بينما كان يحضِّرون لفطور أحد أيام رمضان سيناء، ومع دقات أذان المغرب معلنًا أن يكسر كل صائم صومه.. اقتحم كمينهم من قيل إنَّهم "ليسوا ببشر"، قتلوا وقت الإفطار في رمضان.. ذلك حدث مع جنود مصريين على الحدود في الخامس من أغسطس لعام 2012.. في هذا اليوم استشهد 16 جنديًّا مصريًّا وهم صائمون. وفي يوم غير اليوم ولكنَّه أشبه باليوم.. ذهبت قلوب آمنة إلى "البطرسية".. دخلوا آمنين صائمين صومهم الذين يسبق عيد الميلاد، وأثناء صلاتهم حلَّت الفاجعة. تفجيرٌ كبيرٌ وزنت عبوته 12 كيلو جرامًا من مادة "TNT" شديدة الانفجار.. حادث خطف 23 ضحية وأصاب 49 آخرين.. دماء سقطت أغلبها دماء أطفال ونساء. دموع منهمرة وأشلاء متناثرة وجدران محطمة.. ومن فوق كل ذلك صدمة وذهول، ففي العاشرة إلا ثلاث دقائق وقع التفجير.. انهالت الدماء وسقط العشرات ضحايا. قداس الحزن فور الحادث احتشد المئات أمام الكنسية، وقفوا يهتفون طلبًا لحق الشهداء.. واليوم وتزامنًا مع صلاة القداس على أرواح الضحايا بكنيسة السيدة العذراء والقديس أثناسيوس الرسولي بمدينة نصر، وقف المئات أيضًا أمام الكنيسة بالخارج من أجل الصلاة. ومع قرار رسمي صدر بأنَّ يقتصر الحضور في القداس على أقارب الضحايا، ومدعى ذلك أقرب ما يكون إجراءات أمنية - حسب خبراء، إلا أنَّ المئات تجمَّعوا أمام "العذراء".. أدُّوا صلاتهم للشهداء، ترحمًا على ضحايا الهجوم. فيري.. الإرهاق ينقذ من الموت سيدة نجت من الحادث.. وقفت تبكي في ذهول، أنقذها الإرهاق من الموت، فبعدما شعرت بأنَّها متبعة عادت إلى منزلها برفقة أولادها الثلاثة، لكنَّها عادت إلى الحياة وليس إلى بيتها. تقول فيري بذهول: "لقد أنقذني القدر أنا وأطفالي الثلاثة، فبعد أن أنهيت صلاة الليل، ومكثت داخل الكنيسة حتى الثامنة صباحًا، شعرت بإرهاق شديد ما دفعني للعودة إلى المنزل". وأضافت: "سمعت بخبر التفجير من وسائل الإعلام فور عودتي للمنزل، فعدت مسرعة للكنيسة لأتابع الحادث وأطمئن على أصدقائي". بيتر.. أشلاء ممزقة وسط الخشب والكراسي قريبٌ منها، لكن بملابس ملطخة بالدماء، وعيون لم تجف من الدموع وجسد يرتعش، وقف "بيتر" يسترجع ذكريات الساعة الماضية التي فقد خلالها أمه وشقيقته مع عشرات غيرهما كانوا يؤدون الصلاة. بيتر قال إنَّه سارع بمجرد سماعه دوي الانفجار إلي قاعة النساء لإنقاذ أمه وشقيقته، لكنه وجدهما "أشلاء ممزقة وسط كراسي وأخشاب محطمة". وأضاف: "فقدت السمع لبعض الوقت بسبب صوت الانفجار القوي، كما أصبت بإنهيار عصبي ما زلت أعاني منه حتى الساعة"، قبل أن يعود ويكرر "فقدت أمي وشقيقتي في ثوان معدودة". كلمات تواضروس وفي القداس، قال البابا تواضروس بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية: "الكنيسة منذ بدايتها تقدم الشهداء منذ أطفال بيت لحم وحتى الآن". وأضاف: "نرضى ونقبل بكل ما يسمح به الله ونؤمن أن كل ما يحدث بسماح من الله ضابط الكل.. هذا المصاب الأليم لا يخص الأقباط وحدهم ولكنه مصاب الوطن بأكمله". وتابع: "من قام بهذا الشر قلبه لا توجد فيه أي إنسانية، ومن دبَّر هذا الحادث الأليم لن يذوق راحة من أجل عذاب ضميره والله سيدين الأحياء والأموات". اجتماع الرئيس وحكوميًّا، عقد الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم، اجتماعًا أمنيًّا مصغرًا بحضور المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، وعددٍ من المسؤولين الأمنيين. وناقش الاجتماع - حسب بيانٍ صادرٍ عن رئاسة الجمهورية - الموقف الأمني في ضوء حادث التفجير الذي وقع أمس بالكنيسة البطرسية الملحقة بكاتدرائية العباسية، وأسقط 23 قتيلًا و49 جريحًا. وحضر الاجتماع الفريق أول صدقي صبحي القائد العام للقوات المسلحة، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، واللواء مجدي عبد الغفار وزير الداخلية، ومدير إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع، ورئيس هيئة الأمن القومي، ورئيس جهاز الأمن الوطني. العالم يدين ودوليًّا، نال الحادث إدانات واسعة، فأعربت دول السعودية والإمارات وفرنسا والبحرين والولايات المتحدة والكويت والمجر وبوليفيا ولبنان وفلسطين وإيران، فضلًا عن الاحتلال الإسرائيلي عن تعازيها لمصر. بيانات الإدانة تضمَّنت الدعوة إلى دعم مصر في جهودها لمحاربة الإرهاب، ودعت إلى ضرورة الإسراع في وضع استراتيجية محددة ومناسبة لمكافحة هذه "الآفة الدولية".