جريش: إجادة عميد الأدب العربى للغات منحته قدرة فائقة على التعبير.. وعنانى: لولاه ما تبحرنا فى آداب الغرب.. وفضل: كان مولعًا بالمقارنة بين الحضارات أستاذ الأدب الإنجليزى: كان لديه إيمان شديد بضرورة الاطلاع على الثقافات العالمية تحت عنوان «طه حسين عابرا للثقافات» أقيمت أمس ندوة فى القاعة الرئيسية بمعرض القاهرة الدولى للكتاب ناقشت شخصية الأديب والمفكر طه حسين. الدكتور رفيق جريش، مدير المكتب الصحفى للكنيسة الكاثوليكية، أوضح أنه تتلمذ فى سن مبكرة على قراءة أعمال طه حسين، واصفا إياها بأنها أعمال قوية كالشجرة المتجذرة التى تنمو يوما بعد يوم حتى تصل إلى عنان السماء وتتفتح على العالم الخارجى، مشددا على ضرورة العلم والتربية والإيمان بالثقافة كما كان يؤمن بها الأديب العالمى طه حسين. وأضاف أن اللغات الأوروبية التى أجادها حسين، خصوصا الفرنسية واليونانية، أعطته القدرة على التعبير العميق عن طبيعة المصريين وإيصال صورة حية للعالم، ولذلك فهو ليس فقط عميد الأدب العربى بل هو أكثر من ذلك. وأوضح أن طه حسين تميز بالعقلانية ودعا إلى ثورة فى التربية والتعليم من أجل الانتقال بمصر نحو الحضارة، وناشد الإرادة السياسية للمساهمة فى ذلك، كما نادى بأهمية تعلم اللغات من أجل الانفتاح على الثقافات الأخرى، وقال «مصر ذاخرة بطه حسين، لكننا بحاجة إلى إعطاء الفرصة لأبنائنا وشبابنا». من جانبه، أكد الأديب والناقد الدكتور محمد عنانى أنه لولا طه حسين ما كنا قرأنا عديدا من الكتب الأجنبية التى نقلها إلينا، وما كنا قد تبحرنا فى آداب الغرب، وقال إن طه حسين اهتم باللغات الكلاسيكية وترجم بعض الكلاسيكيات وربما كان مسؤولا عن ترجمة مسرحية «أوديب» فى نفس العصر الذى ظهر فيه فرويد صاحب نظرية «عقدة أوديب» و«عقدة الكترا» فى ثلاثينيات القرن الفائت. وأكد أن طه حسين قد أنشأ قسما للغات الحية والترجمة فى كلية الآداب لإيمانه الشديد بضرورة الاطلاع على الثقافات العالمية المختلفة، إضافة إلى أنه شجع على قراءة التاريخ الإسلامى والأدب العربى القديم، وكان عاشقا لأبو العلاء المعرى الذى تفاعل معه نفسيا وتقمص شخصيته ورأى نفسه فيها. الدكتور صلاح فضل، أستاذ النقد الأدبى والأدب المقارن بكلية الآداب بجامعة عين شمس، قال إن طه حسين كان ينظر إلى الأدب بمنظور حضارى وجمع بين الفلسفة والتاريخ والأدب فى دراساته، لأن المصريين كانوا يهتمون بالنهضة الأوروبية، إلى جانب ذلك امتلك نزعة إنسانية عميقة تميز بها عن غيره مكنته من الإمساك بجذور الثقافة. وأضاف أنه من مظاهر تأسيس الجسر الثقافى الذى أنشأه طه حسين هو ولعه بالمقارنة بين ثقافات الشعوب، حيث كان مؤمنا بتنوع وتراكم الروافد الثقافية المختلفة، مسترشدا بذلك عن اهتمام طه حسين بشعراء العصر العباسى الذى يزهو به الأدب العربى مثل الرومى، وأبو تمام، والمتنبى، وأبو العلاء المعرى، وبشار بن برد، حيث انتمى كل هؤلاء إلى ثقافات غير عربية، وقد سمح لهم هذا التنوع لعبقرياتهم بأن تزدهر، وأوضح أن طه حسين كان يعالج الصراع بين القديم والحديث عن طريق التهجين الثقافى لتجاوز العصبيات وعبور الثقافات، وذكر فى رسالته الأولى التى كتبها فى جامعة السوربون وهو فى سن ال18 عن ابن خلدون موقفا طريفا عن المستشرق الإسبانى بيفالتا فى نهاية القرن ال19 يقول فيها «لو خدشنا بأظافرنا بشرتنا الأوروبية الصفراء لبرز لنا من تحتها بشرة العربى السمراء، إن قوميتنا العربية ما هى إلا عرض ظاهر لكن قوميتنا العربية هى الأساس».