فى أى محمية طبيعية سوف تجدون العلماء والأطباء يبذلون قصارى جهدهم من أجل إصطياد حيوان مفترس كالأسد مثلاً بطلقة مخدرة وليست قاتلة.. وعندما يتأكدون من أنه قد اصبح مخدرًا تمامًا يهبطون من سياراتهم ويحيطون به ويقومون ببعض الإجراءات الإحترازية مثل تقييده جيدًا واستعداد شخص ببندقية جاهزة للإطلاق للإستعداد للتعامل الطارىء مع أى فوقان مفاجىء قد يفوقه هذا الحيوان المفترس.. بعدها يقوم الأطباء المرافقين للبعثة بتنظيف جرحه وإعطائه أمصالاً مضادة للسموم والتلوث قبل البدء فى علاجه بمنتهى الحرص على حياته.. بعدها يفكون قيوده.. ويعودون إلى سياراتهم بسرعة قبل أن يفيق من تخديره.. ويظلوا يتابعونه حتى ينهض ويقف على قدميه قبل أن ينطلق فى المحمية الطبيعية بحثاً عن فريسته القادمة.. عندها يطمئن الأطباء والمسؤولون فى المحمية إلى أنهم قد فعلوا ما ينبغى عليهم فعله وأنهم قد حافظوا على استمرار حياة هذا الأسد وبالتالى حافظوا على التوازن البيئى فى المحمية وعلى دورة الحياه التى أراد لها الله أن تكون مصنوعة وفقاً لحسابات دقيقة تعتمد فى الأساس على أن نصف الكائنات الحية على الكوكب ينبغى أن تتغذى على نصفها الآخر حتى يعود الجميع فى النهاية إلى الأرض وإلى المنشأ لتبدأ الحكاية من جديد وهكذا.. ولو تدخل أحدنا لإفساد دورة الحياة تلك وقرر مثلاً القضاء على الحيوانات المفترسة من أجل إعطاء الفرائس فرصة جديدة للحياه ظناً منه أنه بهذا يكون قد عمل الصح فإنه بذلك يكون قد عمل أكبر غلط وأفسد دورة الحياه الطبيعية وخربأ قوانين الطبيعة وربما بسبب فعلته السودا تلك ينفجر الكوكب كله أساساً قبل الموعد المقرر سلفاً من قِبَل السماء لانفجاره ووضع حد لتلك العبثية الهزلية اليومية التى أصبحنا نحياها.. لو قتلنا المفترسات ظانين أننا بذلك ننقذ الفرائس نكون قد أفسدنا الطبيعة.. ذلك هو القانون الذى يحكم أى محمية طبيعية.. والحفاظ على حياة جميع الحيوانات فيها وتوفير المناخ الملائم لهم للتكاثر وممارسة حياتهم الطبيعية هو قوام مهمة المسؤولين عن إدارة تلك المحمية.. لو استطاعوا الحفاظ على حياة الأسد بنفس قدر حفاظهم على حياة الغزالة التى سوف يصطادها هذا الأسد فيما بعد يكونوا بهذا قد نجحوا فى مهمتهم.. هذا فيما يخص المحمية الطبيعية.. ولكن ماذا عن الدولة.. هل تتشابه مهمة المسؤولين عن إدارتها مع مهمة المسؤولين عن إدارة المحمية الطبيعية؟! وهنا تكمن الإجابة التى يبدو أن المتضايقين من إعلان عصابة الإخوان عصابة إرهابية بشكل رسمى لم يستوعبوها بعد.. فمهمة المسؤولين عن دولة مثل مصر يسكنها بشر تختلف بشكل جذرى وقاطع عن مهمة المسؤولين فى محمية طبيعية تسكنها حيوانات.. ففى عالم البشر لا ينبغى علينا أن نترك المفترسات لتواصل جرائمها.. لا ينبغى علينا أن نترك الإرهابيين ليواصلو عواءهم الليلى على أطلال خرابة البلد اللى حيموتو ويقعدو على تلها بعد أن خربوها على مدار السنتين اللى فاتوا.. فى عالم البشر هناك ما يعرف بالقوانين.. وهى على العكس تمامًا من قوانين عالم الحيوان.. فبينما تنص قوانين عالم الحيوان فى المحمية الطبيعية على أنه «دع الحيوانات لغرائزها ودعها تقتل بعضها بعضًا ودع دورة الحياه الطبيعية تستمر» تنص قوانين عالم البشر فى أى دولة على العكس تماماً.. على أنه «لا تدع البشر لغرائزهم وما تسيبهمش يقتلوا بعضهم وقم بتطبيق القانون مع أى إرهابى فاكر نفسه عايش فى محمية طبيعية.. مش فى دولة». إنها دولة يا سادة.. وليست محمية طبيعية.. دولة لا ينبغى أن تتساوى فيها حقوق المواطن الصالح بحقوق المواطن الإرهابى.. دولة ينبغى أن تحمى المواطن الصالح من المواطن الإرهابى.. مش تتعامل مع ده زى ده.. وتسيب ده علشان يقتل ده.. بدون أدنى اعتبار لحقوق المواطن الصالح الذى لم يعد قادرًا على مواصلة حياته فى هذا الجو الإرهابى الذى نعيشه.. آل مواطن صالح آل.. ما يولع المواطن الصالح.. ثم إن حد قالُّه أصلاً يبقى صالح؟!