شهور طويلة قضاها صناع فيلم «أسرار عائلية» متنقلين بين أروقة هيئة الرقابة على المصنفات الفنية ولجنة التظلمات، فى محاولة منهم لإنقاذ مشاهد العمل التى كان يصر الرقيب أحمد عواض على حذف عدد كبير منها، وفى النهاية نجحوا أخيرا فى عرضه بعد حذف عبارة منه ونصف مشهد فقط. وعلى الجانب الآخر قوبل الفيلم بهجوم من بعض الأطراف حتى قبيل عرضه، بحجة أنه يروج للشذوذ الجنسى، وهو الأمر الذى علق عليه بطله محمد مهران قائلا: «هناك من تخيل أن الفيلم يدعو إلى نشر المثلية الجنسية، لكن بعد عرضه اكتشفوا أنه لا يروج لهذه الفكرة، بل بالعكس يعطى حلولًا لمعالجة هذا المرض، إضافة إلى أننا نساعد من يعانون من نفس حالة البطل فى التخلص من هذا الأمر، فمن أخطأ رغما عنه ووجد المجتمع لا يتقبله لا بد أن نساعده على تخطى الأزمة». البطل، الذى قدّم أولى بطولاته المطلقة فى هذا العمل من خلال شخصية الشاب مروان الذى يكتشف ميوله الشاذة مبكرا، يؤكد أن الفيلم يناقش تجربة مرت بها شخصية حقيقية، متابعا: «كنت محظوظا بأن أوصلنى المخرج هانى فوزى بطبيب نفسى يدعى أوسم وصفى وهو متخصص فى علاج المثليين جنسيا، وترددت على عيادته لفترة، كى أتمكن من دراسة الأشخاص من هذه النوعية، وأتابع لغتهم وطريقتهم فى الحياة، لكننى حين طلبت مقابلة الشخصية الحقيقية رفض فوزى منعا لإحراجها». محمد مهران تخرج فى معهد الفنون المسرحية عام 2011، وحصل على دورات تمثيلية فى عدة دول منها فرنسا وإيطاليا والمغرب، وحينما علم بأن هانى فوزى يجرى اختبارات للوجوه الجديدة لاختيار أحدها لبطولة فيلمه الذى يخوض بها أولى تجاربه فى الإخراج ذهب على الفور، إلا أنه تردد قليلا حينما علم أن الشخصية ستكون لشاب مثلى الجنس. ويتابع مهران: «كنت متخوفا من القضية التى يناقشها العمل، لكن عندما قرأت السيناريو الذى كتبه محمد عبد القادر وجدت أن الموضوع يسير فى طرق العلاج وكيفية الخروج من هذه الأزمة، وقد عرضت الأمر على والدى وأعجب بالسيناريو، وقال لى إننى قد أكون سببا فى علاج بعض الحالات التى تعانى من هذه المشكلة». وعن الصعوبات التى واجهته فى أثناء التحضير للشخصية قال الممثل الشاب إن الصعوبة الأبرز كانت فى مرحلة التحضير للدور من خلال الشكل وطريقة الكلام، وواصل: «أيضا التصوير كانت به صعوبات، فى بعض المشاهد مثل مشهد مواجهة الأب للابن حينما يعلم بحقيقة ميوله، وقد طلبت من المخرج أن يتم تصوير هذا المشهد منفردا على مدار يوم كامل، لأنه يعد نقطة تحوّل مهمة فى مسار الشخصية، وبعدها يدرك أزمته ويواجهها، ويبدأ فى الانتقال إلى مرحلة التعافي». ثم أوضح مهران طريقة تعامله مع الشخصية، ورؤيته لها: «نظرت إلى الموضوع من وجهة نظر أخرى، وهى أنه لأول مرة تكون شخصية مثلى الجنس محور فيلم كامل فى مصر، بعدما كانت تقدم كخط درامى فى بعض الأعمال، وهو أمر أيضا يشكل عبئا كبيرا، لأننى سوف أحاسب على كل تفصيلة، ولذلك فضلت أن تخرج الشخصية بشكل يجعل الجمهور يتعاطف معها ويتمنى مساعدتها بدلا من أن يكرهها». الضجة التى أثيرت حول العمل بسبب رفض هيئة الرقابة على المصنفات الفنية إجازته إلا بعد الاستجابة لثلاث عشرة ملاحظة، فى رأى بطله أفادت الفيلم، خصوصا فى ما يتعلق بتعريف الجمهور به، مستطردًا: «لجنة التظلمات حذفت جملة لا أقولها أنا، إضافة إلى (شوت) يعتبر زاوية مخرج، لكن لم يتم حذف أى شىء من مشاهدى التمثيلية، وبالنسبة إلىّ وافقت على قرار لجنة التظلمات، لأن اللجنة مكونة من مجموعة من السينمائيين على دراية أكثر بالقيم المجتمعية، والحمد لله أنها كانت متفهمة فكرة الفيلم، وعموما حتى من اتهم الفيلم بأنه يتناول القضية من منظور أخلاقى أشادوا بأدائى للشخصية. وأنا لم أتعرض لمواقف محرجة بعد هذا الفيلم، ولا يوجد ما أخجل منه، ولن أندم عليه إطلاقًا». اختتم محمد مهران حديثه قائلا: «لو كان لدىّ رصيد سينمائى قبل هذا الفيلم كنت سأقدم الدور أيضا دون تردد، لأنه يناقش قضية مهمة ويعالجها أيضا، وقد شاركت فيه عن اقتناع، فمثلا من غير المنطقى أن نظل طوال الوقت نتحدث عن مشكلات البلطجة دون إيجاد حلول لها، لأننا قد نروّج لها دون أن نقصد».