ردا على تهديدات تركيا بإمكانية إلغاء صفقة شراء منظومات "إس – 400" الصاروخية الروسية، أكدت موسكو أن الصفقة لم تتضمن توريد أي تكنولوجيا صاروخية لأنقرة. وكشف مساعد الرئيس الروسي لشؤون التعاون التقني العسكري فلاديمير كوجين عن أن صفقة صواريخ "إس-400" بين روسياوتركيا لم تتضمن نقل أي تكنولوجيا لصناعة هذه الصواريخ إلى الجانب التركي. وأشار إلى أن الجانبين يعملان الآن على تنفيذ بنود العقد، ولكن كل ما يتعلق بتسليم التكنولوجيا والتصميم والإنتاج، يتطلب مفاوضات خاصة بين الجانبين. وذهب المسؤول الروسي إلى أن تركيا يجب أن تنتظر دورها أيضًا، مؤكدًا على أن الجانب الروسي ملتزم بتزويد الصين بهذه الصواريخ أولا، لأن بكين سبقت في التعاقد مع موسكو عليها، مشددا على أهمية "الحفاظ على الطابور"، ومؤكدا من جديد على أن "الصفقة تقتصر فقط على تزويد تركيا بالصواريخ، وأن أنقرة قد سلمت الجانب الروسي دفعة أولى على الحساب في إطار الصفقة، والعمل جار على إتمامها". أما الكرملين فقد أكد على أن المفاوضات بين روسياوتركيا مستمرة بشأن تفاصيل توريد منظومات "إس – 400". وفي ما يتعلق بإمكانية انسحاب تركيا من هذه الصفقة إذا لم يتحقق الاتفاق على إنتاجها المشترك، قال الناطق الرسمي باسم الكرملين دميتري بيسكوف "أستطيع أن أقول إن الاتصالات والمفاوضات على مستوى الخبراء في سياق هذه الصفقة مستمرة".
وكان وزير الخارجية التركي مولود شاويش أوغلو قد أعلن أن أنقرة قد تتخلى عن شراء أنظمة صواريخ "إس 400" الروسية، إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن إنتاجها المشترك. وقال: إننا "لم نتلق أي رفض رسمي حول هذا الموضوع، ولكن الرئيس بوتين نفسه قال لنا إننا نستطيع اتخاذ خطوات للإنتاج المشترك. وإن التكنولوجيا ذات الصلة ستكون متاحة لنا، ولكن إذا اتخذت روسيا من هذا الأمر موقفا سلبيا، فعندها يمكننا التوصل إلى اتفاق مع أي دولة أخرى". وعاد الوزير التركي ليضفي على تلك الصفقة بعض العناصر السياسية، بقوله: "نحن نطلب شراء المنظومات الصاروخية الروسية على وجه السرعة، لأننا بحاجة إليها. فنحن نحتاج لحماية مجالنا الجوي. وإذا كانت الدول التي تعارض شراء تركيا لهذه المنظومات من روسيا، لا تريد أن نشتري إس 400 من موسكو، فيجب عليها أن توفر لنا الخيار البديل".
وفي نفس السياق، أشارت تقارير روسية إلى أن أنقرة تريد الحصول على تكنولوجيا إنتاج منظومات "إس-400"، ولكن موسكو لا تستعجل الأمور، لأنها ترى في تصريحات أنقرة "عناصر لعبة سياسية"، ورغبة في الرد على الولاياتالمتحدة، التي وافقت على بيع منظومات "ثاد" الصاروخية إلى المملكة السعودية فور الإعلان عن اتفاق روسيا والمملكة على صفقة بشأن منظومات "إس-400" الروسية. وأوضحت التقارير بأن روسياوتركيا وقعتا، في شهر سبتمبر الماضي، عقدا لتوريد 4 كتائب من منظومة "إس-400" بقيمة 2 مليار دولار. وتم التوصل إلى هذه الصفقة في فترة زمنية قصيرة استنادا إلى اتفاق الرئيسين بوتين وأردوغان، وتسلمت موسكو من أنقرة – حسب تصريحات روسية – حوالي 100 مليون دولار كدفعة أولى على أن يبدأ التوريد بعد عامين. وقد أكد المشتركون في هذه الصفقة على انها ذات "صبغة سياسية". وأضافت التقارير بأن العسكريين الأتراك اعتقدوا أنهم سيحصلون، اضافة إلى المنظومات الصاروخية، على تكنولوجيا صناعتها في تركيا، غير أن المفاوضين الروس، بغض النظر عن الموقف المتشدد للجانب التركي، تمكنوا من توقيع اتفاق لا يتضمن أي بند حول نقل التكنولوجيا. وأكد مسؤولون روس أن تركيا ستتسلم منظومات جاهزة فقط. وقال المدير العام لمؤسسة "روس تيخ" سيرجي تشيميزوف: إن "الحديث يدور عن تكنولوجيا جدية، لا يمكن أخذها هكذا ببساطة أو بناء مصنع لإنتاج هذه المنظومات، لأن هذا يحتاج إلى كوادر ذوي مهارة عالية ومدرسة تكنولوجيا، ولتحقيق ذلك يحتاج الأمر إلى عشرات السنين". وعلى الرغم من امتناع مؤسسة "روس أبورون إكسبورت" و"الهيئة الفيدرالية للتعاون العسكري–التقني عن التعليق رسميا على تصريحات الوزير التركي، فإن مصدرا في الهيئة الفيدرالية للتعاون العسكري – التقني رأى في تصريحات المسؤول التركي وجود "عناصر لعبة سياسية". و قال نفس المصدر لصحيفة "كوميرسانت" الروسية: "نحن وقعنا صفقة جدية، تتضمن جميع التفاصيل القانونية الدقيقة والتزامات كل طرف، ولذا، فليس من السهل الانسحاب منها بهذه البساطة". وأعرب المصدر عن اعتقاده بأن تهديدات الجانب التركي بإلغاء الصفقة مع موسكو، جاء على خلفية الاتفاق على توريد منظومات روسية مشابهة إلى السعودية، وقرار الولاياتالمتحدة الفوري توريد منظومات صواريخ "ثاد" الأمريكية إلى المملكة بموجب صفقة قيمتها 15 مليار دولار".