سلطت صحيفة "الجارديان" البريطانية، في تقرير لها اليوم الثلاثاء، الضوء على اللقاء الثنائي الذي جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو. وقالت الصحيفة: إن "الأنظار كانت مُسلطة على (ترودو) في لقائه بترامب أمس الاثنين، و كان يحدوها الأمل في أن يقف أمامه وقفة مبدأ، و لكن يبدو أن الآمال خابت في هذا اللقاء، ففي هذا المؤتمر الصحفي الذي عُقد أمام مجموعة من الصحفيين، وقف ترامب بكل صلابة وصراحة مجددًا دفاعه عن سياسته المثيرة للجدل التي تحظر الهجرة، دون أي تنازل أو لين في موقفه، فيما وقف "ترودو" إلى جانبه مخاطبًا الصحفيين قائلًا: إن "آخر ما يتوقعه الكنديون مني - هو أن آتي لألقي على مسامع دولة أخرى محاضرات في خياراتها لإدارة وحكم نفسها". و أضاف "ترودو" أن دوري ومسؤوليتنا تكمن في الاستمرار بالإدارة بطريقة تعكس أسلوب الكنديين، وتقدم مثالًا إيجابيًا للعالم". وتابع "مع أن البعض كانوا يتمنون لو يتمسك ترودو بالمبادئ السامية إزاء حظر ترامب للهجرة، أو معاداته غير الرسمية للنساء التي يبديها بين حين وآخر، أو في وجه لهجة خطابه المُوجه لدول حليفة مثل المكسيك، إلا أن لقاء الإثنين لم يركز سوى على الواقع الاقتصادي البارد". الاقتصاد منذ تنصيب ترامب والمسؤولون الكنديون دائبون على كل فرصة - في إشارة إلى النمو الاقتصادي، وإلى ملايين فرص الوظائف التي تعتمد على التجارة عبر حدود البلدين. في نطاق الواقع السياسي يبدو أن التكتيك نجح، فقد أثنى ترامب على العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وألمح إلى التباين في دفء العلاقات مع كندا. ومنذ المفاجأة التي حققها ترامب بفوزه في الانتخابات الرئاسية، نأى "ترودو" بنفسه على الدوام عن انتقاد الرئيس بشكل مباشر، ففي الشهر الماضي حينما سأله صحفيون - إن كان يرى في ترامب شخصًا معاديًا للنساء أجاب "ليست وظيفة رئيس الوزراء الكندي أن يدلي بآراء حول العملية الانتخابية الأمريكية". ويشير الخبراء والمحللون إلى أن الاقتصاد الكندي هو التفسير لعزوف ترودو عن انتقاده لترامب، فثلاثة أرباع صادرات كندا تذهب إلى الولاياتالمتحدة، كما أن نحو 2.5 مليون من الوظائف وفرص العمل الكندية تعتمد على التجارة الأمريكية. الترحيب باللاجئين و قام ترودو بدلًا من ذلك بتبني وسائل أخرى لإبراز الاختلافات بين واشنطن وأوتاوا، فوسط الفوضى والبلبلة التي خلقها حظر ترامب للهجرة، أطلق ترودو تغريدة على "تويتر" لبيان موقف كندا الواضح، معبرًا عن ترحيت بلاده بأولئك الفارين من الاضطهاد والإرهاب والحرب بغض النظر عن دينهم. كذلك أظهرت تغريدة أخرى بكل بساطة ترحيب رئيس الوزراء بلاجئة سورية في مطار تورونتو، تضمنت هاشتاج #BienvenueAuCanada أهلاً وسهلاً بكم في كندا. كما قدمت زيارة أمس الاثنين، تناقضًا حينما تحالف ترودو مع ترامب لإطلاق مجلس يعني بتحسين فرص النساء في سوق العمل، فالمعروف عن ترودو أن توازن تمثيل الجنسين في حكومته قد تصدر عناوين الأخبار في العالم. ورغم أن مصدر الفكرة كان منبعه أصلًا من مكتب ترودو، إلا أن المساواة بين الجنسين أُظهِرت لتبدو مساحة اهتمام مشترك بين البلدين، مع أن ترامب لم يرشح سوى 4 نساء لمناصب إدارية رفيعة في حكومته. اختلافات أخرى أشار العديد من المراقبين إلى اختلافات أخرى بدت أثناء زيارة الاثنين بشكل خفي، فقد تحدث الكثيرون عن المصافحة الأولى بين القائدين، التي عمد فيها رئيس الوزراء الكندي إلى الثبات في مكانه، فيما بدا ترامب يحاول سحب رئيس الوزراء نحوه. كما أشار آخرون إلى استخدام ترودو اللغة الفرنسية في المؤتمر الصحفي - فالمعروف أن ترامب لا يتحدث أي لغة أجنبية. فيما عمد "ترودو" أثناء المؤتمر الصحفي إلى الإشارة إلى عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين الذين جاء بهم إلى كندا في العام الماضي ونحوه، من دون أي إخلال أو مساس بأمن البلاد. وقال ترودو في إحدى اللحظات بالمؤتمر "العلاقة بين الجيران تكون معقدة، ولن نتفق دوماً على كل شيء".