مجموعة من اللوغاريتمات تفرض نفسها على الحياة السياسية بعد الثورة، وهى لوغاريتمات أكثر غموضا من لوغاريتمات ما قبل الثورة. كان من المفترض أن تكون الحياة أكثر نضجا، وأكثر شفافية وأقل ضبابية، لكن الذين تسلموا السلطة وأداروا البلاد جعلوها لوغاريتمات. ولنبدأ بلوغاريتم الحكومة، حيث من المفترض أن يكون «تشكيل» عصام شرف الجديد قد انتهى وأدى اليمين، لكن يظل لوغاريتمات الاختيار. فلماذا الإصرار على د.على السلمى، وهو الرجل الذى كان ضد الثورة ولا يحبذ ربط الثورة بالديمقراطية (هكذا قال بوضوح فى حوار صحفى)؟، فيأتى الآن نائبا لرئيس الوزراء المسؤول عن التنمية السياسية والحوار الديمقراطى! وهو فى الوقت نفسه صاحب مدارس خاصة لها تعامل مباشر مع الحكومة، وهو ما يخالف القانون والإعلان الدستورى، ويستولى هو ومجموعة من شلته على أرض جامعة النهضة -التى يرأسها- فى بنى سويف. فوجود على السلمى فى حكومة الثورة مسؤولا عن الحوار الديمقراطى خلفا للدكتور يحيى الجمل «أسوأ خلف لأسوأ سلف».. وبالمناسبة يحيى الجمل هو الذى عينه فى المجلس القومى لحقوق الإنسان مع الفنان محمد صبحى، الذى كان يطالب الشباب فى أثناء الثورة بالالتزام بالشرعية، وحازم منير الذى كان يهاجم الثورة ويوم موقعة الجمل كان فى ميدان مصطفى محمود، مندوبا عن أنس الفقى.. لوغاريتم كبير. فمن يقف وراء على السلمى من المجلس العسكرى أو من الجهات الأمنية التى وضح الآن أنها لا تزال تتحكم على طريقة نظام الرئيس المخلوع؟! والدليل على ذلك لوغاريتم إبعاد د.حازم عبد العظيم من منصب وزير الاتصالات بعد أن كان على وشك أداء اليمين. إنها أجهزة معادية للثورة والثوار.. وبالطبع هى أجهزة أمنية لا تزال تلفق وتكذب وتمرر تلفيقها إلى أتباعها.. فكيف يأتى إلى وزارة الاتصالات شاب من الثورة شارك فيها وانتقد النظام السابق ويدعو إلى الدخول إلى مصر الجديدة ويناصر مرشحا رئاسيا معينا؟! وما أدراكم ما وزارة الاتصالات؟! هى التى تتحكم مع الأجهزة الأمنية فى جميع الاتصالات، كما حدث فى يوم 28 يناير، عندما تم اختطاف مصر على يد النظام السابق وأجهزته القمعية، بعد قطع خدمات المحمول والإنترنت، لقطع أى اتصالات بين المتظاهرين بعضهم البعض وذويهم، وهو ما زاد من عزيمة الرجال فخرجت مصر كلها فى هذا اليوم لتنهار الأجهزة القمعية، ولم تجد حلا سوى فتح السجون وإطلاق مسجلى الخطر والبلطجية، وبث ذلك بتوسع عبر الإعلام الحكومى والخاص، الذى كان لا يزال تحت السيطرة، لترويع المواطنين. الغريب أن من روجوا للتلفيق الأمنى -سبق لهم أن فعلوا ذلك فى مواقف كثيرة قبل الثورة.. ومعروف عنهم صلتهم القوية بجهاز أمن الدولة- بأن حازم عبد العظيم مشارك فى شركة لها علاقات مع إسرائيل، وأنه التقى شخصيات إسرائيلية -رغم نفيه ذلك وتأكيده أنه ليست له علاقة بإدارة الشركة- هم أنفسهم لهم علاقات بإسرائيليين، والتقوا كثيرا منهم، سواء فى الداخل أو الخارج، وينامون فى أحضانهم أحيانا، ويدافعون عن ذلك ببجاحة تحت وهم ما يسمونه هم «المهنية»! إنه لوغاريتم.. .. أن يتم استبعاد د.حازم عبد العظيم بتقارير أمنية مشبوهة، وأن يبقى على السلمى، الرجل الذى تلون بعد أن أصبح فى دائرة الضوء، بعد أن كان ظلا للسيد البدوى، الرجل الذى يقضى على تاريخ حزب الوفد.. لوغاريتم آخر. .. الإصرار على أن ينظر المستشار عادل عبد السلام جمعة قضايا قتل المتظاهرين، وتحال إليه أيضا قضية موقعة الجمل، المتهم فيها قيادات الحزب الوطنى المنحل، بعد كل ما قيل عن الرجل وأصبحت سمعته على كل لسان، وما لذلك من تأثير على القضاء كله.. لوغاريتم آخر. حتى القضاء -وقد كان الثوار يستبشرون خيرا بتولى المستشار حسام الغريانى أهم منصب قضائى- لا يزال لوغاريتما فى عهد الثورة، بعد أن اعتقد الناس أنه سيتم حل هذا اللوغاريتم بعد إسقاط مبارك وأعوانه. ويبقى اللوغاريتم الكبير.. وهو قانون مجلسى الشعب والشورى، ما بين النسبية والفردية.. والإصرار على نسبة 50٪ عمالا وفلاحين، وتغيير طبيعة الدوائر الفردية، والإصرار على الإبقاء على مجلس شورى التعيين -كنت أسميه بذلك فى عهد مبارك. فمن يضع هذه اللوغاريتمات؟! ومن المستفيد منها؟! .. وهناك الكثير من اللوغاريتمات الأخرى. يا جماعة نحن فى ثورة.. ولسنا فى حاجة إلى لوغاريتمات.