مفاهيم لأداء رجال الشرطة تربوا عليها في خلال الثلاثين عاماً الأخيرة، فتطور الأداء الأمني لرجال الشرطة من حماة الشعب والمدافعين عن الحق.. إلى حماة النظام والمدافعين عن الفساد والمفسدين.. فبطش أجهزة الأمن بالمعارضين من شتى الأطياف والتنكيل بأسرهم وذويهم والاستبداد الوظيفي الذي مارسه رجال الشرطة، وتركهم المجال مفتوحا للصوص والمفسدين والمجرمين يمرحون في البلاد كيفما شاءوا، في حين التركيز كل التركيز على مراقبة المساجد والتصنت على رموز المعارضة دون أي سند قانوني لهذا، وعقدهم الصفقات المشينة مع البلطجية والشبيحة للاستعانة بهم في الانتخابات.. فقد أوسع النظام من صلاحياتهم لدرجة جعلتهم فوق القانون والمساءلة، وجعل الأنف الأمني مدسوسا في كل شئون الحياة اليومية في مصر، وكلمة الأمن هي الكلمة الفاصلة في اتخاذ معظم قرارات الشأن المصري، وذلك في ظل دعم سياسي غير محدود من مبارك الذي شعر بالامتنان من نجاح العادلي وزبانيته في القضاء على تهديدات المعارضة، والحفاظ على كرسي السلطة بلا خصوم سياسيين، وهذا التوسيع في الصلاحيات والتكبير في السلطات. ما حدث من تسريبات لمكالمات هاتفية تمت بين ثوار 25 يناير الأصليين والذين شارك معظمهم في 30 يونيو.. جعلني في منتهى السعادة وكأني كنت أنتظر عزيزاً طال غيابه.. فقد أجابتني التسريبات عن السؤال الكبير الذي كان يبحث عنه الكثيرين من المهتمين بتوثيق فاعليات وأحداث الثورة المصرية خلال الثلاث سنوات الماضية، ذلك السؤال الذي يبحث عنه التاريخ كي يقول كلمته بعناية: ماذا حدث على مدار 25 يوماً بعد ثورة يناير داخل قلعة الشبيحة (جهاز مباحث أمن الدولة) قبل أن ندخلها ؟ مصاحف وخمور... لا يكاد يخلو كل مكتب من مكاتب ضباط قلعة الشبيحة من مصحف تعلوه كتب أدعية، بينما يوجد في الثلاجة التي لا تعمل أرفف لزجاجات الخمور وكأنك فتحت باب السوق الحرة.. في حالة توصيف لشخصية ما ذات وجهين متناقضين تماماً، لا وجه منهما يعرف الأخر وكأن شخصان يقتسمان الجلوس على هذا الكرسي الخشبي كل منهما يريد أن يسحب الأخر إلى عالمه رغم طول المسافة بينهما والتي تصل إلى المسافة بين الواقع والمستحيل، إلا من رحم ربك... في حالة كاشفة لطبيعة الرجل الشبيح. لم تدهشني أكوام الأورق المفرومة ولا المحروقات في براميل القمامة التي كانت في ظهر المبنى الذي بُني على شكل هرم بني رأسه أولاً، فكنت قد سمعت عنها عندما إقتحم مبنى أمن الدولة في الإسكندرية قبل ذلك اليوم بيومين ما أدهشني هو هذا الكم من أجهزة الكمبيوتر وأجهزة شاشات عرض الكاميرات الدقيقة للغاية وكأني دخلت مصنعاً في اليابان.. فبرغم أني مهندس كمبيوتر في الأساس وعملت لدى كبرى الشركات العالمية وقعت عيني على أجهزة لم تراها قبل ذلك. ألاف الأشخاص داخل المبنى يبحثون عن السر الكامن في تفاصيله.. سر الدولة الأمنية المنكوبة. تسجيلات للبيع... تلك التسريبات لمكالمات هاتفية دارت بين أصحابها في الفترة ما بين 11 فبراير وبين دخولنا جهاز مباحث أمن الدولة في 5 مارس في حراسة الشرطة العسكرية، وفيما يبدو أن أجهزة التنصت المتطورة كانت تعمل تلقائياً طوال تلك الفترة، واستطاع بعض ضباط الجهاز من الذين جاءوا إلى هذا المبنى قبلنا بساعات قليلة كي يبيدوا أثار ماضيهم الدنيء، واستطاعوا أن يسلبوا أجهزة التنصت على المكالمات الهاتفية بما تحويه من «هاردات» ثم قرروا أن يضعوها في مكان ما بعيداً عن أعين وزارة الداخلية، واسمروا في إستئناف عملية التنصت لصالحهم لإستخدامها في الوقت المناسب..بعد أن فرغوا محتويات «الهاردات» من تسجيلات قديمة في إسطوانات مدمجة كل حسب إنتمائه. هذا هو ما حدث بالضبط.. إستطاع الإخوان المسلمين والتيار السلفي في فترة حكمهم أن يشتروا تسجيلاتهم كما إشتروا بعضاً من التسجيلات لبعض قيادات المجلس العسكري ووزراء سابقين في زمن مبارك.. يبدو أنها في الطريق للظهور قريباً على قنواتهم بعد أن دفعوا أموال طائلة لهذا التنظيم من مافيا الضباط المرتزقة.. وبعض من هؤلاء الضباط كانوا قد سافروا إلى الإمارات بعد ذلك التوقيت بأيام قليلة. إستطاع الفريق الهارب أن يحصل على ما تبقى من تسجيلات تخص الثوار الأصليين لأنها لم تكن ذو قيمة لأحد وقتها فبرغم أنهم القوة الحرجة في هذا البلد إلا أن قوتهم هذه لم تكن تساوب شيئاً عند جماعة الإخوان الذين سيطروا على مقاليد الحكم ولم تكن تعنيهم أمثال هؤلاء.. فما كان من الفريق سوى شرائها بعد بقائها على الأرفف دون أن يهتم بها أحد بعد عرضها في المزاد الرخيص أخلاقياً والغالي مادياً لأن خبرته في الدولة البوليسية تجعله قادر على التقييم جيداً لكل شيء حتى وإن كانت قيمته الحقيقية ليست الأن وسيطرت عليه فكرة التار القديم مع هؤلاء الشباب الذين كانوا سبباً في هلاكه مرتين، ثم أهداها لصديقه الإعلامي الذي يتفاخر دائماً بصداقته وصداقة الضباط الشبيحة لينشأ عليها برنامجاً كي تكون هذه التسجيلات مادته الخام.. إستكمالاً لما بدأته الدولة الأمنية وأجهزتها في محو 25 يناير وثوارها من الوجود في السياسي في الفترة القادمة. روابط ذات صلة: دخول المصريين لمبنى أمن الدولة في جود الشرطة العسكرية وبموافقتها http://www.youtube.com/watch?v=cj6907qPu-0&sns=em"http://www.youtube.com/watch?v=cj6907qPu-0&sns=em اللواء «اسماعيل عتمان» عضو المجلس العسكرى ومدير الشئون المعنوية يؤكد فيه أن المبنى تم فتح بوابته من الداخل لدخول الناس ويشير فيه إلى أن ضباط أمن الدولة هم من قاموا بفرم الملفات ! http://www.youtube.com/watch?v=Dx8sR_lQ7qA&sns=em"http://www.youtube.com/watch?v=Dx8sR_lQ7qA&sns=em