منذ اللحظة الأولى للأزمة القطرية مع الدول العربية، سارعت تركيا إلى إعلان تضامنها الكامل وكأنها هي المتضرر من المقاطعة، وبدأت في اتخاذ خطوات من شأنها إشعال المنطقة العربية، وذلك عبر إرسال قواتها العسكرية إلى قاعدتها في الدوحة، الأمر الذي أثار تساؤلات عديدة حول مهام تلك القوات، والدافع وراء إقحامها في الأزمة. لكن يبدو أن الدوحة تسعى بتلك الخطوة إلى الاستقواء بالخارج، إلا أن وزارة الدفاع القطرية أكدت، أن القوات التركية دخلت من أجل مهام تدريبية. قوات تعزيزية ما يثير القلق هو مواصلة أنقرة في إرسال دفعات تعزيزية للانضمام إلى القوات التركية المتواجدة حاليًا بالدوحة "معسكر كتيبة طارق بن زياد الآلية"، لتبدأ مهامها التدريبية ضمن التعاون العسكري المشترك. وزارة الدفاع القطرية، أكدت أن التدريبات مستمرة في القاعدة منذ 19 يونيو الماضي، وأن استمرارية نشر القوات التركية في القاعدة يأتي بموجب اتفاق وقعه البلدان في 2014، بهدف رفع القدرات الدفاعية لدى الجانبين من خلال التمارين المشتركة ودعم جهود محاربة الإرهاب، وحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة". إلا أن تلك الخطوة لم تلق قبولًا لدى الدول المقاطعة، وسارعوا بتوجيه طلب مباشر للدوحة بضرورة إغلاق القاعدة التركية في الدوحة، حفاظًا على استقرار المنطقة من اندلاع مواجهات عسكرية. وكانت قد وصلت الدفعة الأولى في 19 يونيو من الشهر الماضي، تلاها الدفعة الثانية إلى قاعدة العديد الجوية، في 22 يونيو، ثم في 29 يونيو وصلت الدفعة الثالثة، بينما وصلت الدفعة الرابعة مطلع هذا الشهر الجاري. تأمين حكم تميم اللواء عبد المنعم كاطو، المستشار السابق لإدارة الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة، والخبير العسكري، أكد ل"التحرير" أن اتصال المتآمرين "تركياوقطر" في سلة واحدة لدعم الإرهاب، يهدف إلى تشكيل جبهة موحدة لمواجهة الزلزال الذي وقع في الدوحة، وتأمين النظام الحاكم. وأشار "كاطو" إلى أن تركيا تبحث عن ملاذ لها في الخليج، وذلك عبر توطيد أواصر التعاون المشترك على المستوى الاقتصادي والعسكري. في ذات السياق، كشفت مصادر خليجية في تصريحات صحفية، عن عزم قطر دفع نحو 8 مليارات دولار لتركيا مقابل مساعدتها فى حماية تميم. تحالفات مزدوجة أما الدكتور بشير عبدالفتاح، الخبير بالشأن التركي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، قال في تصريحات صحفية: إن "عدد القوات التركية في قاعدتها العسكرية بقطر لا يمكن أن يزيد عن 3 آلاف جندي، لأن البرلمان التركي لن يوافق، والإمكانات التركية العسكرية لن تفي بذلك". وأوضح أن التواجد العسكري التركي في قطر لا يسبب أي خلل في أمن الخليج، كما أن الحل العسكري للأزمة غير مطروح، فالاحتكاك العسكري بين دول الخليج مستحيل، كما أن تركيا تحاول إظهار تضامنها مع قطر في هذه الظروف وشد من أزرها، فضلًا عن سد الباب أمام إيران حتى لا تجد لنفسها قدمًا في قطر، وهو ما يسبب في مصلحة السعودية والخليج. وأكد الخبير الاستراتيجي أن مساندة أنقرة للدوحة لن يعفي تركيا من المساءلة إذا ثبت تورطها في دعم الإرهاب، ولكن كل ما في الأمر أن تركيا تدرك أن الأزمة القطرية ستنتهي قريبًا وتريد أن تكسب حليفًا. وكانت قد طلبت السعودية والإمارات والبحرين ومصر إغلاق القاعدة التركية في الدوحة، ضمن قائمة مطالب أرسلتها الدول الداعية لمكافحة الإرهاب إلى قطر، لكن الأخيرة لم تهتم، وفضلت الاستمرار في التجاهل. ويأتي موقف الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب، بعد أدلة تثبت تورط الدوحة في دعم جماعات متطرفة وإيواء قياديين بها، فضلا عن مساع قطرية لزعزعة الاستقرار في المنطقة.