أفكر جديًّا فى ترك هذه المهنة والعمل نقّاشًا، فالنقاش أسعد حالا بكثير من معظم السيناريستات، لاحظت ذلك مؤخرا بعد أن استأجرت نقاشا للقيام ببعض أعمال الدهان فى إحدى غرف المنزل وقارنت بين عمله وعملى. النقاش يحصل على عربون قبل أن يعمل ويعرف مسبقًا المطلوب منه بكل دقة ويحصل على بقية نقوده بمجرد أن ينهى عمله، فإذا قرر صاحب الحيطة أن يغير اللون فعليه أن يدفع للنقاش عربونا جديدا، وأن يشترى هو على حسابه مونة جديدة وبمجرد أن ينهى النقاش عمله الجديد يأخذ بقية أجره الجديد أيضا.. النقاش أيضا لا يتأثر عمله أو أجره بظروف صاحب الحيطة فلن تجد أبدا نقاشا يقال له معلش مش هنقدر نكملك فلوسك لأن الجوازة اتلغت أو كمّل واستنى على الفلوس شوية أصل ممعاناش سيولة، ولن يتصل النقاش بصاحب الحيطة فى أى وقت فيجده لا يرد.. النقاش فنان أيضا وفى نظر كثيرين من أبناء الوطن فنه أكثر فائدة من الفسق والانحلال الذى نفعله.. أما فى مهنتنا فالوضع مختلف. أنت مطالب أن تكتب -على الأقل- معالجة كاملة قبل أن تحصل على عربون حتى ولو لم تكن الفكرة فكرتك ولم تكن أنت الذى سعيت للعمل -وده عادى- ثم أن توقع على عقد بأنك ملتزم بإجراء التعديلات التى يريدها المنتج والمخرج والنجم وغيرهما من معشر العاملين فى السبوبة «الفيلم» دون أن يكون لك حق الاعتراض أو الامتناع أو طلب أى أجر إضافى وفى حالة إذا امتنعت لأن المطلوب كلام فارغ لا يصح أن يطلبه جاهل فإن من حق المنتج أن يلجأ إلى كاتب آخر للتلييس على الشغلانة وتشطيب المرمَّاية دون أن يعطيك بقية أجرك -ده باعتبار إنه دفع جزءا يعنى- ثم تفاجأ بأن كل ما اتفقت عليه مع النجم والمنتج والمخرج وأقربائهم جميعا تم تغييره وهم الآن يريدون منك أن تكتب تقريبا فيلما جديدا تحت اسم دلع لطيف وهو -التعديلات- وبهذا لا يكون من حقك أن تطلب أى مصاريف إضافية فهى تعديلات مش فيلم جديد ولا حاجة، ثم عليك بعد كل ذلك أن تصمت وأن تنتظر ريثما يقرر المنتج أن يتصل بك بعد شهر أو سنة أو أكثر حسب ما يجيله مزاج أو سيولة ثم أن ترى فيلمك وهو يتمزق واسمك وهو يوضع على عمل كالمراحيض ثم متحذلقون يقولون لك إيه اللى إنت كاتبه ده؟ أما النقاش فهو مُلك.. توب علينا يا رب.