«قام الشعب المصرى البطل بثورته العظيمة فى 25 يناير، وتمثلت عظمتها فى تلقائيتها وتضحياتها.. وروحها التى صهرت كل الفصائل والتوجهات فى بوتقة الوطنية». هكذا استهل الإخوان بيانهم، الهادف للالتفاف مرة أخرى على الثوار! وتنطبق مقدمة بيانهم، على المواطن المصرى الذى افترش الميدان مطالبا بحقوق الجميع. لكنها قطعا لا تنطبق على الإخوان، من تركوا الميدان مشتعلا ليتفاوضوا مع نظام مبارك، حول حصتهم، مقابل فضه! اعتمد الإخوان استراتيجية، اختراق كل التنظيمات، لتوجيهها صوب ما يخدم سعيهم للاستئثار بكامل تركة مبارك، وإفشال محاولات المجلس العسكرى للتواصل مع الثوار. استخدموا الشباب أداة ضغط، بل وغطاء، يصدرونهم للتظاهر، ومواجهة المجلس العسكرى فى حال تراجع عن اتفاقاتهم. وهذا ما تم حرفيا فى أحداث مجلس الوزراء ومحمد محمود، فبعدما حققوا مطالبهم، أدانوا المتظاهرين! يقولون «فى الفترة الانتقالية التى امتدت ثلاث سنوات حتى الآن وقعت أحداث جسام، أسفرت عن وقوع انقلاب عسكرى.. نتيجة لمؤامرات دولية وإقليمية ومحلية». صحيح، مؤامرة دولية وإقليمية! مؤامرتكم، وركيزتها تنظيمكم، راجعوا وعودكم للأمريكان بحماية مصالحهم وضمان أمن إسرائيل! المحلية، هى خروج الشعب المصرى عليكم، يحميه جيشه، وأجهزة وطنية استطاعت أن تفضح خيانتكم، وتتلاعب بغروركم وشرهكم للسلطة! «وإذا كان الجميع قد أخطؤوا.. فلا نبرئ أنفسنا من الخطأ الذى وقعنا فيه، حينما أحسنا الظن بالمجلس العسكرى». لا يا شيخ! ده تواضع منكم والنبى، وتقليل من حجم أثركم. خطؤكم أم خيانتكم؟ تواطؤكم وتورطكم فى قتل الثوار، استخفافكم بالمصريين، وسعيكم للاستئثار بالسلطة، وإقصاء الكل، بداية بمن بايعوكم! خطأ الجميع هو ثقتهم بكم، ولولا ذلك لكان للثورة مسار آخر، محققة أهدافها. فعلا، لقد أحسنتم الظن! حينما اعتقدتم أن جيش مصر سيقدمها وليمة على مائدة أطماعكم وحلفائكم. صحيح.. كيف يقوم الجيش بحماية الشعب وثورته ضدكم؟! ولا يقتلهم فى كل ميدان حماية لحكمكم؟ يجب أن نعاقب هذا الجيش، ونقطع أوصاله «آخر جيوش العرب» ونشيع الفتنة بين الناس، ونشعلها حربا أهلية، انتقاما لضرب المنظومة المخططة للشرق الأوسط! مع من تتحالفون؟ «كما أحسنا الظن فى عدالة القضاء وأنه سيقتص للشهداء.. حتى لا نقع نحن فى ظلم أحد، ولا نتلوث بدم حرام». عداكم العيب، لذا أصدر رئيسكم الإعلان الدستورى ليحصن قراراته ويلغى القضاء! ولا ننسى اقتصاصكم للشهداء، بتقاعس نائبكم العام عن الطعن على قرار المحكمة بتبرئة المتهمين فى موقعة الجمل! وتأكيده لأهالى الشهداء، عدم إمكانية إعادة التحقيقات فى قضايا قتل المتظاهرين! تُرى، هل يُسأل نظام مبارك عن قتل الشهداء يوم موقعة الجمل فعلا، وأن تصديق النائب العام على البراءة هو أحد بنود الصفقة؟ أم أن إغلاقه للملف هو لخشية الإخوان أن يفضح استمرار التحقيق، قتلهم رفقاء الميدان؟! «والآن ونحن نستقبل الذكرى الثالثة لثورتنا.. ندعو الجميع.. إلى أن نستعيد روحها.. والتعاهد مع الله أولا، ومع بعضنا، أن نستمر فى ثورتنا، حتى نحقق أهدافنا.. بعد كسر الانقلاب ودحره، وأن لا ننخدع مرة أخرى بمحاولات العسكر إيقاع الفرقة والتنازع بين صفوف الثوار.. إننا جميعا قد وعينا الدرس، واقتنعنا بحكمة أن الوطن للشعب كله، نديره عبر مشاركة حقيقية.. ولا نقصى أحدا». اليوم تعترفون بالثورة؟ وتقرون بإرادة الشعب؟ بعد زوال ملككم، الذى كنتم به تتكبرون. نتمنى أن لا تتناسوا كما لن ننسى أبدا، محاولاتكم الاستئثار بالسلطة، وتعريضكم أمن الوطن للخطر، وتحالفاتكم مع القوى الخارجية، ودعم أطماعها. تعذيب وقتل المتظاهرين فى الاتحادية، سيظل شاهدا على كيف تتعاملون مع من يجرؤ على رفضكم. كلمة أخيرة لكاتبى البيان، لقد أسقطكم الشعب كما أسقط مبارك، و30 يونيو لديكم كما 25 يناير لدى مبارك.. مؤامرة. لا عودة لكم ولا لمبارك ولا فلوله ولا فلولكم. السقوط صدمة لا زلتم عاجزين عن استيعابها. أما المصريون فقد استوعبوا الدرس جيدا، خصوصا الشباب، الذين تراهنون مرة أخرى على قدرتكم على تضليلهم، وربط مطالبهم بمحاولاتكم استعادة السلطة. قرار الجميع، أنكم آخر من يستحق الثقة، فطريق الثورة لا يحتاج إلى طامعين وخونة، بل إلى مواطنين يقدرون معنى الوطن. وأختار من بيانكم هذه الفقرة المعبرة لأختم بها «لم يرد على خاطرنا أنه من الممكن أن يكون هناك مصرى وطنى لديه استعداد لحرق وطنه وقتل أهله من أجل تحقيق حلمه وإشباع طمعه فى الوصول إلى السلطة». والله ولا احنا، حتى لقيناكم! ندرك اليوم أن خياركم من البداية كان، السلطة أو الدم. لم تكونوا يوما فصيلا وطنيا، واليوم، لا تسعون إلا لإشعال فتيل حرب أهلية. طمعكم وحقدكم ورغبتكم فى الانتقام، يعميكم عن معنى الوطن، وأن أمنه وسلامة أراضيه وحقن دماء شعبه وتماسكه، فوق كل سلطان. سألَت: همه ليه بقوا كده؟ رد عليها: ما همه أصلهم كده. حقيقة واحدة تغيب عنكم، ولن تستفيقوا إلا باستيعابها.. لقد أسقطكم الشعب المصرى!