبو شقة الذي نجح أمس في انتخابات رئاسة حزب الوفد، أنه سيدفع عبر «الوفد» بمرشح رئاسي لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2022، وذلك فور إعلان فوزه أمس الجمعة، وهو ما يثير التساؤل حول مدى قدرة الأحزاب على المنافسة عبر تقديم مرشحين لانتخابات الرئاسة. أزمات الأحزاب وبعدها عن المنافسة في انتخابات الرئاسة المتعارف عليه في أغلب الديمقراطيات المستقرة في بعض الدول، أن تداول السلطة يتم عبر الانتخابات التي تتنافس من خلالها الأحزاب ككيانات لديها برامج سياسية واقتصادية للحكم وتعبر عن مصالح فئات عديدة من المجتمع، لكن ال104 أحزاب الموجودة في مصر لم تصل بعد إلى هذا المستوى من العمل السياسي والتنظيمي، رغم وجود أحزاب قديمة ولها تاريخ مثل حزب الوفد، وحزب التجمع، وبدلا من أن تنافس بمرشحيها تذهب لتأييد أحد المرشحين كما حدث في انتخابات 2012 و2014 و2018. الانشقاقات الداخلية واحدة من الفيروسات التي تصاب بها الأحزاب، مما تؤدي لضعفها، فحزب مثل «المصريين الأحرار»، بعد عدة أشهر على حصوله على الأغلبية الحزبية بالبرلمان الحالي، انقسم بين قياداته، وكان النزاع بين رئيس الحزب الدكتور عصام خليل ومؤسسه ورئيس مجلس الأمناء رجل الأعمال نجيب ساويرس، وانتهى النزاع بسيطرة جبهة عصام خليل، التي شهدت انقساما آخر باستبعاد خليل لنصر القفاس الأمين العام للحزب، مع توقعات بأن لا يحتفظ الحزب بنفس عدد الكراسي في الانتخابات المقبلة. حزب الوفد الذي فاز أبو شقة برئاسته، تعرض لعدد من الأزمات مثل التي شهدها الحزب وقت رئاسة نعمان جمعة وقت انتخابات الرئاسة في 2005، وأزمة فؤاد بدراوي مع السيد البدوي الرئيس السابق للحزب ومجموعة من المستقلين، وأخيرا عدم توحيد الموقف من انتخابات الرئاسة فبعدما اتخذ الحزب قرارا بدعم الرئيس عبد الفتاح السيسي في الانتخابات الأخيرة، أعلن السيد البدوي ترشحه للرئاسة وأكد الحزب رفض ترشحه فعاد وتراجع. كيف أثر غياب التنافس الحزبي على شكل الانتخابات الرئاسية الأخيرة؟ أدت الذكرى السيئة لدى المواطنين من تجربة الحزب الوطني قبل 25 يناير 2011، وتجربة حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين، إلى التخوف من أن يأتي الرئيس الجديد ومعه حزب يدير، وكان هذا دافعا مهما لكثير من المواطنين والقوى السياسية وحتى الأحزاب التي ليس لها تأثير كبير على الأرض في دعم المرشح عبد الفتاح السيسي في 2014. في الانتخابات التي انتهت مؤخرا، اتضح التأثير السلبي لغياب التنافس الحزبي، فالرئيس عبد الفتاح السيسي ترشح لولاية ثانية دون وجود ظهير سياسي عبر حزب يدير الحملة الانتخابية ويتواصل مع المواطنين على الأرض من خلال قواعده في المحافظات للحشد للتصويت، ولعب هذا الدور ائتلاف دعم مصر الذي يتكون من أغلبية من النواب المستقلين، من خلال تواصل النواب مع المواطنين في دوائرهم وهو ما استدعى غياب البرلمان لمدة شهر وتنظيم مؤتمرات من نواب الائتلاف في المحافظات المختلفة، ومعه بدأ التفكير في تحويل الائتلاف لحزب سياسي يدعم السيسي. هل تستطيع الأحزاب المنافسة بمرشحين في انتخابات الرئاسة 2022؟ المستشار بهاء أبو شقة أشار إلى أن حزب الوفد، سيطرح مرشحا لانتخابات الرئاسة المقبلة، ووفقا لنص دستور 2014 سيكون كل المتنافسين فيها وجوها جديدة بعد انتهاء الولاية الثانية للرئيس عبد الفتاح السيسي، مما يطرح سؤالا مفاده: هل يستطيع «الوفد» وبقية الأحزاب طرح مرشحين في الانتخابات الرئاسية المقبلة؟ الدكتور عمرو هاشم ربيع، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أجاب ب«نعم»، مضيفا أنه في أي انتخابات تكون حظوظ الرئيس الموجود في السلطة كبيرة للحصول على دورة رئاسية جديدة، موضحا أنه في حالة دولة نامية مثلا تكون أعلى بكثير، لافتا إلى أن وجود مرشحين جدد يمنح الفرصة للمنافسة في الانتخابات المقبلة في حال استمر الدستور كما هو دون تعديل. وحول تصريح أبو شقة بأنه سيطرح مرشحا عن حزب الوفد في انتخابات الرئاسة 2022 قال إن حزب الوفد منذ رحيل فؤاد سراج الدين وهو في تراجع، لافتا إلى أنه ربما مع دفع الحزب للأمام يكون لديه مرشح قوي، خاصة أن الكفة تميل للتيارات الحزبية في اليمين مثل حزب الوفد وللوسط، بينما اليسار والتيار الإسلامي في انحصار. وقال ربيع إن الأحزاب تحتاج بشكل عام لتكون موجودة في الشارع لإلغاء نظام الانتخاب عبر القائمة في البرلمان المقبل، مطالبا بأن تتبنى الأحزاب بنفسها القضايا الاجتماعية والمرأة والشباب وذوي الإعاقة من داخل الأحزاب، ولا يكون مناقشتها بعيدا عن الأحزاب. وأشار إلى أن الأحزاب تحتاج لإنعاش المجتمع المدني، موضحا أنه «من غير المعقول بسبب 5 أو 6 منظمات تتعامل مع الخارج بشكل مشوه أن يتم التضييق على بقية المنظمات الأهلية والمدنية الأخرى»، كما لفت إلى ضرورة إنعاش «المحليات»، بإجراء الانتخابات باعتبارها «بداية سلم الديمقراطية».