بالتزامن مع إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسي «انتهاء موضوع التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير» خلال حفل إفطار الأسرة المصرية مساء أمس الثلاثاء، طلبت هيئة قضايا الدولة، التي تنوب عن الحكومة في القضايا، من رئيس المحكمة الدستورية العليا وقف تنفيذ الحكمين المتناقضين في قضية تيران وصنافير، تنفيذًا للمادة 32 من قانون المحكمة. وتعطي هذه المادة رئيس المحكمة الدستورية العليا الحق في وقف تنفيذ حكمين متناقضين في أي قضية أو أحداهما حتى الفصل تمامًا في النزاع القائم. وكانت أحكام القضاء تناقضت حول قضية «تيران وصنافير»، فأبطل حكمي القضاء الإداري والمحكمة الإدارية العليا الاتفاقية، وأيدا أحقية مصر بالجزيرتين، بينما قضت محكمة الأمور المستعجلة بوقف حكم بطلان الاتفاقية، بما يعني استمرارها. وتنفيذًا لطلب هيئة قضايا الدولة، أوقفت المحكمة الدستورية العليا صباح اليوم الحكمين المتناقضين في القضية تحت مسمى «أمر وقتي»، ويأتي هذا بعد أسبوع واحد من إقرار البرلمان المصري للإتفاقية، التي تنتظر تصديق رئيس الجمهورية . لكن كيف يؤثر هذا الحكم، الذي أشاد به رئيس مجلس النواب في جلسة اليوم، على سير القضية؟ قال المحامي خالد علي، المدافع عن «مصرية الجزيرتين»، على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إنه تقابل مع أحد المستشارين بالمحكمة الدستورية بمكتبه اليوم عقب الحكم، وذكر الأخير له أنه علم بالقرار من الصحف مثله، لأن الملف لم يعرض على المحكمة، لكن تم عرضه على رئيس المحكمة منفرداً وبدون جلسة ليقرر به ما يشاءه. وعليه، قال علي إن نص المادة ٣٢ من قانون المحكمة الدستورية إن كان يتيح لرئيس المحكمة إصدار القرار، ولكنه لا يتيح إهدار حقوق الدفاع، وهو ما حدث في هذه القضية، فلم يستمع رئيس المحكمة للدفاع، ولم يعطيه مهلة ال15 يوما لتقديم مذكرته إعمالا بنص المادة 37 من قانون المحكمة الدستورية العليا. خطورة على الجزيرتين يرى علي أن الحكم استند على تقرير المفوضين بزعم توافر حالة الاستعجال اللازمة لوقف تنفيذ الحكم، مع أن حالة الاستعجال ترتبط بضرورة وجود مخاطر يتعذر تداركها تستدعى من المحكمة وقف تنفيذ الحكم، وهذا لم يتوافر في هذه القضية، فالخطر الذى لا يمكن تدراكه هو إيقاف تنفيذ أحكام مجلس الدولة (التي أبطلت الاتفاقية) لأنه يترتب عليه تسليم الجزر بإنزال العلم المصرى ورفع العلم السعودي عليهما. وقال إن هذا الأمر بوقف التنفيذ، وإن كان أمر وقتي، لكنه يصيب الجزر بخطر داهم ويفتح الباب لتصديق رئيس الجمهورية على الاتفاقية ونشرها بالجريدة الرسمية دون أي معوق قانوني أو دستوري، ومن ثم البدء في أعمال تسليم الجزر، وإنزال العلم المصري من عليها. فيما وصف المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، جميع الأحكام القضائية التي صدرت بما فيها حكم المحكمة الدستورية اليوم بأنها «معدومة ولا أهمية لها». وأرجع ذلك في تصريح ل«التحرير» إلى أن الاتفاقية من أعمال السيادة، وبالتالي لا يختص القضاء بمناقشتها، وتعتبر جميع الأحكام المؤيدة والمعارضة «باطلة»، فهى مستمرة ونافذة بمجرد تصديق رئيس الجمهورية عليها. وكانت المحكمة الدستورية ذكرت في بيان لها بشأن حكم اليوم أن «أمر وقف تنفيذ الحكمين صدر بناء على تقرير هيئة مفوضي المحكمة الذي أوصى بعدم الاعتداد بالحكمين المتناقضين، لمخالفتهما قواعد الاختصاص الولائي، حيث تصدى القضاء الإداري لنظر صحة توقيع ممثل الدولة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود رغم أن التوقيع على المعاهدات الدولية من أعمال السيادة الخارجة عن رقابة القضاء، وفي المقابل جاء في حكم القضاء المستعجل بعدم الاعتداد بحكم القضاء الإداري، وهو أمر محظور دستوريًا».