لا يختلف أحد على أن الفنان الراحل أحمد زكي، موهبة فنية فذّة يصعب تكرارها على مرّ السنين، تلك الموهبة التي جعلت الكثير من النقاد يعتبرونه الممثل الأهم في تاريخ السينما المصرية والعربية، وعدم إجادته التحدث بلغات مختلفة كان العائق الوحيد وراء نجوميته العالمية، فمعايشته التامة للشخصيات التى كان يقدمها ما زال لها بريق خاص حتى الآن، فقد كان يمثل ويجسد أدواره بكل ما يملك من حواس حتى بشعر رأسه، خلال ما يقرب من 65 فيلمًا، لا يمكن من خلالها أن يُقال إنه كرر نفسه أو أداءه في أيٍ منها، قبل أن تنتهي حياته بعد مهاجمته من قِبل وحش لعين أثناء تحضيرات فيلمه "حليم" يُدعى "السرطان". ومنذ رحيل "النمر الأسود"، في 27 مارس عام 2005، وشُبِه الكثير من النجوم الشباب من الجمهور وأقلام النقاد ب"الإمبراطور"، نظرًا لمساحات التشابه مع بعضهم تارة، أو أن موهبته الفنية تلبست بعضهم تارة أخرى، وهذا التشبيه الذي له جانب سلبي وآخر إيجابي، الأول لتحميل الفنان على عاتقه ما لا يطيق في غالبية الأحيان، حيث إن موهبة الراحل يصعب، إن لم يكن يستحيل تكرارها، والثاني هو كون المُشبه احتل مكانة فنية تؤهله، لأن يتم تشبيهه بالمُشبه به، ومن هؤلاء الفنانين: هيثم أحمد زكي نجل الراحل هيثم زكي لم يسلم من هذا التشبيه، وأدت ملامحه دورها في هذا التشابه، كما أنه في مقدمة المتأثرين بفتى الشاشة الأسمر، بعد أن شقّ طريقه في عالم الفن عبر فيلم "حليم" (آخر أعمال الراحل)، عام 2006، بعدما تعذَّر على "زكي" أداء مراحل الشخصية العمرية كافة لسوء حالته الصحية، فاستعان مخرج الفيلم شريف عرفة ب"هيثم" لشبهه الكبير بوالده، فأدى دور العندليب الأسمر في شبابه. حمل "هيثم" روح والده وبعض ملامحه حمّله مسئولية كبيرة على عاتقه، سرعان ما ثبت أنه ليس على قدِرها، وقال "هيثم" حول ذلك في تصريحات له ديسمبر 2011، "والدي موهبة كبيرة مضافةً إليها خبرة طويلة، ولعل أحد أهم أسباب انتقاد دوري في فيلم «البلياتشو» هو توقع الجمهور أن أكون على مستوى والدي نفسه، وهو أمر غير صحيح بالطبع، المقارنة مستحيلة وغير جائزة أصلًا، ناهيك بأنني لا أملك الخبرة الكافية، ولم أدرس فن التمثيل بشكل متخصص". وذكر "هيثم" مارس الجاري في تصريحات صحفية، ردًا على سؤال "هل يوجد ممثل يشبه أحمد زكي على الساحة؟": "بالطبع لأ.. صعب جدًا يوجد أحد شبيه للعظيم أحمد زكي.. ولكن.. هناك أشخاص متأثرون بمدرسة زكي في التمثيل، وذلك من حقهم، لكن شبهه من المستحيل". عمرو سعد الفنان عمرو سعد، بدا عليه التأثر ب"زكي" منذ ظهوره على الساحة بطلًا في فيلم "حين ميسرة"، عام 2007، ومن بعده فيلمه "دكان شحاتة" 2009، كما اعتبر نقاد أن أداءه في مسلسل "شارع عبد العزيز"، عام 2011، جاء متشابهًا مع أداء الراحل، في فيلم "الهروب"، سواء في الملابس أم الأداء الحركي، قبل أن يستطيع "عمرو" أن يبتعد عن منطقة أداء "زكي" من خلال أدوار عدة أثبت فيها موهبته المنفردة فيما بعد. المخرجة إيناس الدغيدي، أكدت في برنامج "100 سؤال"، فبراير 2016، أن "عمرو سعد اتحط في حتة أحمد زكي ولازم يطلع منها، مش عشان أسمر يطلع شاب فقير أو مطحون دايمًا، لازم يطلع من القالب اللي اتحط فيه خاصةً إن إمكانياته كويسة جدًا". وفي أغسطس 2010، ذكر سعد في تصريحات له ببرنامج "بلسان معارضيك" على قناة "القاهرة والناس"، أنه "سعيد بهذا التشبيه لأنه في صالحه، لأن أي فنان في بداية طريقة الفني عندما يرتبط شكله بفنان كبير مثل أحمد زكي فهذا سيحفزه على العمل وسيسعى من خلال ذلك لتقديم أعمال أكثر أهمية يتحدى بها أعمال المنافس الآخر". محمد رمضان يقف محمد رمضان على مسافة قريبة من أحمد زكي، من حيث الشكل والتنوع في الأداء، خاصةً أن أول أدواره التليفزيونية كان يُجسد خلالها شخصية "النمر الأسود"، من خلال مسلسل "السندريلا" عام 2006، ثم من خلال فيلم "احكي يا شهر زاد"، عام 2009، ثم فيلم أول بطولاته "عبده موتة"، عام 2012، وأعماله التي تليه. وقال "رمضان" في حوار له مع الإعلامي عمرو أديب، ببرنامج "كل يوم"، نوفمبر 2016، حول على ارتباطه بأحمد زكي وتقليده، إن "الأخير علامة في السينما المصرية، وأن الأيام فقط ستثبت إن كان يقلّده أم إنه يملك موهبة حقيقية تميّزه"، مشيرًا إلى أن استمراره على الشاشة حتى الآن لأنه لا يشبه أحمد زكي. وحينما سُئل الفنان جميل راتب عن وجود شبيه لأحمد زكي على الساحة أو لا، قال على هامش مهرجان السينما الإفريقية الأخير بالأقصر، "كل فنان لا بد أن يكون له شخصية، ومش لازم يشبه حد، لكن محمد رمضان يسير على نمط أحمد زكي وممكن يبقى مثله لو ركز أكتر واختار أدواره بدقة". وقال "نجل زكي" في تصريحاته عن ذلك: "لا يحزنني على الإطلاق تشبيه محمد رمضان بأحمد زكي.. ولا يحزنني تشبيه عمرو سعد بأحمد زكي.. ولا غيرهم، لأن زكي أيقونة وتاريخ ومدرسة لا توصف شكلًا وموضوعًا ومتاح للجميع التأثر بمدرسته وطريقته في الأداء"، كما ذكر خلال حوار له ببرنامج "البيت بيتك"، عام 2015، أن "محمد رمضان وعمرو سعد هم أفضل من يقلد أحمد زكي وده حقهم". آسر ياسين ظهر آسر ياسين، وجهًا جديدًا في فيلم "حليم" ل"زكي" لأول مرة، ومنذ الحين وتتابع أدوار شهرته ومنها إلى بطولاته ووضع في دائرة المتشبهين ب"الإمبراطور"، أو "المتأثرين به"، بينما هو يقول في تصريحات عام 2011، إن ما أُشيع عن تقليده ل"زكي" تردد في بداية ظهوره، ثم اختفى بعدما بدأ يسلك طريقًا خاصًا به، مشيرًا إلى أن تشابه أداء أي ممثل جديد مع أداء "زكي" شرف للممثل بالطبع، لكنه يفضل أن يكون له أسلوبه الخاص. كما صرّح "ياسين"، خلال حواره له ببرنامج "ON E"، أكتوبر 2017، إنه ينتمي في التمثيل إلى مدرسة الفنانين الراحلين أحمد زكي، ومحمود عبد العزيز. محمود عبد المغني لون بشرة الفنان محمود عبد المغني، وضعته ضمن قائمة المقلّدين ل"زكي"، وقال عن ذلك خلال حوار له في برنامج "ضربة حظ"، عبر فضائية "الحياة"، فبراير 2016، "من أول ما بدأت تمثيل وأن أُشبه به، شيء عظيم إني اتحط في جملة مع زكي، هو نظير التمثيل في مصر، وكان فنان عبقري، ولكني في نفس الوقت عايز أكون نفسي، عايز أكون مُغنِي". لا شك أنه منذ رحيل كبير كبراء فناني مصر، أحمد زكي، وترك فراغًا فنيًا كبيرًا، ولكن ثبت أنه من الصعب أن يملؤه غيره، وهو الأمر الذى يتضح جليًا مع كل محاولة من بعض السينمائيين لتشبيه نجم جديد أو فنان صاعد به، فالفراغ الفني الذي تركه أحمد زكي ما زال موجودًا حتى الآن، وما زال لم نجد من يشغله، بل من الواضح أنه لن يكون هناك من يشغله، وعلى الجميع أن يستمعوا لنصيحة النمر الأسود لابنه عندما قال له: "ابحث عن ذاتك، ولا تكن نسخة من أحد حتى أنا".