قد يشهد العالم حربًا عالمية في الفترة المقبلة، لكنها لن تكون عسكرية، بل تجارية، بين أكبر اقتصادين في العالم، الولاياتالمتحدةوالصين. حيث أعلن قادة البلدين عن فرض تعريفات جمركية جديدة على البضائع المستوردة من البلدين، لكن يبقى "التصعيد المحتمل" هو الخوف الحقيقي بين الشركات والمستثمرين والمشرعين. حيث أعلن ترامب، يوم الخميس، عن خطط لفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على 50 مليار دولار من الصادرات الصينية، ودخلت تعريفة جمركية على الفولاذ والأمنيوم، والتي تشمل الصين، حيز التنفيذ يوم الجمعة. وردا على هذه القرارات، أعلنت الصين من جانبها أنها ستفرض رسوما جمركية على الصادرات الأمريكية للصين بقيمة 3 مليارات دولار. وأشارت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، إلى أنه إذا توقفت المناوشات عند هذا الحد، فمن غير المحتمل أن يكون لها آثار عالمية خطيرة، لكن تكلفة ارتفاع الأسعار سيتحملها العمال والشركات والمستهلكين، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. الولاياتالمتحدة تهدد التكنولوجيا الصينية تفرض الولاياتالمتحدة جمارك بنسبة 25% على الصلب القادم من الصين و10% على الألمنيوم، ومن المقرر أن تخضع معظم الدول لنفس القرارات الجديدة التي فرضتها الولاياتالمتحدة. اقرأ المزيد: «الصلب والألومنيوم» يشعلان حرب تجارية بين الصينوالولاياتالمتحدة كما ستفرض إدارة ترامب تعريفة جمركية بنسبة 25% على مجموعة من المنتجات من الصين، مثل منتجات تكنولوجيا الاتصالات والفضاء والمعلومات والآلات. يأتي هذا بعد أن خلص تحقيق أمريكي، أن الصين أصبحت أكثر تقدمًا وتميزًا بشكل واضح، من شركات التكنولوجيا الأمريكية. وكشفت بيانات الحكومة الأمريكية وشركة "بانجيفا" للأبحاث، أن الولاياتالمتحدة استوردت ما قيمته 150 مليار دولار من المنتجات الصينية خلال عام 2017، والتي كان معظمها يتعلق بأجهزة الكمبيوتر. الصين تهدد المزارعين الأمريكيين أعلنت الصين يوم الجمعة، أنها ستضع تعريفة جمركية على 128 من الصادرات الأمريكية، ردا على جمارك الصلب والألمنيوم، وفقا لما ذكرته وزارة التجارة الصينية، ومن المتوقع أن تفرض المزيد من التعريفات الجمركية ردًا على التعريفات الأمريكية على المنتجات التقنية. وأشارت الشبكة الأمريكية، إلى أن الرسوم الجمركية الصينية على السلع الأمريكية، تستهدف في الغالب النبيذ والفاكهة ولحم الخنزير والألمنيوم المعاد تدويره والمكسرات، وتبلغ قيمة جميع هذه الواردات 3 مليارات دولار في السنة، وهو مبلغ ضئيل نسبيا. ومن المتوقع، أن تتراوح قيمة التعريفة الجمركية، التي لن يتم تطبيقها قبل 31 مارس الجاري، من 15% إلى 25%، اعتمادًا على نوع المنتج. وتعد الصين، أكبر عميل لمزارعي فول الصويا الأمريكيين، حيث اشترت الصين 61% من صادرات الولاياتالمتحدة من فول الصويا خلال العام الماضي، وحتى الآن، لم تذكر الصين أنها ستفرض جمارك على فول الصويا الأمريكي. وأشارت الشبكة الأمريكية، إلى أن الصين من الممكن أن تتجنب فرض تعريفات جمركية جديدة على المزارعين الأمريكيين لمعاقبة الولاياتالمتحدة، حيث يمكنها ببساطة التعاون مع دول أمريكا الجنوبية. حيث ارتفعت صادرات فول الصويا البرازيلية إلى الصين، لما يقرب من 35% في العام الماضي مقارنة بالعام السابق، في حين ارتفعت صادرات فول الصويا الأمريكية بنسبة 2% فقط. فالبرازيل تشحن فول الصويا إلى الصين، أكبر شريك تجاري لها، عبر الولاياتالمتحدة، ويقول الخبراء إن الزيادة في صادرات البرازيل العام الماضي لم تكن مرتبطة بالسياسة التجارية، لكنها تظهر أن الصين لديها بديل آخر لفول الصويا الأمريكي. الصين أكبر حاملي سندات الخزانة الأمريكية: تمتلك الصين 1.17 مليار دولار من ديون الحكومة الأمريكية، وفقا لوزارة الخزانة الأمريكية، وهو ما يجعلها أكبر مقرض للولايات المتحدة. اقرأ المزيد: هل تلجأ الصين لكوريا الشمالية في حرب «الصلب والألمنيوم» ضد أمريكا؟ وأشارت "سي إن إن" إلى أنه من غير المحتمل أن تتخلى الصين عن الكثير من سندات الخزانة الأمريكية في وقت واحد، وفي حالة القيام بذلك، ستنخفض أسعار السندات الأمريكية المتبقية في محفظتها. وتبقى المشكلة الحقيقية هي، ماذا لو فقدت الصين شهيتها وقررت عدم شراء المزيد من الديون الأمريكية؟ فالحكومة الأمريكية في حاجة إلى إصدار ما يقرب من مليار دولار من السندات خلال هذه السنة المالية لتغطية العجز الذي من المتوقع أن يزداد في السنوات القادمة بسبب التخفيضات الضريبية. ولتمويل العجز، تبيع الولاياتالمتحدة المزيد من السندات للدول الأخرى، والمستثمرين الأجانب، والمواطنين الأمريكيين والبنوك الأمريكية، وتعد واحدة من أكثر الاستثمارات أمانًا في العالم. ومن المستحيل معرفة ماذا سيحدث إذا توقفت الصين عن شراء السندات الأمريكية، أو أبطأت عمليات الشراء بشكل كبير، لكن الوقت الحالي، ليس الوقت المثالي للولايات المتحدة لمعاداة أكبر مقرض لها. هل نشهد نهاية الاقتصاد العالمي كما نعهده؟ تقول الشبكة الأمريكية، إن هذا السؤال قد يبدو دراميًا بعض الشىء، لكن التصورات العالمية عن الصينوالولاياتالمتحدة بشأن التجارة آخذة في التراجع. لقد كانت الولاياتالمتحدة هي المدافع الرئيسي عن التجارة الحرة منذ الحرب العالمية الثانية، فيما كانت الصين على النقيض تمامًا، والآن تغير الوضع حيث تسعى الولاياتالمتحدة إلى فرض تعريفات جمركية، بينما تقول الصين إنها تعارض فرض المزيد من التعريفات الجمركية. اقرأ المزيد: حرب تجارية باردة بين الصينوالولاياتالمتحدةالأمريكية من جانبهم، استغرب قادة دول أمريكا اللاتينية الأمر، حيث وصف كل من سباستيان بينيرا رئيس تشيلي، ورئيس كولومبيا خوان مانويل سانتوس هذا الموقف بأن العالم "أصبح رأسًا على عقب". ويرى العديد من الاقتصاديين وخبراء التجارة الحرة أن الولاياتالمتحدة تخسر دورها القيادي في ساحة التجارة العالمية، في الوقت الذي تقول فيه إدارة ترامب إنها تحاول أن تجعل التجارة أكثر فائدة للأمريكيين. هل ترامب جاد في تهديداته؟ من الممكن ألا تسفر كل هذه المخاوف عن شيء، حيث كان من المقرر أن يفرض ترامب الجمارك على صادرات الصلب والألمنيوم القادمة من كل البلاد، وهو ما دفع كبار الحلفاء والشركاء التجاريين للولايات المتحدة يهددون بالانتقام. بعد ذلك استثنى ترامب كل من المكسيك وكندا والاتحاد الأوروبي وكوريا الجنوبية وأستراليا والبرازيل والأرجنتين، وهذا يعني أن أكبر أربع دول مصدرة للصلب إلى الولاياتالمتحدة، وأربعة من أكبر سبعة مصدرين للألمنيوم لن يتعرضوا للتعريفة الجمركية. كما هدد ترامب أكثر من مرة بالخروج من اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية، وهي الاتفاقية التجارية بين الولاياتالمتحدة وكندا والمكسيك، إلا أن روبرت لفتايزر ممثل الولاياتالمتحدة في المفاوضات، قال أمام أعضاء مجلس الشيوخ يوم الخميس، إن الأطراف الثلاثة تحقق الآن تقدمًا ملموسًا.