في الوقت الذي يسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى سحب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، بدعوى أن إيران لا تلتزم بتطبيق بنوده، تتجه طهران إلى العمل ضد المصالح الأمريكية، وذلك عبر الالتزام ببنود الاتفاق في ظل تمسك الاتحاد الأوروبي بدعمه. مجلة "ذا ناشونال إنترست" الأمريكية أشارت إلى أن الإدارة الأمريكية في حاجة إلى أن تستوعب خطر استخدام هذه التهديدات بسياستها في التعامل مع إيران. وأضافت "المجلة" أنه مع دخول الجمهورية الإسلامية عامها الأربعين، واجه الرؤساء الأمريكيين تاريخ طويل من الفشل في استخدام التهديد في محاولاتهم للسيطرة على النظام الإيراني. وفي الوقت الذي لم يكن هناك سبب محدد لهذا الفشل، إلا أن جميعهم اعتمدوا على استراتيجية واحدة، وهي المبالغة في فوائد استخدام التهديد للتأثير على إيران، والتقليل من شأن إرادة إيران وقدرتها على المقاومة. فبعد الثورة الإسلامية في إيران، حاول الرئيس الأمريكي جيمي كارتر حل مشكلة الرهائن الأمريكيين، عن طريق التهديد ومحاولة إنقاذ فاشلة، لكنها انتهت بخسارته الانتخابات عام 1980. أما في عهد رونالد ريجان، فقد ألقت مشكلة "إيران -كونترا" بظلالها على سجل إداراته الناجح في السياسة الخارجية، ووقَع بيل كلينتون أقسى عقوبات على النظام الإيراني على أمل الحصول على تنازلات، لكنه لم ينجح في ذلك. بينما قدَم جورج بوش الابن هدية استراتيجية لإيران عن غير قصد، بعد أن غزا العراق، وأسقط نظام صدام حسين، ليمنح طهران الفرصة للسيطرة على العراق، والعالم العربي، وفقًا ل"ذا ناشونال إنترست". ونجح باراك أوباما فى تجنب الدخول في صراع مع النظام الإيراني عن طريق توقيع الاتفاق النووي عام 2015، إلا أنه فشل في القضاء على الاختلافات الرئيسية بين البلدين. وقالت المجلة: إنه "بالنسبة لترامب، هناك عاملين رئيسيين بخصوص إيران، يجب ألا يغفل عنهما، وهم أن الشعب الإيراني أصبح مرهقًا للغاية بسبب دور طهران المكلف في الشرق الأوسط، إضافة إلى ذلك أن المتشددين الإيرانيين المتحالفين مع روسيا، يمكنهم أن يتخذوا المزيد من الإجراءات لتقويض المصالح الأمريكية في المنطقة". وأضافت أن ترامب يجب أن يدير سياسته في التعامل مع إيران بشكل أكثر احترافية، حتى يتجنب السقوط في نفس الأخطاء التي وقع فيها رؤساء أمريكا السابقين، كما أنه يجب عليه أن الحفاظ على الاتفاق النووي مع إيران، وأن يراجع خطبه النارية التي غالبًا ما يكون لها نتائج عكسية. وأشارت "ذا ناشونال إنترست" إلى أن الفشل في تغيير هذا النهج، لن يفيد أحدًا سوى المتشددين الإيرانيين، ويساعد على توطيد العلاقات بين موسكووطهران، وهو ما ينعكس بدوره على المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط. وبالنظر للوضع الحالي في إيران، فمن الممكن أن ينجح ترامب فيما فشل فيه رؤساء أمريكا السابقين، عن طريق البقاء في الاتفاق النووي مع إيران، وتهدئة لهجته الهجومية تجاه طهران، ومن الممكن أن يدفع إيرانوروسيا لتبني نهج بنّاء أكثر في المنطقة. من ناحية أخرى، إذا استمر ترامب في توجيه تهديداته والتخلي عن الاتفاق النووي من جانب واحد، فإنه يقضي على هذه الإمكانية، كما يمنح المتشددين في طهران الحجة التي يحتاجونها لسحق الإيرانيين الراغبين في التغيير الإيجابي. ووفقًا للمجلة، "إذا تخلت الولاياتالمتحدة عن الاتفاق النووي الإيراني، فمن المرجح أن تعزز روسيا السلوك الإيراني الحالي، وتنضم إلى طهران لتصبح قوة مضادة للمصالح الأمريكية في المنطقة، ويمكن أن يؤدي هذا إلى زيادة تبني إيران للنهج العدوان، وتقليل نفوذ الولاياتالمتحدة".