رغم بلوغه الرابعة والأربعين، فإن شغف « عصام الحضري » بالاستمرار في خوض غمار المستديرة الساحرة لم يخفّ، وها هو الحارس المخضرم يتطلّع لدخول التاريخ الكروي من بابه الواسع مع المنتخب الوطني الذي يقترب أكثر فأكثر من ضمان التأهل إلى كأس العالم للمرة الأولى منذ حوالي ثلاثة عقود. يتصدر الفراعنة ترتيب المجموعة الخامسة في التصفيات الإفريقية المؤهلة لروسيا 2018 برصيد تسع نقاط من أربع مباريات، وإذا تمكّنوا من إيقاع الهزيمة بمنتخب الكونغو على أرضهم وفشل أوغندا، الثانية بالترتيب، في تجاوز غانا في أكتوبر، سيتمكّن المصريون من حجز بطاقة العبور لكأس العالم للمرة الأولى منذ سنة 1990، وبغض النظر عن نتيجة مباراتهم الأخيرة. وفي قلب الاستعدادات المصرية لكسر سنوات من الانتظار هناك اسم راسخ في التاريخ الكروي الحديث لبلاد النيل، وهو الحارس المخضرم وعملاق التصدي للكرات الثابتة، عصام الحضري، الذي خاض مسيرة كروية حافلة وممتدة لسنوات طويلة، ولكنه لا يزال متعطشا للمزيد من النجاحات، حيث يداعب خياله حاليا الظهور في كأس العالم. وفي مقابلة حصرية أجراها الحضري مع موقع الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، اليوم الإثنين، قال: "على مدى مسيرتي الكروية، قمتُ بكل شيء تقريبا. فزتُ بإجمالي 37 لقبا، وعشتُ لحظات لا تُنسى، كفوزنا على إيطاليا في كأس القارات 2009، الأمر الوحيد الذي فاتني حتى الآن هو الظهور في كأس العالم". وأردف قائلا: "لطالما كنتُ حازما ومثابرا من أجل الاستمرار في اللعب، هذا جزء من شخصيتي خلال سنوات لعبي مع النادي الأهلي، قال لي أحمد ناجي (مدرب حرّاس المنتخب الوطني) إنني لن أتوقف عن اللعب حتى أتجاوز الخمسين من العمر، كون الفرصة لا تزال متاحة أمامي لخوض كأس العالم إنما هو أمر يجعلني أكثر حماسا على الاستمرار في اللعب لتحقيق هذا الحلم". في حال تأهل الفراعنة إلى كأس العالم، سيكون الحضري أكبر لاعب على الإطلاق يشارك في هذا العرس الكروي العالمي، وقال في هذا الصدد: "الهدف الأساسي هو مساعدة مصر في بلوغ كأس العالم، الأمر الأكثر أهمية هو تحقيق الهدف الأول، أي إيصال المنتخب إلى نهائيات روسيا، المجد الشخصي يأتي لاحقا عندما نحقق الهدف الأكبر، لم أكن الخيار الأول لحراسة المرمى في كأس الأمم الإفريقية، ولكني وجدت نفسي أواجه منتخب مالي في المباراة الأولى". وأردف عصام الحضري "في عالم كرة القدم، لا يجب على المرء أبدا أن يعتمد على الحسابات من أجل التأهل، الأمر يعتمد بشكل كلي على مدى العزيمة والمثابرة والطموح". وتابع حديثه بالقول "إني مؤمن بأن الكتيبة الحالية من اللاعبين تملك كل هذه الصفات، بوسعنا إتمام المهمة خلال 90 أو 180 دقيقة، ولكننا نركز حاليا في كل مباراة على حدة، ونحن نركّز حاليا على إيقاع الهزيمة بمنتخب الكونغو، فيهيمن على تفكيرنا مصر وهدف (بلوغ) كأس العالم، حتى أثناء تناولنا الطعام وخلال النوم". الحضري الذي وصفه نجم كوت ديفوار ونادي تشيلسي ديدييه دروجبا بأنه "خصمه المفضّل"، اتجه إلى نسخة هذا العام من كأس الأمم الإفريقية كخيار ثالث لمصر في حراسة المرمى، إلا أنه سرعان ما وجد نفسه في خضم المنافسات في مباراة مرحلة المجموعات الأولى أمام مالي عندما وجب استبدال حارس الزمالك أحمد الشناوي بداعي الإصابة، بينما لم يكن الحارس البديل، شريف إكرامي، بكامل لياقته. وخاض الحضري بطولة مشرّفة، وأسهم في وصول مصر إلى المباراة النهائية للمرة الأولى منذ أن رفع كأس البطولة للمرة السابعة في إنجاز استثنائي سنة 2010، بينما كسر الحضري نفسه عدة أرقام قياسية شخصية. فبالنسبة إلى الحارس الذي تألق في التصدي لركلات الترجيح في نصف النهائي أمام بوركينا فاسو، اكتسب إشادة استثنائية بالنظر إلى أنه أصبح اللاعب الأكبر في العمر بتاريخ كأس الأمم الإفريقية عندما خاض اللقاء أمام مالي وكسر فيه الرقم المسجل باسم زميله السابق حسام حسن أفضل هداف في تاريخ المنتخب المصري الذي كان يبلغ التاسعة والثلاثين عندما شارك في نسخة البطولة سنة 2006 على التراب الوطني. كما يشهد له أنه خاض 10 ساعات و53 دقيقة دون أن يدخل مرماه أي هدف في البطولة، قبل أن تهتز شباكه أخيرا بقدم لاعب بوركينا فاسو أرستيد بانسي، في نصف نهائي نسخة 2017.