بعد عام وبضعة أيام على تحرير سعر صرف الجنيه في مقابل الدولار، ترك تعويم الجنيه آثاره على جميع أسعار السلع والخدمات، تضرر كثيرون، ولكن ضرر ارتفاع الأسعار للسلع الاستهلاكية قد يكون أخف ضررًا مما حدث لحاجزي مشروع الإسكان الاجتماعي، بمختلف محافظات مصر، نتيجة ارتفاع أسعار مستلزمات البناء والتشييد. الضرر الذي وقع على الحاجزين، لم يكن سببه ارتفاع أسعار وحدات الشقق فحسب، ولكن الضرر الأكبر الذي نتج عن تعويم الجنيه، هو اكتشافهم رداءة أساسات وتشطيب الوحدات التي دفعوا سعرها من "شقى عمرهم". «التحرير» سألت حاجزين تسلموا وحداتهم السكنية عن شكاواهم من التشطيبات، ومقاولين منفذين للمشروع، ومسئولين بوزارة الإسكان، عن أسباب رداءة وتراجع مستوى التشطيب بشكل كبير، بخلاف تأخر تسليم الوحدات للحاجزين الذين لم يتسلموا وحداتهم بعد. المستفيدون: نفد صبرنا قال محمد العمري، أحد المقيمين بمشروع الإسكان الاجتماعي بمدينة بدر، استلمنا وحداتنا السكنية بها كثير من المشاكل على مستوى التشطيبات، ونوعية الخامات المستخدمة به، بخلاف شروخ في جدران بعض العمارات، غالبية شوارع المشروع غير ممهدة، بالوعات بدون أغطية، شكاوانا بالمئات، وطفح الكيل ونفد صبرنا. هانى رجب، أحد المقيمين بمدينة بدر، أكد أنه جمع أكثر من 300 شكوى من سكان حى النرجس والياسمين بمشروع الإسكان الاجتماعي بالمدينة، قدمها إلى هيئة الرقابة الإدارية، للتحقيق بها، منها رداءة مواد البناء والتشطيبات المستخدمة، بخلاف عدم جودة التنفيذ، لك أن تتخيل أن «السيراميك ملزوق بالرمل». وتابع: "شقق الإسكان الاجتماعى التى استلمناها ظهرت بها العديد من الكوارث، إذ إن الشروخ الكبيرة وصلت إلى أعمدة بعض العمائر الرئيسية، وظهرت بعدما تساقطت الدهانات العلوية مع سقوط الأمطار".
«مقاولي التشييد والبناء»: تعويم الجنيه سبب التأخير كان الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء، قد طالب بسرعة تنفيذ قرارات الحكومة بشأن صرف التعويضات الناتجة عن فروق الأسعار في مواد البناء والتشييد بسبب تحرير سعر الصرف، لتحريك نشاط الشركات وتخفيف حدة المديونيات التي تكبل عمل المشروعات نتيجة مضاعفة فوائد الديون وتراكمها. وناشد المهندس سهل الدمراوى عضو الاتحاد المصرى لمقاولى التشييد والبناء، بسرعة صرف التعويضات للشركات، وخاصة أن الأعمال شبه متوقفة وفى انتظار الصرف الذى طال انتظاره، لافتًا إلى أن هذا التأخير قد تسبب فى أضرار بالغة لمسيرة التنمية والشركات والموردين. مخالفات جسيمة في بورسعيد أكد المهندس سهل الدمراوي، عضو الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء، أن هناك مخالفات جسيمة في عمارات الإسكان الاجتماعي في بورسعيد، كما أن هناك تعمدا لإغفال اشتراطات الكود المصري للأساسات لمصالح غير معلومة. وأوضح الدمراوي أن المخالفات يتلخص بعضها في اعتماد الرسم الهندسي، تنفيذ 117 «خازوقًا» -أعمدة خرسانية في البرج- بدلا من 255، أي أن عدد الأعمدة الذي يتم تنفيذه أقل من نصف العدد الذي من المفترض تنفيذه، لحماية أرواح السكان، طبقًا لمستندات طرح المشروع والمعتمدة من استشاري المشروع. وطالب عضو الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء، وزير الإسكان بتشكيل لجنة تقصي حقائق للإجابة على سؤال واحد فقط هو: هل تمت مخالفة صريحة للكود المصري للأساسات في مشروع الإسكان الاجتماعي ببورسعيد أم لا؟ «الإسكان»: هذه أسباب سوء التشطيب «تحرير سعر الصرف، وارتفاع أسعار مواد البناء، هما السبب الرئيسي»، هذه أسباب تأخر تسليم وحدات الإسكان الاجتماعى فى بعض المواقع، كما يراها الدكتور مصطفى مدبولى، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية. وأضاف مدبولي، أن تحرير سعر الصرف أدى إلى توقف عدد كبير من المقاولين عن تنفيذ مشروعاتهم، الأمر الذي جعل الحكومة تُقدّم قانون تعويضات المقاولين للبرلمان، الذى قام بإصداره، كما أعطى مجلس الوزراء مهلة نحو 9 أشهر لشركات المقاولات لاستكمال مشروعاتها. وعلى صعيد التشطيبات، أبدى وزير الإسكان، رفضه مستوى تشطيبات عمارات الإسكان الاجتماعي، ﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻲ عدد من ﻣﺪﻳﺮﻳات ﺍﻹﺳﻜﺎﻥ ﺑﺎﻟﻤﺤﺎﻓﻈات، ﻭﺷﺮﻛات ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻻﺕ ﺍﻟﻤُﻨﻔﺬﺓ، قائلاً: «ﺣﻄﻮﺍ ﻧﻔﺴﻜﻢ ﻣﻜﺎﻥ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﺣﺪﺍﺕ، ﻳﺮﺿﻴﻜﻢ ﺗﺸﻄﻴﺐ ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ ﺩﻩ، ﻭﻣﺶ ﻫﻨﺴﺘﻠﻢ ﻭﺣﺪﺍﺕ ﻛﺪﻩ». ﻭﻛﻠﻒ «ﻣﺪﺑﻮﻟﻲ» ﻣﺴﺆﻭﻟﻲ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺓ ﺑﻤﺘﺎﺑﻌﺔ ﺗﻨﻔﻴﺬ ﻭﺇﺻﻼﺡ ﺍﻟﻤﻼﺣﻈﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﺸﻔﻬﺎ ﺑﺎﻟﻮﺣﺪﺍﺕ، ﻭﺗﺤﻮﻳﻞ ﺍﻟﻤﺸﺮﻓﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﺳﺘﻼﻡ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﻟﻠﺘﺤﻘﻴﻖ، ﻭﻣﺤﺎﺳﺒﺔ ﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻟﻴﻦ ﺍﻟﻤُﻨﻔﺬﻳﻦ لأي ﻭﺣﺪﺍﺕ ﺳﻜﻨﻴﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﻄﺎﺑﻘﺔ ﻟﻠﻤﻮﺍﺻﻔﺎﺕ. وقالت مي عبد الحميد، رئيس صندوق التمويل العقاري والمدير التنفيذي لصندوق تمويل الإسكان الاجتماعي، إن تحرير سعر الصرف رفع أسعار الوحدات السكنية، حيث إن الوحدات التي كانت يوفرها الصندوق ب154 ألف جنيه، أصبحت الآن 184، بزيادة 30 ألف جنيه. وبخصوص سوء تشطيب الوحدات، أكدت عبد الحميد: "على المواطن ألا يتسلم الوحدة التى تم تخصيصها، إلا إذا كانت صالحة للسكن وخالية من أى عيوب، ويسجل ملاحظاته للمهندس الذي يقوم بتسليمه الشقة، حال رغبته في تغيير بعض التشطيبات، وهناك عام كامل لضمان أى مشكلة تطرأ بالوحدة، وسنتعامل مع أى شكاوى ترد فى هذا الخصوص بشكل فورى". وعن تأخر تسليم وحدات المرحلة الثانية بدهشور، والإعلان الثامن لمستحقيها، قالت رئيس صندوق التمويل العقاري والمدير التنفيذي لصندوق تمويل الإسكان الاجتماعي، إن التسليم سيبدأ فى أكتوبر المقبل لحاجزى دهشور (المرحلة الثانية)، ثم حاجزى الكراسة الزرقاء، مشيرة إلى أنه بالرغم من المشكلات الناجمة عن تحرير سعر الصرف، وإعطاء مجلس الوزراء مهلة للمقاولين المتأخرين فى التنفيذ لمدة 9 أشهر، فإن معدلات تنفيذ وحدات الإسكان الاجتماعى تسير بصورة جيدة. ويتم تسليم من 7 إلى 10 آلاف وحدة شهريا، وهناك وحدات كثيرة فى مراحل جيدة التشطيب. وتابعت: "الأسعار بقت نار، ويتم استهداف المواطنين الذين يحتاجون بالفعل، بحيث أن دخل الأسرة بالكامل لا يزيد على 4750 جنيها، ودخل الشخص الأعزب 3000 جنيه كحد أقصى، وأن لا يقل عن 1500 جنيه".