الرئيس السيسي يؤدي صلاة عيد الأضحى بالعاصمة الإدارية    رسميا بعد الانخفاض.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري الجمعة في أول أيام عيد الأضحى المبارك    سعر طن الحديد والاسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 6 يونيو 2025    محافظ سوهاج يتفقد الحدائق العامة والمتنزهات استعدادًا لعيد الأضحى    محافظ قنا يستقبل ممثلي الأحزاب ونواب البرلمان للتهنئة بعيد الأضحى    عاجل.. "الشهر العقاري" تواصل تقديم خدماتها خلال إجازة عيد الأضحى    الحوثي تعلن استهداف مطار بن جوريون بصاروخ باليستي ردًا على استهداف بيروت وتجويع غزة    ماسك ينفي على الفور ادعاءات ترامب بشأن علمه بتفاصيل الميزانية    إسرائيل تطمئن إدارة ترامب: لن نضرب إيران دون تنسيق مسبق    تجمع إسرائيلى يدعو للتظاهر أول أيام عيد الأضحى دعمًا لغزة    نواف سلام: على المجتمع الدولى إلزام إسرائيل بالانسحاب من لبنان    في وداع مؤثر بعد تتويج الزمالك.. شيكابالا يترك كأس مصر لعبد الشافي    الرمادي: التتويج بكأس مصر مع الزمالك هي اللحظات الأفضل في حياتي    إسبانيا ضد البرتغال.. موعد نهائي دوري الأمم الأوروبية 2025    حارس الزمالك: المباراة كانت صعبة ولكننا كنا نثق في أنفسنا    مرتجي يطمئن على ترتيبات بعثة الأهلي في أمريكا    وزير السياحة يتفقد مخيمات الحجاج فى عرفات ويشيد بالتنظيم    تحذير شديد بشأن حالة الطقس أول أيام عيد الأضحى 2025 : «انخفاض الرؤية على الطرق»    موعد إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 في محافظة الأقصر    جريمة قتل في القناطر بسبب سب الدين    3 مصابات في حريق محول كهرباء في بحري بالإسكندرية    محافظ الأقصر يتفقد ساحة أبو الحجاج قبيل صلاة العيد للاطمئنان على جاهزيتها    بيتسابقوا بالموتوسيكلات.. مصرع شخصين إثر حادث تصادم بكفر الشيخ    سالى شاهين: مجال ملكات الجمال مش شبهى ولا شخصيتى    أجمل رسائل تهنئة عيد الأضحى المبارك 2025 مكتوبة بالصور    كيرلي وقصات شعر جديدة.. زحام شديدة داخل صالونات الحلاقة في ليلة العيد    بعد طرحها.. "سوء اختيار" ل مسلم تتصدر تريند " يوتيوب" في مصر والسعودية    المايسترو تامر غنيم مديرًا للدورة 33 من مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية 2025    أشرف عباس يكتب: من الميكروفون إلى المائدة.. من أسكت صوت مصر؟    وفاة الإذاعية القديرة هدى العجيمي صاحبة برنامج «مع الآباء الشبان»    «إزاي تصلي عيد الأضحى؟».. عدد التكبيرات وكيفية أدائها وموعدها في محافظات مصر    ما هي سُنة الإفطار يوم عيد الأضحى المبارك؟    سُنن الخروج لصلاة العيد.. احتفالات واتباع للسنة النبوية    خطوات عمل باديكير منزلي لتحصلي على قدمين جميلتين في عيد الأضحى    الإمام الأكبر يهنئ الرئيس السيسي وقادة العالم الإسلامي بعيد الأضحى المبارك    السيسي يؤدي صلاة عيد الأضحى اليوم في مسجد مصر بالعاصمة الجديدة    حماس: لم نرفض مقترح ويتكوف ومستعدون للانخراط في محادثات جديدة لإنهاء الحرب    بسبب إسرائيل.. الولايات المتحدة تفرض عقوبات على 4 قضاة بالجنائية الدولية    فرحة جنونية للاعبي الزمالك بعد التتويج بكأس مصر (صور)    رحيل الإذاعية الكبيرة هدى العجيمي إثر إجرائها عملية جراحية    محمد عبد الشافي يعتزل كرة القدم بعمر ال 39    6.19 دقيقة بالقاهرة.. مواقيت صلاة عيد الأضحى 2025 في محافظات الجمهورية    في معركة ال 9 أهداف.. إسبانيا تنتصر على فرنسا وتتأهل لنهائي دوري الأمم الأوروبية    الري: خطة طوارئ شاملة لمواجهة فترة أقصى الاحتياجات المائية بعيد الأضحى    رئيس هيئة الرعاية الصحية يلتقي محافظ بورسعيد ويبحثان سبل تطوير الخدمات الصحية    أمين الفتوى بقناة الناس: صلاة العيد سنة مؤكدة    قطر تهزم إيران بهدف نظيف وتنعش آمالها في التأهل إلى مونديال 2026    سعر الذهب اليوم الجمعة 6 يونيو محليا وعالميا بعد الارتفاع الأخير.. بكام عيار 21 الآن؟    جامعة كفر الشيخ ترفع درجة الاستعداد بمستشفى كفر الشيخ الجامعى خلال العيد    في وقفة العيد.. «جميعه» يفاجئ العاملين بمستشفى القنايات ويحيل 3 للتحقيق (تفاصيل)    شيخ الأزهر يهنئ الرئيس السيسي والأمة الإسلامية بمناسبة عيد الأضحى    صلاة العيد يوم الجمعة الساعة كام في مصر؟ رسميًا بالتوقيت المحلي    المهيرى: اتفاقية للحفاظ على حقوق العاملين ب «اقتصاد المنصات»    " صوت الأمة " تنشر أهم التوصيات الصادرة عن المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية    خلال اتصاله بنظيره الرواندي.. وزير الخارجية يشدد على أهمية تحقيق التهدئة في منطقة البحيرات العظمى    المجمع المقدس يؤكد على الرعاية المتكاملة ويُطلق توصيات جديدة للرعاية والخدمة والأسرة    في إجازة عيد الأضحى.. حدود السحب والإيداع القصوى من ماكينات ATM    الصحة: فحص 17.8 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف عن الأمراض المزمنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر روسيا: التنويع أم البحث عن بدائل؟ د.أشرف الصباغ
نشر في التحرير يوم 15 - 02 - 2014

تصريحات بوتين بشأن ترشح السيسى للرئاسة تعكس مدى أهمية مصر كقوة إقليمية ودولية
نتائج زيارة السيسى لروسيا أكدت أن مصر ليست ساحة صراع بين روسيا وأمريكا
صحيفة «فيدوموستى» الروسية نقلت أمس روايات قديمة بأن المباحثات بين البلدين تركزت فى الشأن العسكرى فقط
فى مصر صراعات سياسية غير ناضجة لا تميز بين المصالح الوطنية وبين الرغبة فى الوصول إلى السلطة بأى ثمن
القاهرة وموسكو لم تعلنا رسميًّا أى اتفاقيات.. لكن الكرة فى ملعب مصر للاستفادة من مواقف روسيا الإقليمية والدولية
الحديث الآن لا يدور حول تقسيم حاد وعنيف لمناطق نفوذ أو صراع أيديولوجيات، بل عن مصالح كبرى فى مجالات، على رأسها الاقتصاد والطاقة والأمن. قد تكون هناك استقطابات دبلوماسية وجيوسياسية تُخَدِّم على المجالات السابقة، لكنها فى كل الأحوال لا يمكن أن تؤدى إلى احتكاكات أو صدامات عسكرية. فروسيا كما ذكرنا سابقا ليست الاتحاد السوفيتى. وروسيا دولة كبرى بكل المعايير الاقتصادية والسياسية والأمنية تنافس كل القوى الكبرى الأخرى، ولا مجال هنا للأيديولوجيا أو المثاليات والأفكار الكبرى المجردة. إذ أن المصالح هى قاعدة الانطلاق فى التحركات والتوجهات الاقتصادية والأمنية والسياسية.
إذا نظرنا إلى الجولة الثانية من لقاءات (2+2) التى جرت فى موسكو يوم 13 فبراير 2014، سنجدها استكمالا للجولة الأولى التى جرت فى القاهرة يوم 14 نوفمبر 2013، حيث تمكن الطرفان المصرى والروسى آنذاك من تحديد المهمات الأولية فى التعاون المتبادل فى المجالين التجارى -الاقتصادى والعسكرى- والتقنى، وأكدا عزمهما تعزيز الشراكة بين القاهرة وموسكو لحل القضايا الملحة على الصعيدين الدولى والإقليمى ومواصلة تعميق التعاون المصرى - الروسى المتعدد الاتجاهات.
الجولة الثانية من (2+2) تجعل العلاقات المصرية - الروسية فى اتجاهين (موسكو - القاهرة - موسكو)، حيث من الطبيعى أن يتم تحديد أطر واتجاهات التعاون المستقبلى كما تقضى مصالح البلدين. غير أن التحذير هنا أمر ضرورى، إذ لا ينبغى إطلاقا الاستهانة بزخم تلك العلاقات الجديدة وحصرها فى الماضى البعيد والتغنى بأمجاد سابقة، لأننا سنجد من يغنى معنا على نفس الإيقاع من الطرف الآخر. كما لا ينبغى أيضا قصر العلاقات المصرية - الروسية على صفقات السلاح، وهو الأمر الذى يمكنه أن يبخس قيمة هذه العلاقات، لأن جولتى (2+2) نجحتا فى تغطية جانب كبير من المجالات السياسية والاقتصادية والطاقة والتكنولوجيا الحديثة. إضافة إلى المجال العسكرى - التقنى.
لقد تصور كثيرون أن الجولة الثانية من (2+2) فى موسكو انتهت ببيان ختامى بعد اللقاء البروتوكولى بين الوزراء الأربعة، ثم المؤتمر الصحفى الذى عقده وزيرا خارجية مصر وروسيا نبيل فهمى وسيرجى لافروف. واعتبر البعض أن استقبال بوتين للمشير عبد الفتاح السيسى ونبيل فهمى سيكون استقبالا بروتوكوليا. لكن الرئيس الروسى فجَّر قنبلة سياسية من العيار الثقيل حيث تحدث عن أن الاستقرار فى المنطقة مرتبط بدرجة كبيرة باستقرار مصر، ثم وصف قرار السيسى الترشح للرئاسة بالقرار المسؤول متمنيا له التوفيق. بل وأعرب عن ثقته بأن السيسى بخبرته الكبيرة سيتمكن من حشد أنصاره وإرساء العلاقات مع كل أطياف المجتمع المصرى فى الوقت نفسه.
إن إشارات وتلميحات بوتين، وما تتضمنه هذه العبارات القصيرة المقتضبة، تميز الساسة الكبار وتعكس مدى الحرص على الشركاء وعلى المصالح المشتركة. فمصر كقوة إقليمية حاضرة فى ذهن بوتين، مصر تلك القوة الإقليمية بحاجة إلى قبضة قوية فى ظل الفوضى العارمة التى تجتاحها والمنعطف الحاد الذى تمر به. ولم ينسَ بوتين أن يمنح ضيفه واجب الضيافة، معربا عن ثقته بقدرته على ضبط الأمور. بينما تضمنت العبارة الأخيرة رؤية موسكو لشكل المشهد السياسى الداخلى فى مصر، حيث من الطبيعى أن يحشد السيسى أنصاره لا للصراع مع هذا الطيف أو ذاك، بل لإرساء علاقات متحضرة مع كل أطياف المجتمع المصرى.
من الممكن استقبال هذه الإشارات كرسائل، وربما كشروط للتعاون. لكنها فى كل الأحوال تعكس مدى نجاح جولتى اللقاء، وحرص روسيا على الشريك الجديد - القديم الذى يرغب فى التعامل معها على أسس واضحة وشفافة. وبالتالى على الشريك -مصر- أن يكون منتبها جدا للمفاصل الأساسية التى لا تمت بأى صلة للماضى مهما كان جميلا. فالمشاريع الكبرى لا تنتهى.
يبدو أن تجربة روسيا كانت حاضرة فى كلمات بوتين. فبعد انهيار التجربة السوفييتية، نشب الصراع بين الشيوعيين وبين مجموعة الليبراليين الجدد، وحسمه بوريس يلتسين لصالح الفصيل الأخير الذى كاد أن يبيع روسيا دون أى مقابل. ثم دخل حربين شيشانيتين أسهم الغرب والشرق فى تأجيجهما ضد السلطة المركزية فى موسكو، على أمل تفتيت روسيا بعد تفتيت الاتحاد السوفييتى وسحق ما كان يسمى بحلف وارسو. وجاء بوتين ليواجه خرابا حقيقيا على كل المستويات وفى جميع مفاصل الدولة فى عام 2000. إضافة إلى المفاجآت العنيفة التى غطت فترة الحكم الأولى له من تفجيرات للمبانى السكنية وقتل الأطفال فى المدارس والمسارح لانهيار صورة روسيا تماما أمام أنظار العالم كله، بينما كانت أوروبا والولايات المتحدة تتغنى بالحرية والديمقراطية التى حملها يلتسين والليبراليون الجدد للشعب الروسى!
مثل هذه التجربة جعلت بوتين يتحدث بذلك الاقتضاب والحسم. بينما رد السيسى فى نفس الاتجاه بوضوح، ملخصا أن الإرهاب فى مصر لا يهدد الدولة وحدها، بل يشكل خطرًا على المنطقة بأكملها، ومؤكدا أن القوات المسلحة المصرية قادرة على ضمان الأمن فى البلاد. ولم ينس السيسى أن يشير إلى أن «المجتمع المصرى يسعى للتطور البناء وتعزيز الأمن، باعتبار أن هذه المهمة تكتسب أهمية كبرى ليس بالنسبة للبلاد فحسب، بل للمنطقة بأكملها». وأشار إلى ما يجرى من أحداث فى ليبيا وسوريا، داعيا لاتخاذ جهود جماعية من أجل التصدى لتحديات الإرهاب.
لقد أنهت الجولة الثانية من (2+2) على كل المهاترات الصغيرة بشأن تحويل مصر إلى جمهورية من جمهوريات الموز وساحة من ساحات الصراع بين روسيا والولايات المتحدة. لا حديث عن صفقات سلاح وتسليح ومنظومات صاروخية ضاربة. كل ما فى الأمر، أن «الدولتين تعدان مجموعة من الوثائق للتعاون فى المجال العسكرى - التقنى». هكذا يمكن أن ندرك أن موسكو نفسها لا تريد أن تدخل فى حرب مع واشنطن فى مصر. ولا تريد أيضا أن تخل بالتوازن الاستراتيجى فى المنطقة. كما أن صفقات السلاح بالذات لا يجرى الحديث عنها هكذا على المقاهى وفى المؤتمرات الصحفية. ومصر وروسيا ليستا استثناءً! ولكل حادث حديث.. لكن المدهش أن صحيفة «فيدوموستى» الروسية فى عددها الصادر الجمعة 14 فبراير، عادت مجددا لتنقل نفس الروايات القديمة (وعن مصادر فى الصناعة الحربية الروسية) أن المحادثات المصرية - الروسية التى جرت فى موسكو شهدت التوقيع بالأحرف الأولى على عقود بقيمة تتجاوز 3 مليارات دولار. وأوضحت أن الحديث يدور عن عقود لشراء مقاتلات من طراز «ميج-29 إم»، وأنظمة دفاع جوى من عدة طرازات، ومروحيات «مى-35» ومنظومات صاروخية ساحلية مضادة للسفن، ومختلف أنواع الذخائر والأسلحة الخفيفة. ثم عادت لتشير إلى أن الطرفين لم يعلنا رسميا عن أى اتفاقيات معينة فى ختام المحادثات. وبعد ذلك ذكرت ما جرى فى واقع الأمر، مشيرة إلى أن لافروف قال إن «وزيرى الدفاع اتفاقا على تسريع إعداد الوثائق التى من شأنها دفع التعاون العسكرى والعسكرى التقنى قدما الى الأمام». الطريف هنا هو أن الصحيفة الروسية أشارات إلى أنها نقلت عن وسائل إعلام مصرية أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تعهدتا بدفع قيمة الأسلحة الروسية لمصر. وللإمعان فى الدهشة والإدهاش، تعود وسائل الإعلام المصرية لتنقل عن نفس الصحيفة. وهكذا تدور الأمور وتُدار، وكل التصريحات على ألسنة مصادر عسكرية وأمنية وسيادية!!
قد تكون مصر فى العقدين الأخيرين شارفت على الانهيار الحقيقى بفعل سياسات غير مسؤولة واستقطابات اجتماعية وسياسية غير محمودة العواقب. ومن الصعب أن نتصور إمكانية علاجها بضربة واحدة خلال نصف ساعة. وبالتالى، لا يمكن أن نستبعد وجود مجموعات مصالح قوية وقادرة وغنية، سواء من بقايا القريبين من مبارك أو من ابنه جمال. ولا يمكن أن نستبعد وجود تلك المجموعات فى صفوف ما يسمى بالإسلام السياسى، خصوصا بعد أن تمكن الإخوان المسلمون من حكم مصر لمدة عام كامل يعادل فى انهيارة 20 عاما من حكم مبارك. هكذا، يجرى الصراع الآن، ومن ضمنه ضرب أى علاقات مستقبلية لمصر مع أى شريك جديد. والوصول بالأمور إلى تحويل البلاد إلى ساحة للصراع الدولى. وهنا لا يمكن اتهام أى من تلك القوى والفصائل بالخيانة أو العمالة، كل ما هنالك أنها قوى غير ناضجة ولا تعرف الفرق بين خصام الأطفال وبين منافسة الكبار. فالصراعات السياسية غير ناضجة للحد الذى نميز فيه بين المصالح الوطنية والقومية وبين الرغبة فى الوصول إلى السلطة بأى ثمن ومضاعفة الثروات والنفوذ. بل وتحول الأمر إلى شكل من أشكال شخصنة الصراعات.
وبالتالى، هناك مجموعات مصالح تسعى لتحويل مصر إلى ساحة للصراع بين موسكو وواشنطن. ومثل هذه المجموعات موجودة أيضا فى روسيا ولا تمل أو تكلَّ عن تصدير روايات حول مليارات وأسلحة ومنظومات وقاذفات. وإذا كانت الولايات المتحدة تفرض نفسها كليًّا على الشريك، فروسيا تمنح شركاءها هامشا للتنويع والتعددية فى العلاقات. وهذا لا ينفى إطلاقا أن موسكو تبحث عن مصالحها مثل أى دولة أخرى، وأن لها حسابات دقيقة فى القضايا الإقليمية والدولية، ولديها ملفاتها الخاصة مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى. كل ذلك يخص روسيا ومصالحها وسياساتها الدولية. إذن، الكرة هنا فى ملعب مصر التى تستطيع أن تستفيد من مواقف روسيا الإقليمية والدولية، مثلما استفادت الهند وباكستان من صراعات الأقطاب فى سبعينيات القرن العشرين، ومثلما تستفيد إيران وتركيا فى الحقب الأخيرة. لأن سياسة الاستبدال والإحلال، هى سياسة قصيرة النظر، وقد جربتها مصر فى مطلع سبعينيات القرن العشرين. والمسألة الآن تكمن فى تحديد مصر لاحتياجاتها الحقيقية، وبلورة وصياغة دورها فى ضوء إمكانياتها الآنية، وآفاق تطوير تلك الإمكانيات بشكل واقعى ومحسوب وانطلاقا من مصالحها الوطنية، والوطنية فقط! هكذا تُدار الدول الكبرى والدول التى تحترم شعوبها!
إن المُبَشِّر فعليا فى اللقاءات المصرية - الروسية الأخيرة هو العلاقات الاقتصادية، إذ أكد بوتين أن لدى روسيا ومصر آفاق واعدة للتعاون فى «مشاريع ضخمة». وأعرب عن أمله فى عودة حجم التبادل التجارى إلى مستويات جديدة عند 5 مليارات دولار، وأن تستعيد مصر مكانتها السياحية بالنسبة للسياح الروس بعد أن تراجع عددهم خلال العام الماضى من 2.4 مليون سائح إلى 1.5 مليون فقط. وعموما فالطرفان ينتظران عقد اجتماع اللجنة الحكومية المصرية الروسية للتعاون الاقتصادى والتجارى فى نهاية مارس المقبل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.