كنت قد عزمت وأخلصت النية لله تعالى، أن أزيِّن هذه المساحة اليوم بأشد وأوضح عبارات الاستهجان والحزن والقرف الشديدين من «تجاوزات» و«أخطاء» تطورت واستفحلت بسرعة حتى صارت خطايا وجرائم لا تُغتفر ولا يمكن تبريرها أو تسويغها بحقيقة أننا دولة ومجتمعًا وشعبًا نواجه الآن فعلًا حربًا إرهابية قذرة ودنيئة تشنها علينا عصابة «إخوان الشياطين» وتوابعها القتلة.. فأما الخطايا فهى كل هذا التلطيش الأعمى الذى يهدى به العميان هدايا ثمينة للشياطين التى تحاربنا وتعيث فى أرضنا فسادًا وتخريبًا وتقتل يوميا أجمل وأنبل شبابنا ورجالنا فى الشرطة والجيش.. شباب برىء مسالم وأعزل، إلا ربما من بعض الطيش أو الشطط، محشورون الآن فى الزنازين وخلف أسوار السجون بغير ذنب ولا جريرة، والأسوأ من ذلك أن عار «التعذيب» وإهدار الكرامة عاد إلى المشهد يلوثه ويلحق أشد الأذى بصورة وسمعة شعب عظيم ثار ثورتين أسطوريتين فى أقل من ثلاثة أعوام، طمعًا فى بناء وطن جديد ناهض متقدم يزهو ويفخر بالحرية والعدالة والمساواة. إزاء هذه المصيبة العظيمة لم أقوَ على الكتابة، فقررت أن أترك باقى مساحة هذه الزاوية فارغة بيضاء، لعل وعسى أن يقتحم بياضها سواد العمى السياسى والوطنى والضميرى، فيتوقف عميان القلب والبصيرة عن التلطيش الإجرامى الأهوج، ويحترموا قدسية الاستشهاد المستمر وحرمة الدم الطاهر الذى يتدفق حولهم يوميا من عروق زملاء لهم وهم يؤدون بشرف وبسالة واجب الدفاع عن شعبهم وأهلهم ووطنهم..