بعد أن أنهى زعيم المعارضة الإيرانية مهدى كروبي، إضرابه عن الطعام، في ظل الإقامة الجبرية التي فرضت عليه لنحو 6 سنوات، بدأت القوات الأمنية بالانسحاب من أمام منزله في مسعى لإعادة محاكمته مجددًا نظرًا للضغوط الدولية التي تمارس ضد النظام الحاكم. وكان المعارض الإيراني طالب بسحب الحراسة الأمنية ورجال المخابرات والكاميرات الأمنية التي تم تركيبها مؤخرًا داخل منزلهم، وأن تتم محاكمته علنيًا. من هو مهدي كروبي؟ هو أحد قادة "اليسار الإسلامي" وحركة "الإصلاحيين" في إيران، الذي نضج سياسيا مع قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، إذ كان عمره في حينها 42 عاما وكان من رجالها البارزين الذين رافقوا قائدها آية الله الخميني. ويعد كروبي من قادة اليسار الإسلامي بصورة خاصة ومن المحسوبين على التيار الإصلاحي عمومًا، وكان عضوًا مؤسسًا في تجمع العلماء المجاهدين إلى أن انفصل وشكل حزبه الخاص. انتخب فيما بعد كنائب في مجلس الشورى الإسلامي عن مسقط رأسه أليغودرز في غربي إيران، وأسس مؤسسة شهداء الثورة الإسلامية واستمر رئيسًا لها حتى سنة 1998م، إضافة لكونه ضمن اللجنة التي اختارها الخميني لإعادة النظر في الدستور سنة 1989م، وترأس البرلمان من 1989م إلى 1992م ثم من 2000م إلى 2004م. وترشح "كروبي" في انتخابات الرئاسة الإيرانية، الذي فاز بها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، وحصل على أقل نسبة أصوات، وكان ينافس بها أيضًا الزعيم الإصلاحي مير حسين موسوي. واندلعت على إثر هذه الانتخابات الاحتجاجات الأعنف والأكثر دموية منذ قيام الثورة الإسلامية، بعدما أعلن مير حسين موسوي نفسه الفائز بالانتخابات قبل إعلان نتيجتها من قبل الجهات الحكومية وأنه تم تزوير كثيف للنتائج. وشارك الآلاف من مناصري موسوي في المظاهرات، وتم اعتقال العديد من الزعماء الإصلاحيين، من بينهم مهدي كروبي، وأعلنت إذاعة إيرانية رسمية مقتل 7 مدنيين في طهران فقط. وظلت الاحتجاجات تتكرر على مدى عدة أشهر، بدعوة من موسوي وكروبي، وفي ديسمبر 2009 أعلن موقع "سهامنيوز" أنه تعرض لاعتداء لدى خروجه من مسجد في شرق طهران، وأدت المسيرات الاحتجاجية التي شهدتها شوارع طهران إلى مقتل ثمانية أشخاص وجرح العديد واعتقال شخصيات من المعارضة. وظل المعارض الإيراني مصدر إزعاج للحكومة والرئاسة في طهران باعتباره شخصية معارضة مؤثرة، فكان كثيرًا ما يتحدث عن انتهاكات جسيمة في حق المعتقلين. ففي أغسطس 2009 قال "كروبي": إن "بعض من اعتقلوا بعد الانتخابات الرئاسية في يونيو عذبوا حتى الموت"، مضيفًا "نلاحظ أنه في بلد إسلامي يتعرض بعض الشبان للضرب حتى الموت لمجرد ترديد شعارات في الاحتجاجات بعد الانتخابات|. وأكد على أن بعض المتظاهرين من الرجال والنساء أغتصبوا اثناء احتجازهم، وهي المزاعم التي نفتها السلطات الإيرانية، واصفة إياها بأنها "لا أساس لها". ودعا "كروبي" إلى تشكيل لجنة مستقلة لتقصي الحقائق للنظر بأدلته في أجواء من الهدوء يمكن فيها لأقارب المعتقلين وللمحتجين الذين أفرج عنهم الإدلاء بأقوالهم. وتزايدت الأصوات المطالبة بمعاقبة كروبي لدوره في الاحتجاجات، إذ دعا قائد الحرس الثوري الإيراني إلى "محاكمة ومعاقبة" الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي ومير حسين موسوي ومهدي كروبي، لدورهم في الاحتجاجات التالية للانتخابات الرئاسية في 12 يونيو. وقال يد الله جاواني قائد الحرس "ما كان دور خاتمي، موسوي، وكروبي في هذا الانقلاب؟ - إن كانوا المحرضين عليه، وهذا هو الواقع، فعلى مسؤولي القضاء والأمن توقيفهم، محاكمتهم، ومعاقبتهم لإخماد نيران هذه المؤامرة. وبالتزامن مع قيام ثورات الربيع العربي في مصر وتونس، دعا "كروبي" إلى تنظيم تظاهرات مؤيدة للانتفاضات العربية، وبالفعل خرج الآلاف من المتظاهرين إلى وسط طهران، و تحولت بعد ذلك إلى تظاهرات ضد الحكومة. وتوعد الرئيس الإيراني حينها محمود أحمدي نجاد المعارضة الإيرانية بقيادة مير حسين موسوي ومهدي كروبي، مؤكدًا أن مصير هذه المظاهرات هو الفشل. وعلى إثر ذلك تم وضع "كروبي" تحت الإقامة الجبرية في فبراير 2011، من دون محاكمة أو توجيه أية اتهامات رسمية له.