وصف نائب وزير الخارجية، مبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط، ميخائيب بوجدانوف اتهامات عضو وفد الهيئة العليا للمعارضة السورية في مفاوضات جنيف 4 لروسيا بأنها "هراء مطلق". وقال محمد علوش، رئيس الجناح السياسي لتنظيم "جيش الإسلام" والذي يشارك في مفاوضات جنيف 4 ضمن وفد الهيئة العليا المنبثقة عن منصة الرياض، إن عدم وفاء روسيا بشكل كامل بتعهداتها، التي قطعتها على نفسها في أستانا، يؤثر سلبا على مصداقية موسكو كضامن للهدنة في سوريا. من جهة أخرى، كشف بوجدانوف، ولأول مرة، عن أن موسكو تبحث يوميا مع نظام دمشق قضايا ذات طابع سري، بما في ذلك إنشاء مناطق آمنة. ورأى مراقبون أن موسكو كانت ترفض حتى وقت قريب إقامة مناطق آمنة في سوريا إلى أن تمكنت من التنسيق مع أنقرة في ظل خلافات الأخيرة مع واشنطن وبروكسل من جهة، والأوضاع الهشة لنظام رجب طيب أردوغان في الداخل التركي من جهة أخري. ثم انتقلت إلى فكرة الموافقة على "المناطق الآمنة" في سوريا، ولكن بشرط التنسيق مع نظام الأسد الذي استفاد من الغطاء الروسي لتثبيت أقدامه والبقاء في السلطة، على الأقل إلى الآن. وبعد أن وضعت روسيا جميع الأطراف أمام الأمر الواقع في حلب، وفي سوريا كلها، انتقلت إلى التنسيق مع نظام دمشق لإقامة "مناطق آمنة" على الطريقة الروسية. ويرى خبراء أنه قد تتم إقامة مناطق آمنة يسيطر عليها الطيران الروسي وقوات الأسد في حال قامت الولاياتالمتحدة وتركيا بإقامة مناطق آمنة يسيطر عليها طيران التحالف الدولي بقيادة واشنطن مع قوات المعارضة السورية، وهو ما يمكنه أن يؤدي إلى احتكاكات مباشرة بين الجانبين. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد استبق ذلك، معلنا بأن "المفاوضات السورية في أستانا وضعت أساسا للحوار في جنيف وسمحت بإنشاء آلية للرقابة على نظام وقف إطلاق النار". وتناول المراقبون هذا التصريح إلى جانب تصريحات رئيس الوفد الروسي إلى مباحثات أستانا، مبعوث الرئيس بوتين إلى سوريا، ألكسندر لافرينتيف، بأن صيغة أستانا قد تتناول الأمور السياسية أيضا. ورأوا أن موسكو تسعى لوضع أستانا بديلا لجنيف في حال ما لم تتحقق سيناريوهاتها، خاصة في ما يتعلق بإصرارها على بقاء الأسد وفرض الدستور الروسي على سوريا. كل ذلك على خلفية المسارات المتعثرة لمباحثات جنيف 4 والتي ترواح مكانها لليوم الرابع علي التوالي، في ظل تعنت ممثلي النظام السوري من جهة، وإصرار المعارضة على عملية الانتقال السياسي بدون بشار الأسد من جهة أخرى، غير أن مراقبين ألمحوا إلى أن روسيا لا ترغب بإنجاح جنيف 4، بسبب عدم ثقتها باختراق سياسي لمواقف المعارضة، وبأملها بأن تصبح صيغة أستانا بديلة لجنيف. وتركز مفاوضات جنيف الحالية، التي استؤنفت بعد انقطاع دام حوالي عام كامل، على مناقشة ثلاثة مواضيع، وهي تشكيل هيئة حكم انتقالي في سوريا، وبحث الدستور الذي وضعته روسيالسوريا، وإمكانية إجراء انتخابات بدون مشاركة بشار الأسد، ولكن مصادر قريبة من المباحثات ألمحت أكثر من مرة أن ما يجري في أروقة جنيف لا يروق لا لروسيا ولا لنظان الأسد في دمشق. ما جعل ممثلي النظام السوري في المباحثات يروِّجون لفشل هذه الجولة وعدم خروجها بنتائج ملموسة.