تقرير الطب الشرعى: الوفاة الطبيعية.. وخبير نفسى: واقعة فريدة من نوعها "خافت عليهم من الدنيا".. كان ذلك كل ما خطر في بال الطبيبة "بسنت"، عندما أعلمت طفليها، "مريم" و"أحمد"، بوصيتها "الغريبة"، بعدما استشعرت قرب الأجل. الطبيبة "المطلقة" خافت على الطفلين بعدها، ولحفظ أموالهما، طلبت منهما وضع جثتها في "دولاب" المنزل، حتى بلوغ الابنة الكبيرة سن الرشد، لتصبح الوصية على الأبن. جريمة جديدة من نوعها الحكاية التى هزت أرجاء الإسكندرية، وباتت قصة هى الأغرب بين الجرائم الممزوجة بالمعنى اللامحدود للأمومة، ظلت حبيسة خزانة الملابس داخل شقة بالطابق الثانى عقار الكوثر رقم 30 لعامين، حتى خرجت إلى النور قبل 4 أيام. "أحمد"، الذي أصبح طالبًا بالمرحلة الإعدادية، وعمره الآن 15 عامًا، توجه إلى قسم ثان المنتزة ليبلغ عن وجود جثة بالعنوان المشار إليه، قائلًا إنها أمه. وأثناء كتابة المحضر، استوقف الضابط كلام الابن، وطلب منه إعادة سرد آخر جملتين، فرد "أحمد": "جثة والدتى فى الدولاب منذ 2015، وهى اللى طلبت منى أنا وأختى نعمل كده". جثة متحللة بين الملابس توجهت الأجهزة الأمنية، وسط حالة من الترقب والقلق بين السكان، وبالفعل تم العثور على جثة "بسنت فتحى، 42 سنة"، داخل دولاب، وهي عبارة عن هيكل عظمي. وهنا أفاد "أحمد"، و"مريم"، صاحبة ال 21 عامًا، أنهما نفذا وصية الأم: "بلاش تدفنونى .. اخفوا جثتي في الدولاب". أصل الحكاية القصة بدأت قبل 22 سنة، وبالتحديد عام 1995، عندما ارتبطت الأم بزوج بعد قصة حب جمعتهما، وكانت قد تخرجت لتعمل طبيبة بمستشفى "أبو قير" العام، ثم أنجبت "مريم" عام 1996، ورزقها الله بابنها الثانى "أحمد" عام 2002. بعد سنوات من العشرة، انفصل الزوجين، ورحل الأب إلى القاهرة، وربت الأم الأبناء حتى أصيبت بمرض فى القلب، صاحبه فشل كلوى. قال أحمد، الطالب بالصف الثالث الإعدادى، إن المرض اشتد على والدته، وكانت تواظب على الغسيل الكلوى مرتين أسبوعيا، ومنعها المرض الشديد من الذهاب للعمل، وأصبح الأطباء يزوروها، قبل أن يخبره أحدهم أن الوضع بات مأساويا وحالتها تدهورت بشدة. وصية الأم وأضاف أحمد: "والدتى جمعتنا وحذرتنا من إعلان خبر وفاتها، واتفقت معنا على وضع الجثة داخل دولاب الملابس، واستئجار شقة، على أن نبلغ عن جثتها فور استكمال مريم 21 سنة؛ لتكون صاحبة الوصاية علي، وتستلم كافة الأموال". وأوضحت مريم، أنهما وضعا جثة والدتهما دخل أكياس داخل دولاب، ووضعا المراتب فوقها، وأغلقا الشقة واستأجرا شقة سكنية بمنقطة سيدى بشر، مؤكدة أنه لا علاقة لهما بالأب سوى حصول بضعة جنيهات يرسلها بالبريد، كما لا تربطهما أى علاقة مع الأقارب، ولا يسأل عنهما أحد. شاهد ما شافش حاجة عبر الجيران عن دهشتهما من الواقعة فور مجىء الشرطة، وأكدوا أن الأم كانت طيبة وتعامل الجميع بطريقة جيدة. فيما نفى أطباء عاملين بمستشفى أبو قير معرفتهم بطبيبة تدعى "بسنت"، وأن ما تم نشره عن عملها بالمستشفى أمر غير معلوم مدى صحته لديهم. إخلاء سبيل.. والقضية ليست جنائية بعرض الأمر على النيابة، قرر المستشار أحمد شلبي، وكيل نيابة المنتزه بالإسكندرية، أخذ عينة "DNA" للتأكد من جثة والدتهما، وطلب تقرير الطب الشرعي، وإخلاء سبيل الشقيقين. المستشار محمد مدنى، رئيس محكمة جنايات الإسكندرية، أكد أن تقرير الطب الشرعى سيحدد نوع القضية هل هى جنائية أم جنح، موضحاً حال ثبوت الوفاة طبيعية فأن القضية ستتحول إلى جنحة مخالفة دفن جثة بالطريقة الشرعية، وهنا يتم فرض غرامة. حالة غريبة من نوعها الدكتور محمد عبدالله، أستاذ علم النفس، أكد أن هذه الواقعة غريبة من نوعها، وتفسيرها يعود إلى أن الابنين اعتادا تلبية طلب الأم التى كانت حريصة على تنفيذها. وأضاف، أن الطفلين رفضا الإقامة بالشقة ويبدو أنهما عانيا كثيرا، وأنهما بعيدان عن أى أقارب، وتحملا ضغوط كبيرة حتى يستطيعا إخفاء خبر موت الأم.