يبدو أن قطر أصبحت غير مرغوب فيها داخل الأراضي الفلسطينية، هذا ما أصبح جليا بعد اعتراض فلسطينيين في قطاع غزة، على زيارة رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة السفير محمد العمادي. ولم يقف الأمر على الاعتراض فقط، حيث هاجم فلسطينيون في القطاع سفير الدوحة محمد العمادي، بعد مؤتمر صحفي عقده في مستشفى الشفاء بمدينة غزة، للإعلان عن تفاصيل المنحة الأميرية القطرية لدعم السكان، وأجبروه على المغادرة. منحة كاذبة تم طرد السفير محمد العمادي من القطاع، وسط رفض أهالي غزة للمنحة القطرية التي وصفوها بالكاذبة، ومزق سكان القطاع صور أمير قطر، إلى جانب لافتات كتب عليها "شكرا قطر" كانت تزين المساعدات القطرية، ونزعوا علما قطريا وسط صيحات الغضب، ثم هاجموا موكب العمادي بالأحذية مرة أخرى. وتداول مقاطع فيديو لتوضح غضب أهالي غزة ورفضهم لهذه المنحة، وكيفية طرد السفير القطري. ورغم صعوبة الموقف الذي تعرض له السفير القطري، إلا أنه حاول التغطية على حادثة طرده بالأحذية من قطاع غزة بكلمات تثير المشاعر وتلعب على وتر الأزمات، حيث قال السفير لقناة القدس: "لأول مرة أرى غزة في هذه الحالة الإنسانية الصعبة". جواب غاضب وتصاعد غضب أهالي غزة من السفير القطري، بعد أن وجه أحد عمال شركات النظافة العاملين في مستشفيات قطاع غزة، سؤالا للعمادي، حول مصير رواتبهم بعد عدم تلقيهم رواتب للشهر الخامس على التوالي. فرد السفير القطري على السؤال بأنه لا علاقة لدولته بذلك، وأن عليهم التوجه إلى الجهات التي وظفتهم، مضيفا: "بين الموظفين والشركات التي يعملون معها عقود عمل، وهناك عقود مع وزارة الصحة، ويجب عليها أن تلتزم بدفع الأجور، ولا علاقة لهذا بالمنحة القطرية". وتسبب جواب السفير القطري في غضب عمال شركات النظافة بشدة، وكانوا بعد يأملون في الحصول على مساعدات، فهاجموا السفير بالأحذية وغيرها من الأدوات المتاحة، قبل أن يتمكن الأمن من إخراجه من المكان تحت محاولات الإضرار به جسديا. وكشفت وسائل إعلام فلسطينية أسباب هذا الحادث، مشيرة إلى أنه يعود إلى محاولات قطر التنصل عن التزاماتها مما يتعلق بأوضاع العمال الذين يساهمون في مشاريع إعادة إعمار غزة التي تكفلت بها قطر. وعقد السفير القطري محمد العمادي، مؤتمرا صحفيا، بمدينة غزة اليوم، استعرض خلاله تفاصيل منحة الإغاثة القطرية لقطاع غزة والتي تبلغ قيمتها 9 ملايين دولار، لكنها لم تشمل حل أزمة موظفي النظافة في مستشفيات غزة. مؤتمر مخيب للآمال كان مسؤولو وزارة الصحة في غزة أمروا عمال شركات النظافة بحضور مؤتمر العمادي، ورفع تلك اللافتات والصور بهدف محاولة جلب الدعم لهم لحل أزمتهم المتفاقمة منذ ما يزيد على أسبوعين، ما تسبب بوقوع كارثة بيئية داخل المستشفيات نتيجة تراكم كميات النفايات. وحول ذلك، قال الناطق باسم عمال النظافة في قطاع غزة نبيل أبو عقلين، إن عمال وشركات النظافة العاملين في المستشفيات كانوا قد حصلوا على وعود من مكتب العمادي في غزة بأن تشملهم المنحة القطرية، لكن ذلك لم يحصل، ما دفعهم لاستيضاح الأمر. وأوضح أبو عقلين أن ما حدث كان مخيبا لآمال العمال الذين انتظروا هذا المؤتمر مطولا، ما دفعهم للمطالبة بأن تشملهم المنحة القطرية، وحل مشكلتهم جذريا، لافتا إلى أن ما حصل رسالة للحكومة وللقطريين وكل الجهات المعنية بضرورة حل قضية عمال النظافة في المستشفيات في القطاع. أهداف خفية تتهم عدة أوساط فلسطينية، النظام القطري بإصراره على تعزيز الانقسام الداخلي في فلسطين، وإبعاد عدد من الفصائل الفلسطينية عن محور الاعتدال في المنطقة، كما تتهم تلك الأوساط الدوحة، بتقديم الدعم السياسي والمالي لحركة "حماس"، بهدف إضعاف السلطة الفلسطينية، والرئيس محمود عباس أبومازن. من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم أبراش، في تصريحات لصحيفة "وطن" الفلسطينية، إن حادثة الاعتداء على السفير القطري تعود لانكشاف الكثير من الأوراق حول قطر، خاصة علاقتها بما يسمى الربيع العربي، أو فيما يتعلق بعلاقتها بالدعوات الأمريكية الأخيرة أنه يمكن لقطر وإسرائيل حل مشكلة قطاع غزة. وأوضح أبراش أن لدى الشارع الغزي احساس بأن قطر تحاول الهروب من مشاكلها الداخلية وحصار دول الخليج لها الى تقديم مساعدات مالية وإنسانية لقطاع غزة، حتى تعيد الاعتبار لها. وأكد أبراش، أن العديد من التساؤلات تثار حول الدور القطري في القطاع، خاصة في ظل التهويل الإعلامي لقطر ومساعداتها، مضيفا أن لقطر أهداف ومشاريع خفية من وراء الزيارات المتكررة لسفيرها العمادي الى غزة، مرجحا أن يكون السبب وراء ذلك مشروع سياسي كبير يعد للقطاع بتنسيق بين قطر وواشنطن وإسرائيل. الشجرة الخبيثة أكد المحلل السياسي بالبحرين سلمان ناصر، أن ما شهده السفير القطري في غزة هو نتيجة طبيعية لدفع ثمن الشجرة الخبيثة التي قامت قطر بزراعتها. وقال سلمان، في مداخلة مع قناة "الإخبارية" السعودية: "يدل هذا المشهد على أن الشعوب أصبحت أكثر وعيا بما يقوم به النظام القطري من تجزئة المجتمعات وتجزئة الحكومات". وأضاف: "هذا المشهد يؤكد لنا جليا بأن النظام القطري وظف المال القطري المنحرف لتعزيز تواجده وزرع الفرقة بين التيارات السياسية وهذا ليس خفي على أحد"، متوقعا أن هذا المشهد ربما يتكرر في بعض الدول الإفريقية أيضا. ويرى فلسطينيون أن معظم المشاريع القطرية التي تدعي قطر بأنها إنسانية هي مشاريع تجارية بهدف الربح، مؤكدين أن تقديم قطر المساعدات جزء من دعمها للإخوان المسلمين، لتظل لاعبا إقليميا وصاحب النفوذ والتأثير ضد إسرائيل والولايات المتحدة، وسعيا للحصول على دعم الفلسطينيين، إلا أن الهدف الأخير أصبح صعب المنال. قطر والانشقاق "إن قطر تقف وبقوة وراء الانشقاق فى الصف الوطنى الفلسطينى وذلك بحرصها على احتضان قادة حماس وتحريضهم على أشقائهم في حركة فتح، وهو نابع من الرغبة المهووسة لدى النظام القطري في احتضان كل من يعتنق فكر الإخوان المسلمين"، هكذا علقت صحيفة "عكاظ" السعودية، اليوم الثلاثاء، على إقدام أهالي غزة على رشق سفير قطر بأحذيتهم وتمزيق صور تميم بن حمد ووالده. وأضافت الصحيفة، في افتتاحيتها التي حملت عنوان "مصير نظام الحمدين": "إن النظام القطري يريد أن يصل إلى عالم عربي لا يعرف الحدود الجغرافية ولا تكون فيه قيادة إلا إذا كانت تعتقد بهذا الفكر التخريبي المتطرف وهو فكر يعتبر جميع من لا يدينون به أعداءً يجب تدميرهم". وتابعت: "حين يتعلق الأمر بالحكومات غير المتسامحة مع فكر الإخوان فإن عقابها يجب أن يكون الزعزعة والتخريب والتحريض، وهو عين ما يقوم به تنظيم الإخوان الإرهابى، فهو لا يريد خيرا بمصر ولا الخليج ولا بقية الأقطار العربية". ويعاني قطاع غزة، حيث يعيش قرابة 2 مليون نسمة، من أوضاع معيشية متردية للغاية، من جراء الحصار الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من 11 عاما. وبحسب آخر الإحصائيات، فإن نسبة الفقر في قطاع غزة بلغت نحو 80%، في حين ارتفعت نسبة البطالة في صفوف المواطنين إلى 50%.